سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مصادر عسكرية اسرائيلية تنفي الانسحاب من احياء المدينة وتتحدث عن تبديل للقوات ."الحياة" في رفح : جرافات الاحتلال سببت دماراً يصعب تخيله واتلفت البنى التحتية وشبكات المياه والكهرباء
بدت آثار عملية "قوس قزح" الانتقامية التي تنفذها قوات الاحتلال الاسرائيلي في مدينة رفح ومخيماتها منذ اربعة أيام، صادمة يصعب تخيلها او توقعها، بعدما حولت الجرافات الضخمة منازل اللاجئين الى اثر بعد عين. ومع ذلك بدت معنويات كثيرين من سكان المدينة المنكوبة الذين تحدثت اليهم "الحياة" مرتفعة، وعلى عكس عدد آخر من سكان حي البرازيل الذين نزحوا عن منازلهم خشية عودة جنود الاحتلال وتدميرها في العملية التي ما زالت متواصلة. أعاد الجيش الاسرائيلي موضعة قواته في احياء تل السلطان والبرازيل والسلام في مدينة رفح صباح امس بعد اربعة ايام على بدء عملية "قوس قزح" وهي العدوان الاسرائيلي الاكبر منذ اندلاع الانتفاضة. واصيب المواطنون بالصدمة، عندما شاهدوا آثار الدمار في المناطق التي انسحبت دبابات الاحتلال منها تمهيدا لاستبدال الجنود الذين عاثوا في هذه الأحياء فساداً وتدميراً طوال الايام الماضية. وكان من العسير احصاء عدد المنازل المهدمة في هذه الاحياء، الا ان التقديرات الأولية تشير الى هدم اكثر من مئة منزل في عملية انتقام وحشية، نكل خلالها الجنود الاسرائيليون بالسكان واعتقلوا عددا منهم. وقال أحمد 38 عاما من حي البرازيل حيث اعاد الجيش انتشاره، انه شاهد نحو 50 منزلا مدمرا كليا، فضلا عن عشرات المنازل المدمرة جزئيا. واضاف انه كان يرقب تصرفات الجنود والمواطنين من نافذة في منزله المكون من ثلاث طبقات اثناء العمليات العسكرية التي جرت في الحي في الساعات الماضية، مشيراً الى ان الجنود هدموا منزلا قريبا من منزله والمنازل الواقعة خلفه حتى احدثوا ما يشبه الشارع الجديد في المنطقة من دون اي سبب يذكر سوى الانتقام من المواطنين لجنودهم القتلى. ولفت الى ان المواطنين الذين تصدوا للجرافات نجحوا في منعها من هدم منازلهم او هدمها جزئيا، مشيرا الى ما فعله جاره خليل الواوي الذي خرج وزوجته واولاده من منزلهم ووقفوا امام الجرافة، ومنعوها من هدم المنزل، ما دفع سائقها الى التراجع. واضاف ان الامر نفسه فعله جاره عصام مطر الذي خرج وزوجته واولاده ووقفوا في طريق الجرافة بعدما هدمت غرفتين فتراجعت. وشدد في هذا السياق على اهمية الصمود امام آلة البطش الاسرائيلية، وقال: "لو هدموا منزلي فوق رأسي ورأس امي واخوتي وأولادهم فلن نغادره". وانتقد احمد بعض سكان الحي الذين نزحوا عن منازلهم بعد إعادة موضعة الجيش الاسرائيلي قواته في الحي، نافيا صحة الاشاعة التي تحدثت عن ان الجيش الاسرائيلي منح سكان الحي مدة ثلاث ساعات كي يخلوا منازلهم تمهيدا لهدمها. ودرت جرافات الاحتلال في الحي البنى التحتية وشبكات المياه والهاتف والكهرباء، فضلا عن تدمير حديقة صغيرة للحيوان كان يملكها مواطن من الحي. وتحدثت ابتسام خير الدين 38 عاما من حي تل السلطان الذي انسحبت قوات الاحتلال من داخله وما زالت تحاصره من الخارج وتمنع الدخول اليه او الخروج منه، عن الخوف الذي انتابها وأولادها طوال الايام الماضية. وقالت في حديث ل"الحياة" ان الخوف كان يستبد بها وبأولادها كلما ظهرت الطائرات المروحية في السماء او سمعت هدير محركات الدبابات قرب منزلها. وروى زوجها عبدالخالق كيف اطلق قناصة الاحتلال رصاصهم على احد الجيران عندما حاول ان يعطي جاراً له سيجارة بعد نفاد سجائره، فأردوه قتيلا. واشار في حديث ل"الحياة" الى ان الجنود اطلقوا النار ايضا على شاب من الحي استجاب نداءات الجنود لسكان الحي بالخروج الى احدى المدارس، فأردوه قتيلا. ونقل عدد من سكان الحي الذين استجابوا للنداء بالخروج من مدرسة وسط الحي ان الجنود قالوا لهم، وكان عددهم 600شخص، انهم يريدون اعتقال 50 منهم، فليختاروا هم هؤلاء الخمسين. ثم عاد الجنود وطلبوا اعتقال 50 اخرين، ثم نقلوا المعتقلين المئة في حافلات الى موقع عسكري قريب، قبل ان يعيدوهم جميعا بعد بضع ساعات قبل ان يعتقلوا ثلاثة فقط. في غضون ذلك، نفت مصادر عسكرية اسرائيلية ان يكون الجيش الاسرائيلي قد انسحب من احياء رفح، مشيرا الى ان ما حدث هو "عملية استبدال للقوات في المدينة". واضافت المصادر نفسها ان "الجنود ما زالوا ينشطون في منطقة رفح ... وان البحث عن الانفاق وتهريب الاسلحة والقتال سيستمر"، علما ان حي تل السلطان غير محاذٍ للشريط الحدودي ويبعد اقرب منزل فيه عن الشريط الحدودي اكثر من 700 متر. اما في حي البرازيل فمعظم المنازل التي دُمّرَت تقع على مسافة نحو 600 - 700 متر من الشريط الحدودي الذي تمركزت قوات الاحتلال عنده. وشيع الفلسطينيون جثامين 7 شهداء امس. لكن ذوي عدد من الشهداء في حي تل السلطان لم يتمكنوا من دفن جثامين ابنائهم بسبب الحصار الذي مازال مفروضا على الحي. انتقادات وفي هذا الشأن انتقد عدد من المواطنين المسؤولين المصريين الذين "لم يتحركوا للضغط على اسرائيل كي تسمح لنا بتشييع جثامين ابنائنا المحفوظة في ثلاجات الخضار منذ اربعة ايام" على حد قول احدهم ل"الحياة". واشاروا في هذا السياق الى التحرك المصري في شأن اعادة اشلاء جنود اسرائيليين قتلوا في حي الزيتون بمدينة غزة قبل ايام عدة. كما انتقد مواطنون اخرون "الجنود المصريين الذين لم يحركوا ساكنا وهم يرون عمليات القتل والهدم التي تتم على مرأى منهم" في اشارة الى الجنود المتمركزين على طول الجانب المصري من الشريط الحدودي وفي ابراج المراقبة العسكرية المصرية. الى ذلك، تظاهر نحو ألف متظاهر من فلسطينيي 48 واليهود اليساريين قرب معبر "كسوفيم" وسط قطاع غزة امس احتجاجا على "الجرائم التي ترتكب في رفح". ومنع الجيش الاسرائيلي ناشطي السلام الفلسطينيين والاسرائيليين من دخول القطاع. وقال لطيف دوسري سكرتير لجنة الحوار الفلسطيني - الاسرائيلي ان المتظاهرين يحتجون على جرائم الجيش الاسرائيلي في رفح. واضاف ان المتظاهرين حملوا صوراً لشارون كتب عليها "شارون رجل دماء". وتابع قائلاً: "سنواصل الاحتجاج حتى يخرج الاحتلال ليس من رفح وحسب بل من الضفة وغزة".