تدفع الظروف الأمنية المضطربة وانعدام الثقة في الايداع المصرفي في العراق عدداً كبيراً من أصحاب الأموال إلى هجر المصارف الحكومية والأهلية في البلاد، والاتجاه إلى أسواق الذهب، مستثمرين أموالهم في شراء الذهب وتخزينه بانتظار ارتفاع أسعاره. ويتركز معظم الأسواق التي تدور فيها عمليات الشراء في شارع النهر، وأسواق الكاظمية التي تُعد بمثابة "بورصة المعدن الأصفر" وتُباع فيها المصوغات المحلية والمستوردة على حد سواء. وفيما تفضل النساء اقتناء المصوغات المستوردة، لدقة صياغتها، يُقبل المستثمرون على شراء المصوغات المحلية لقلة أجور العمل التي يتقاضاها الصاغة المحليون وتضاف إلى الأسعار. وزاد الاقبال على الذهب المستورد في الشهور الأخيرة، بعد تفشي عمليات الغش في ورش الصياغة المحلية لغياب الرقابة، نتيجة انحلال "الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية" بعد سقوط النظام العام الماضي. ويقول أسعد عبد الاله، صاحب محل صياغة، ان "عدداً كبيراً من الصاغة استغنى عن الذهب المحلي واعتمد على المستورد بعد انهيار السيطرة النوعية واختفاء الوسمة التي كان يُختم بها الذهب، ما أدى إلى ظهور كثير من حالات الغش، حيث يلجأ بعض الصاغة في ورش العمل إلى وسمة مزيفة وختم الذهب بها وفق العيار المطلوب". ويضيف: "لدى الصاغة خبرة كبيرة ويمكنهم اكتشاف ما إذا كان الذهب عيار 21 قيراطاً أو 18 قيراط. لكن المشكلة تكمن في المواطن الذي غالباً ما يقع ضحية للغش والاحتيال". من جهته، يشير حسن الجبوري، صاحب محل لبيع الذهب، إلى "صعوبة اكتشاف الغش الحاصل في ورش العمل، لأن معظم العاملين فيها يستخدم الذهب عيار 18 قيراطاً في اجراء عمليات تلحيم الذهب عيار 21 قيراطاً، وفي بعض الأحيان يستخدمون عيار 14 قيراطاً في التلحيم". ويؤكد ان "عملية الغش المذكورة تخفى بسهولة بعد جلي المعدن بالحامض، ما يصعب اكتشافها من قِبل الصاغة، ولا يمكن التمييز إذا كانت المصوغات لحمت بالعيار ذاته أو بعيار أقل". ولمح إلى "قيام بعض أصحاب محال بيع الذهب بتركيب العيار 21 قيراطاً على ذهب من عيارات أقل وبيعه إلى المواطنين بأسعار العيار ذاته". وتروي المواطنة ام عمر عن تعرضها للاحتيال عندما اشترت مصوغات ذهبية على اعتبار انها 21 قيراطاً. وبعد ثلاثة أشهر، قررت بيع المصوغات للصائغ نفسه، لكنها اكتشفت انه سافر خارج البلاد وان مصوغاتها من عيار 18 قيراطاً، ما أفقدها أموالها. اما عمار عدنان، فيقول انه اشترى خاتمين من أحد الصاغة على انها عيار 24 قيراطاً، وبعد أيام عرضهما على صاغة آخرين ليكتشف انهما من عيار 22 قيراطاً. ويمتنع معظم العاملين في شراء الذهب وبيعه عن اقتناء الذهب المصاغ حديثاً، ويفضلون المصوغات القديمة التي يعود تاريخها إلى ثمانينات القرن الماضي.