قال نائب رئيس مجلس الوزراء اللبناني عصام فارس ان "لبنان موافق على وجود القوات السورية على أرضه طالما ان الأوضاع الأمنية في المنطقة تستدعي ذلك"، معتبراً ان الاختلاف بين لبنان وبين الأممالمتحدة في القرار الرقم 1559 "اختلاف في مسألة توقيت هذا الانسحاب لا في مبدئه"، وطالب بتنفيذ القرار لناحية "انسحاب القوات الاسرائيلية التي لا تزال تحتل جزءاً من لبنان". والقرار 1559 كان مدار بحث بينه وبين الرئيس الاميركي جورج بوش الذي التقاه على هامش الجمعية العمومية للأمم المتحدة حيث ألقى فارس كلمة لبنان، مستهلاً اياها بتهنئة المندوب الغابوني لترؤسه الجمعية العمومية في دورتها ال59، منوهاً ب"العلاقة الطيبة التي تربط لبنان بالغابون". وشكر للرئىس السابق جوليان هانت "رئاسته الفعالة"، وقدر للأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان "جهوده للتوصل الى عالم يسوده الأمن والسلام". وقال فارس: "كنا نأتي الى هذا المنبر نطلب دعم المنظمة وكانت تتجاوب معنا وتتخذ قرارات داعمة لسيادة لبنان واستقلاله ووحدة اراضيه"، شاكراً لها "ارسالها قوات الunifil الى حدودنا مع اسرائيل، ودعمها المستمر عبر المؤسسات المتخصصة". وأضاف: "أما اليوم فنأتي وبلدنا قد تعافى واستعاد مكانته اذ انتقلنا من حكم الميليشيات الى حكم الدولة، ومن الفوضى الى الاستقرار والأمان، ومن التشرذم الى الوحدة". وأشار الى ان "عبارة "اللبننة" كانت تعني في اواخر القرن المنصرم، الفوضى والاقتتال، أما اليوم فباتت "اللبننة" تعني: الحرية والديموقراطية والتنوع والاعتراف بالآخر". وتابع فارس: "ان مجلس الأمن اتخذ في مطلع الشهر الجاري القرار الرقم 1559 المتعلق بلبنان، ولهذا القرار وجهان اقليمي وداخلي، فبالنسبة الى الوجه الاقليمي يطالب القرار بانسحاب كل القوات الاجنبية المتبقية فيه. فهناك قوات اسرائيلية لا تزال تحتل جزءاً من أراضيه مزارع شبعا والنقاط الثلاث ونحن نطالب معكم بالجلاء الفوري لهذه القوات، وبتوقف اسرائيل عن انتهاكاتها اليومية لأجواء لبنان". وأضاف: "هناك أيضاً قوات سورية موجودة في لبنان بناء على موافقة سلطته الشرعية، وبموجب معاهدات موقعة بين لبنان وسورية، ولبنان يوافق على وجود هذه القوات طالما ان الأوضاع الأمنية في المنطقة تستدعي ذلك. لبنان لا يريد ان يبقى ولو جندي واحد غير لبناني على ارضه، واذا كان هناك من اختلاف بيننا وبينكم بالنسبة الى هذا الوجه من القرار، فهو اختلاف في مسألة توقيت هذا الانسحاب لا في مبدأ الانسحاب، والتوقيت هو موضوع بحث مستمر بين الحكومتين اللبنانية والسورية وعلى ضوء التطورات الأمنية الاقليمية كما تراها الدولتان". وأكد فارس ان "للبنان موقفاً مؤيداً للمقاومة الوطنية التي أدت دوراً مهماً في تحرير الجنوب من الاحتلال الاسرائيلي". أما بالنسبة الى الوجه الداخلي المتعلق بتعديل الدستور، فاعتبر فارس "انه تدخل في شؤوننا الداخلية لا نرضاه"، مرجحاً ان "يكون الدستور اللبناني الصادر سنة 1926 هو أقدم دستور ديموقراطي في الشرق الأوسط". وأشار الى "ان المجالس البرلمانية المتلاحقة عدلته مرات لكن دائماً من ضمن آلية التعديل الواردة فيه وبأكثريات مطلقة". وقال فارس ان "لبنان بلد ديموقراطي يلتزم القانون الدولي، وأسهم في تأسيس المنظمة الدولية وأدى دوراً ريادياً في وضع الشرعة العالمية لحقوق الانسان". وأكد وقوف لبنان "الى جانب المنظمة الدولية في كفاحها ضدّ الارهاب العالمي بكل اشكاله، خصوصاً ان لبنان ذاق مرارة الارهاب وقتل الأبرياء والخطف والتنكيل وهو لذلك يشعر بما يحدث اليوم من اعمال ارهابية تخريبية ويتخذ موقفاً صارماً ضدّها، كما يقف ضدّ الذين لا يميزون بين الإرهاب والنضال من اجل التحرر والاستقلال". وأشار الى "جهات عدة تستثمر الإرهاب لتلبسه كل من جاهد في سبيل احقاق حق وشرف، أما الارهاب فجريمة وجبن". وشدد على ان "لبنان استعاد استقراره وحريته وهو ليس هنا ليطالب لنفسه بشيء بل للمنطقة التي يعيش فيها وهي تشهد غلياناً عنيفاً وتتطلع الى هذه المنظمة لإحلال السلام فيها". وطالب باسم لبنان المنظمة الدولية ب"الاسراع في حل قضيتها عبر تطبيق قراراتها بانسحاب اسرائيل من الاراضي التي احتلتها سنة 1967 واقامة دولة فلسطينية سيدة مستقلة، واعطاء الفلسطينيين حق العودة الى ديارهم". ودعا المنظمة الى "تحمل مسؤولياتها كاملة في تأمين الاستقرار في العراق واعادة سيادته". وطالب ب"ايجاد نظام اقليمي مستقر في الشرق الأوسط مبني على العدل وحق الشعوب في تقرير المصير، نظام يحول دون التسابق الى التسلح وهدر الطاقات ويلتزم جعل الشرق الاوسط منطقة خالية من اسلحة الدمار الشامل". ودعا الى "تشجيع قيام هيئات مدنية كخطوة اساسية على طريق الإصلاح اذ من دونها يبقى الكلام عن الديموقراطية والاصلاح مجرد كلام لا يمت الى الواقع بصلة"، مؤكداً دعم لبنان للأمم المتحدة و"انه سيسهم بجدية في كل بنود جدول الأعمال خدمة لأهداف هذه المنظمة المؤتمنة على حرية الانسان والسلام العام". وكان فارس عقد سلسلة لقاءات أبرزها مع الرئيس بوش والرئىس البرازيلي لويس ايناسيو لولا داسيلفا والأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى اضافة الى رئىس الوفد السوري وزير الخارجية فاروق الشرع. واذ شرح فارس خلال لقاءاته وجهة نظر لبنان ازاء كل القضايا المطروحة اقليمياً ودولياً بما فيها القرار الرقم 1559، بحث مع الشرع في تنسيق المواقف بين البلدين وقوما الاتصالات الجانبية التي يقودها كل من الطرفين على هامش الجمعية العمومية. فرنسا أخذت علماً... واعادة الانتشار مستمرة وفي باريس علقت الناطقة المساعدة باسم وزارة الخارجية الفرنسية سيسيل بوزو دي دورغو، معلنة ان بلادها أخذت علماً باعادة انتشار القوات السورية من مناطق في شمال لبنان وجنوب بيروت في اتجاه الحدود. وقالت: "ان اعادة الانتشار مدرجة ضمن المطالب المنصوص عليها في القرار الرقم 1559، ونأمل بأن تكون العملية بداية لانسحاب القوات السورية من لبنان". وفي اطار اعادة الانتشار أفيد عن عبور نحو 30 شاحنة عسكرية سورية و15 ناقلة جند نقطة المصنع الحدودية واتجهت نحو المواقع المنوي اخلاؤها لنقل الجنود والآليات والأعتدة.