سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
معاونوه السابقون يلعبون النرد والشطرنج ويخاطبون بعضهم بألقابهم القديمة ! . صدام يمضي وقته في قراءة كتب عن أمجاد العرب وشعر ب"استياء شديد" لدى سماعه باختيار الياور
بعد تسعة أشهر على سحب الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين مرتبكاً وفي وضع مزر في قرية الدور الواقعة قرب مسقط رأسه تكريت، يعيش صدام اليوم في زنزانة مكيفة يبلغ طولها ثلاثة أمتار وعرضها أربعة أمتار داخل أحد قصوره السابقة خارج بغداد، ويمضي وقته في العناية بالنباتات وقراءة القرآن وكتب عن أمجاد العرب السابقة، كما لا يزال يدعي بأنه الحاكم الشرعي للعراق. يقول مسؤولون أميركيون وعراقيون زاروه في زنزانته إنه يرتدي خفّين بلاستيكيين ودشداشة ويأكل وجبات جاهزة يتناولها عادة الجنود الأميركيون عند الفطور، كما يُسمح له بممارسة التمارين الرياضية لثلاث ساعات في ساحة خارج زنزانته. وكان صدام نُقل أخيراً بمروحية "بلاك هوك" أميركية الى مستشفى عسكري أميركي في بغداد حيث أجرى أطباء فحوصاً له أثبتت وجود تضخم في البروستات الذي يعتقدون بأنه مؤشر مبكر الى السرطان. كما خضع لساعات من التحقيق في اطار تحضير أدلة لمحاكمته بتهم القتل الجماعي وجرائم ضد الانسانية، لكنه رفض الاعتراف بأي أخطاء أو ابداء اي ندم لمقتل مئات الآلاف من الناس اثناء حكمه الديكتاتوري الذي دام 24 عاماً. وأصر على أن منصبه كرئيس للعراق منحه سلطة قانونية للقيام بما فعله وأن ضحاياه كانوا "خونة". ويقول مسؤولون أيضاً إن صدام يصر في كل لقاء معه على أنه ما زال الرئيس المنتخب دستورياً. ويدعي مسؤولون بأن صدام أقام في الحبس الانفرادي منذ اعتقاله في 13 كانون الأول ديسمبر الماضي خوفاً من محاولته التلاعب بأدلة أو تخويف مساعديه السابقين في السجن. لكن القسم الأكبر من 11 مسؤولاً مثلوا معه أمام المحكمة في الأول من تموز يوليو الماضي، يُسمح لهم بممارسة الرياضة سوياً وبلعب الشطرنج والقمار والنرد والداما. وبعيداً عن هذه الامتيازات، يواجه المسؤولون السابقون أموراً مذلة ومهينة أعفي منها صدام، ومن ضمنها حفر مراحيضهم. وعلى رغم سقوط النظام، ما زالت البروتوكولات الصارمة سائدة بين هؤلاء المسؤولين السابقين. يقول وزير حقوق الانسان بختيار أمين: "ما زالوا يخاطبون بعضهم بعضاً بألقابهم القديمة، السيد الوزير وغيره كما لو أن شيئاً لم يتغير". في السجن، يطالب صدام ببعض "الملذات" التي كان يتمتع بها لدى تنقله بين قصوره المختلفة. ويكشف أمين: "كان هذا رجلاً استخدم نظامه لتحويل أجساد البشر الى لحم مفروم. ويجلس الآن في زنزانته ويطالب بالكعك والسيكار". ويحتجز صدام ومعاونوه في "كامب كروبر" المجمع الشديد التحصين الواقع خلف جدران شاهقة تعلوها أسلاك شائكة، فيما تنتشر أبراج مراقبة خلف الجدران. داخل زنزانة صدام، ينام الرئيس المخلوع على فراش يمكن تحويله الى كنبة، فيما تجاورها طاولة وكرسي بلاستيكية، كما يحصل على كميات من المياه والثلج وسجادة صلاة وحق الاختيار بين 170 كتاباً توفرهم اللجنة الدولية للصليب الأحمر. ويقرأ صدام كتباً باللغة العربية بنظارات سميكة، ومن ضمنها قصص يعود تاريخها الى ألف عام عندما كانت بغداد عاصمة الخلافة الاسلامية العهد العباسي. وأثناء زيارات صدام الى مستشفى عسكري داخل المنطقة الخضراء، يتمتع الرئيس السابق ببعض "الاستقلالية"، اذ يعالجه أطباء عسكريون أميركيون وآخرون عراقيون كانوا ضمن طاقمه الرئاسي ابان فترة حكمه. ويقول مسؤولون في مستشفى ابن سينا حيث يُعالج، إنه خضع لفحوص دم وأخرى بالأشعة أكدت أنه يعاني من تضخم في غدة البروستات وفتق ومتاعب في احدى عينيه. لكن صدام رفض الخضوع لعملية استئصال نسيج من الغدة لاجراء فحوص مجهرية عليها لمعرفة اذا كانت حاله ناتجة من سرطان فيها. وعلى رغم ذلك، يرى مسؤولون في المستشفى أن "لديه وقت كاف" و"ليست هناك حالة صحية تمنعه من المثول أمام المحكمة". وكشف طبيب آخر أن صدام ساعد طبيباً أميركياً أثناء اجرائه فحص دم بالضغط على الشريان لوقف النزيف، ونقل عنه قوله للطبيب باللغة الانكليزية: "ربما كان يجب أن أكون طبيباً بدلاً من سياسي". وفي الساحة المجاورة لزنزانة صدام، وضع الرئيس العراقي المخلوع حجارة بيضاء حول نباتات يهتم بها، ما أثار دهشة أمين الذي قال: "انها سخرية التاريخ . هذا الرجل الذي ارتكب أكبر جرائم في حق الطبيعة في التاريخ عندما جفف الأهوار في جنوبالعراق، واستخدم الأسلحة الكيماوية ضد 250 قرية كردية... هو اليوم بستاني!". وكشف أمين أن صدام حُرم من الصحف والاستماع الى الراديو ومشاهدة التلفزيون، ولهذا علم القليل عن الأحداث السياسية في العراق بعد اعتقاله. لكنه قال إن الحاكم السابق استاء لدى اعلامه بأن الولاياتالمتحدة عينت غازي الياور ليخلفه رئيساً للعراق. وزاد: "اهتز وكان مستاءً جداً ولم يستطع تقبل الأمر. انه مصاب بجنون العظمة ومختل نفسياً. لم يبد أي ندم ازاء ضحاياه. انه رجل بلا ضمير. انه وحش". وكشف جنرال أميركي أن الجيش عرض على صدام جلسات علاج نفسي مع أطباء أميركيين، لكنه رفض ذلك، وفعل جميع معاونيه السابقين الشيء ذاته. وعلى رغم ذلك، يراقب فريق من الجيش الأميركي المسؤولين ال12 السابقين، خصوصاً أثناء التحقيقات بحثاً عن أي مؤشر الى أن أحداً منهم يفكر في الانتحار، كما اضاف الجنرال الأميركي. لكن مسؤولين آخرين أعطوا صورة مغايرة، اذ يقولون إن بعض هؤلاء المسؤولين يعاني من احباط ويشتكى بمرارة من حرمانهم من الزيارات العائلية.