خلال الفترة التي تلت الحرب على العراق، وجد تجار وصاغة الذهب العراقيون ان اسواق الذهب تشهد تحسناً ملحوظاً وان المبيعات ارتفعت اكثر من 50 في المئة مقارنة بالفترة السابقة للحرب. ويعني ارتفاع مبيعات الذهب في بعض مؤشراته أن معدل انفاق العروسين على"النيشان"، وهو هدية الزواج، تضاعف مرات عدة، اذ أشار بعض الصاغة إلى ان معدل مشتريات العريس من المصوغات وصل إلى 600 دولار بينما لم يتجاوز قبل الحرب مبلغ 150 دولاراً. وتتنوع اسواق الذهب في بغداد وتتعدد وفق ما تلمس من اقبال ومهارة في الصنعة، فنكهة الكاظمية لا تشبه نكهة شارع النهر ولا تضاهي الاسواق الحديثة في الكرادة والمنصور. فالكاظمية، التي تعد اسواقها تراثية وعريقة، تتسع لأكثر من الف متجر متخصص في بيع المصوغات وشرائها. ويتوارث حرفة الصياغة الابناء عن الآباء، كما تعلم قسم من صاغتها المنحدرين من"آل عامل"في لبنان الحرفة وأجادوها. ولم يتغير سعر الغرام الواحد من الذهب عما كان عليه قبل الحرب، إذ يبلغ سعر شراء غرام واحد من الذهب اليوم 13 دولار في حين يصل سعر البيع إلى 16.5 دولاراً. ومعروف ان المثقال الذي يعتمده صاغة الذهب في العراق يوازي خمسة غرامات. وقال الصائغ حيدر في حي المنصور:"إن البغداديات يتهافتن على شراء الخواتم الذهبية ذات المنشأ الخليجي". وعزا أسباب الاقبال إلى الثقة بالمصدر مقروناً بالختم على القطعة الذهبية، إضافة إلى تنوع وجمال النقوش والتصاميم. وأشار الى ان تراجع حوادث السرقة التي تعرض اليها بعض محال الصاغة في الشهور الماضية أدى إلى انتعاش في سوق الذهب. وعزا الصائغ فاضل محمد من الكاظمية ارتفاع مبيعات الذهب إلى ارتفاع معدلات الرواتب والأجور وتوجه الشباب نحو الزواج مباشرة من"دون المرور على الخدمة العسكرية"كما كان سابقاً، وسعي النساء لتعويض ما فقدنهن من الذهب بسبب ظروف العراقالقاهرة. وأكد جودة الذهب العراقي وخضوعه لنظم السيطرة والتقييس النوعية الدولية، إلا أنه قال إن الانفلات الامني في العراق يعرقل نقل المصكوكات العراقية. وذكر ان عيار الذهب المفضل هو 18 و21 قيراطاً من المنشأ الخليجي، لافتاً الى ان روسيا تمتلك الاحتياط الأعلى في العالم وتليها جنوب افريقيا. وأشاد بسرعة تطور الاسواق العراقية وبمهارة اليد العاملة العراقية، مشيراً إلى ان نماء الاسواق واتساعها يحفز استيراد مكائن وقوالب حديثة يتم اعتمادها تقنياً لانتاج مصوغات ذات دقة وجمال. ويقول ليث وهو موظف حكومي:"بمقدوري تهيئة متطلبات الزواج خلال شهور ولم يكن بوسعي سابقاً التفكير بالأمر". أما السيدة أم أحمد، وهي مدرسة، فأكدت ان اقتناء الذهب حسب فلسفة المرأة العراقية زينة وخزينة.