في اول خطوة ديبلوماسية على طريق تسويق مشروع "الشرق الاوسط الكبير"، يبدأ مساعد وزير الخارجية الاميركي للشؤون السياسية مارك غروسمان اليوم، جولة على خمس دول شرق اوسطية لإقناعها باعتماد اصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية، في مقابل حزمة مساعدات اقتصادية وعسكرية، يتوقع ان تطرح امام قادة دول مجموعة الثماني وحلف الاطلسي والاتحاد الاوروبي في حزيران يونيو المقبل. وستشمل الجولة الاردن ومصر والمغرب والبحرين وتركيا. وفي هذا السياق، يصل غروسمان الى القاهرة مساء اليوم حيث يستقبله وزير الخارجية المصري أحمد ماهر غدا. وتتضمن محادثاتهما ترتيبات الزيارة المرتقبة للرئيس حسني مبارك في النصف الاول من نيسان ابريل لواشنطن. ومن المقرر ان يبدأ الرئيس المصري الخميس المقبل جولة أوروبية تشمل كلاً من ايطاليا وفرنسا وبريطانيا. رسالة تطمينات أميركية لمصر وأكدت مصادر ديبلوماسية غربية في القاهرة أن المبعوث الاميركي يحمل الى القاهرة ودول المنطقة رسالة تطمينات اميركية في إطار التأكيدات الاميركية التي اطلقها الرئيس جورج بوش ووزير خارجيته كولن باول من أن واشنطن لن تفرض شيئاً على دول المنطقة وان اقتراحات الاصلاح يجب ان تنبع من داخل دول المنطقة باعتبار أن لكل دولة ظروفها الخاصة. وقال مصدر رفيع المستوى في وزارة الخارجية الاميركية ل"الحياة" ان جولة غروسمان ستقتصر في هذه المرحلة على "الدول الحليفة التي تتلقى مساعدات اقتصادية وعسكرية اميركية، واظهرت جاهزية لتنفيذ اصلاحات سياسية". وزاد: "من المنطقي ان نبدأ بالدول الصديقة الاكثر استعدادا لاستجابة مبادرة الشرق الاوسط الكبير التي ستكون نواة التغيير نحو الديموقراطية في المنطقة". ولفت الى ان استبعاد اسرائيل والاراضي الفلسطينية من جولة غروسمان "يعود الى الاوضاع الامنية غير المواتية لبحث المبادرة مع الطرفين في هذه المرحلة". وسيعرض غروسمان خلال جولته عناصر المبادرة التي نشرت "الحياة" نصها في 13 شباط فبراير الماضي، بما في ذلك حزمة المساعدات الاقتصادية والعسكرية التي ستقدمها الولاياتالمتحدة ودول الاتحاد الاوروبي لدفع الدول المعنية نحو اجراء الاصلاحات المطلوبة. وتشمل الاصلاحات المساعدة في اجراء انتخابات حرة وانشاء وسائل اعلامية حرة، ومحاربة الأمية وتأسيس مصرف دولي لتنمية الشرق الاوسط، على غرار ما انشئ في اوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، وترجمة الكتب الى اللغة العربية وتخصيص 500 مليون دولار لمنح قروض صغيرة للأفراد، بخاصة النساء. وستشمل محادثات غروسمان في الدول الخمس لقاءات مع مجموعات من القطاع الخاص الى جانب القيادات السياسية الرسمية. ويتوجه المبعوث الاميركي بعد جولته مباشرة الى بروكسيل للتشاور مع المسؤولين في الاتحاد الاوروبي وحلف الاطلسي. وتأتي جولة غروسمان بعد ايام على اعلان السعودية ومصر رفضهما المشروع الاميركي، واكد بيان صدر عقب محادثات اجراها قادة المملكة مع الرئيس مبارك الثلثاء الماضي، ان زعماء البلدين اكدوا عدم قبولهم "فرض نمط اصلاحي بعينه على الدول العربية والاسلامية من الخارج"، مشددين على ان الاهتمام بتحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الاوسط "يستلزم ايجاد حلول عادلة ومنصفة لقضايا الأمة العربية والاسلامية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية وقضية العراق". ونفى وزير الخارجية الاميركي وجود اي نية لدى الادارة الاميركية لفرض اي خطة على المنطقة، وقال الناطق باسم الوزارة ان الافكار الاصلاحية "يجب ان تأتي من داخل المنطقة"، وان المبادرة "تأتي استجابة لاحتياجات المنطقة". وقالت مستشارة الرئيس الاميركي لشؤون الامن القومي كوندوليزا رايس ان مبادرة الرئيس جورج بوش تستند الى ثلاث قواعد اساسية هي: الدفاع عن السلام عبر مواجهة العنف والارهاب، والانظمة "الخارجة على القانون"، وحماية السلام بإقامة علاقات جيدة مع الدول العظمى، ونشر السلام من خلال السعي الى نشر فوائد الحرية والازدهار في العالم. وحذرت من ان القضاء على النظامين السابقين في افغانستانوالعراق "بعث برسالة واضحة الى كل من يدعم الارهاب، مفادها ان دعم الارهاب ليس استراتيجية ناجحة على المدى البعيد".