تصدّر المشروع الأميركي ل "الشرق الأوسط الكبير" محادثات الرئيس الفرنسي جاك شيراك خلال اليومين الماضيين محادثات مكثفة مع الرئيس المصري حسني مبارك، امس، وقبله مع العاهل الأردني الملك عبدالله وولي عهد قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، كما يلتقي شيراك في 11 آذار مارس الحالي رئيس الحكومة الفلسطينية أحمد قريع. وكانت فرنسا والمانيا وضعتا في هذا الاطار نصاً ضمنته أفكاراً تتميز عن المشروع الأميركي بعنوان "شراكة استراتيجية لمستقبل مشترك مع الشرق الأوسط". وتنشر "الحياة" غداً هذا النص الذي لم يطرح بعد على الاتحاد الأوروبي وسيقدم الى الرئاسة الايرلندية الاثنين المقبل ليناقش خلال القمة الأوروبية في 25 آذار الحالي. وقالت الناطقة باسم الرئاسة الفرنسية كاترين كولونا ان شيراك أكد خلال لقاءاته هذه استعداد فرنسا لدعم وتشجيع تحديث دول المنطقة، لكن عبر نهج "يقضي بالتعاون مع الدول العربية من أجل ضمان أقصى فرص النجاح". كما ركزت الرئاسة الفرنسية على "ضرورة عدم اعطاء الانطباع في اطار مسار تحديث المنطقة بأن الأمور تأتي من الخارج". وأكدت انها "منفتحة على هدفي الاصلاح والتحديث نظراً الى ضرورتهما وملاءمتهما لتطلعات الشعوب"، مشددة على أهمية التشاور مع دول المنطقة في هذا الشأن. وأوضحت الناطقة ان شيراك يرى ان هذه المساعي ينبغي ان يواكبها تقدم على صعيد حل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي. وذكرت ان الرئيس الفرنسي والعاهل الأردني اتفقا على البقاء على اتصال شبه يومي حول الموضوع، وذلك تحسباً للاستحقاقات المقبلة، ومنها القمة العربية وقمة الدول الصناعية الثمان الكبرى وقمة حلف شمال الأطلسي في اسطنبول. ورأى ملك الأردن انه ينبغي ان يصدر عن القمة العربية مشروع اصلاحات يطرحه الجانب العربي بشكل موحد. وتؤكد فرنسا والمانيا في هذا النص ان أي مبادرة للشرق الأوسط "ينبغي أن تستجيب لاحتياجات المنطقة وتطلعاتها والعمل على تغيير أوضاع شعوبها من خلال شراكة صادقة وتعاون ورؤية مشتركة تعمل على ارسائها الحكومات والمجتمع المدني". ويختلف النص الفرنسي - الألماني عن الخطة الاميركية من ناحية مبادئ العمل، اذ يؤكد ان جميع الدول والمجتمعات المعنية عبرت عن "معارضة مشتركة لمحاولة فرض نموذج من الخارج عليها"، ويعتبر أن حل الصراع العربي الاسرائيلي يحظى بأولوية في اطار الاستراتيجية الأوروبية. وفي هذا السياق ا ف ب اعتبر مساعد وزير الخارجية الاميركي المكلف الشؤون السياسية مارك غروسمان امس في بروكسيل ان المشروع الاميركي ليس "بديلاً" من عملية السلام الاسرائيلية - الفلسطينية "لكنه ليس عذرا لعدم القيام باي شيء في المقابل". وقال غروسمان امام سفراء الدول الاعضاء في الحلف الاطلسي: "قلت في كل محطة قام هذا الاسبوع بجولة عربية، ثم هنا، انه لا ينبغي لأحد ان يظن ان فكرتنا لدعم الاصلاحات في الشرق الاوسط ستكون بأي طريقة من الطرق بديلاً من اهتمامنا بعملية السلام في الشرق الاوسط ... والعكس صحيح ايضاً, اي انه لا يمكن انتظار احلال سلام شامل لتشجيع الاصلاح" في هذه المنطقة. ويذكّر النص الفرنسي - الألماني بالأفكار الأميركية ل "الشرق الأوسط الكبير"، ويرحب بإمكان العمل المشترك على هذا الصعيد لكنه يرى أن على الاتحاد الأوروبي ان يحدد مقاربة متميزة ومكملة للمشروع الأميركي. ويدعو الى العمل مع كل البلدان عن طريق الاستجابة بقدر الامكان لمتطلباتها وإرساء حوار وثيق مع الحكومات والمجتمع المدني، في ظل احترام حقائق كل بلد، والأخذ بمشاعره الوطنية وهويته. ويشير النص الى الآليات القائمة لدى الاتحاد الأوروبي لتطبيق مبادئ التحديث وحقوق الانسان والديموقراطية، والى ضرورة تعزيز الحوار السياسي مع دول مجلس التعاون الخليجي وتسريع المفاوضات من أجل منطقة تبادل تجاري حر. كما يؤكد أهمية تشجيع مبادرات التعاون الاقليمية الداخلية منها مثلاً بين الدول المتاخمة للخليج بما فيها العراق وايران. وعلمت "الحياة" من مصادر فرنسية ان شيراك لم يناقش النص مع ضيوفه العرب في انتظار طرحه على الاتحاد الأوروبي، لكنه استمع الى آرائهم في الموضوع وتوقعاتهم بالنسبة الى ما ستسفر عنه القمة العربية بشأنه.