قال وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل إنه ليس في وسع الدول العربية التكهن بما سيحدث لمشروع الشرق الأوسط الكبير "لأننا لم نتسلم شيئاً رسمياً حوله، ولم نسمع إلا عبر الصحافة". جاء ذلك في تصريح أدلى به سعود الفيصل عقب لقاء عقده أمس مع الرئيس جاك شيراك في قصر الاليزيه، وهو الثاني في غضون أسبوع، وسط القلق على الوضع في العراق والجمود السياسي على صعيد النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي. وقال سعود الفيصل إن محادثاته مع شيراك تناولت المواضيع المتعلقة بالشرق الأوسط والصراع العربي - الإسرائيلي، إضافة إلى العراق وسط "توافق كبير في وجهات النظر بين البلدين". وأشار إلى أن مثل هذا التوافق "ليس غريباً لأننا لا ننظر إلى هذه القضايا إلا من زاوية الحلول الواقعية والعادلة". وعن المبادرة الأميركية للشرق الأوسط الكبير، قال: "نسمع عنها من الصحافة ولم نتسلم شيئاً رسمياً بشأنها حتى الآن". وأضاف: "بما أنها متعلقة بالشرق الأوسط فلا بد من أن تكون موضع بحث في إطار الجامعة العربية، وإذا حظيت بموافقة الدول العربية لإدراجها على جدول أعمال القمة العربية، فإنها ستبحث في القمة المقبلة". وتابع: "قبل أن نعرف ما هي ونتسلم نصها، لا استطيع أن اتنبأ بما سيحدث بشأنها". وعن موقفه من اقتراح وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دوفيلبان اطلاق إعلان للسلام والتنمية في الشرق الأوسط، قال إن ليس لديه تفاصيل هذا الإعلان، و"إذا وصلتنا هذه التفاصيل فلا شك أنها ستدرس". وتطرق إلى إعادة تحريك مبادرة قمة بيروت، فقال إن القمة التي أطلقت هذه المبادرة "طلبت أن تتولى اللجنة السباعية متابعتها، وان هذا ما سيحدث قبل القمة المقبلة". وأضاف ان اللجنة ستجري اتصالات دولية حول هذه المبادرة "لأننا نرى فيها تلازماً كبيراً مع خريطة الطريق، إذ أن الخريطة تحدد طريق سير المفاوضات، ولكنها لا تحدد نهايتها، فيما المبادرة العربية تحدد هذه النهاية، وهي السلام الشامل مقابل الانسحاب الشامل". وقالت الناطقة باسم الرئاسة الفرنسية كاترين كولونا، إن اللقاء بين شيراك وسعود الفيصل كرس للمواضيع الاقليمية وتطوراتها، وعلى رأسها العراق والشرق الأوسط، وانهما لمسا تطابقاً كبيراً في الآراء وتحليلاً مشتركاً للأوضاع. وأضافت ان الجانبين أبديا قلقاً حقيقياً حيال تطور الأوضاع في العراق والجمود المسيطر على عملية السلام. وأشارت إلى أنه على رغم ما قاله شيراك أول من أمس اثر لقائه رئيس وزراء البحرين من عدم توافر معلومات كافية عن المبادرة الأميركية، إلا أنها كانت محور نقاش خلال اللقاء مع سعود الفيصل، خصوصاً أن بعض الأطراف العربية بدأ يعطي رأيه فيها. وزادت أن المحادثات أظهرت رغبة مشتركة في مواصلة التشاور في المبادرة الأميركية في الشهور المقبلة لأن الولاياتالمتحدة ستستغل الاستحقاقات الدولية مثل قمة حلف شمال الأطلسي في اسطنبول وقمة الدول الصناعية الثماني الكبرى لطرحها. وتابعت كولونا ان لدى فرنسا والسعودية شعوراً مشتركاً بأن العمل الذي يهدف الى دعم جهود التحديث والاصلاح في العالم العربي والاسلامي ينبغي بالضرورة ان يترافق مع اعادة نهج التفاوض وصولاً الى تسوية في الشرق الأوسط. يذكر أن المبادرة الأميركية خالية من أي اشارة الى النزاع العربي الاسرائيلي وعملية السلام، لأنها تعتبر أن الديموقراطية والاصلاح في الشرق الأوسط ينبغي ألا يكونا رهينة عملية السلام هذه. في المقابل ترى فرنسا وفقاً لما عبر عنه وزير خارجيتها في معرض رده على المبادرة الاميركية، ان الأمرين متلازمان. ما شكل موضوع توافق بين الطرفين السعودي والأميركي. وذكرت أوساط مطلعة ان دوفيلبان قرر طرح الأفكار الفرنسية حول الشراكة مع دول الشرق الأوسط، لأن المبادرة الأميركية ستكون عرضة لتطورات، وأن فرنسا تعتبر أن هدفها جيد ولكن هناك عدداً من الاحتياطات التي ينبغي أن تواكبها لتتبلور بطريقة مشتركة ولا تفرض من الأعلى على دول لم تطلب شيئاً. وأوضحت ان هذا الموضوع سيشكل محور تفاوض ليس مع المملكة السعودية وحدها بل مع دول المنطقة في الفترة المقبلة، للوقوف على ردود الفعل المختلفة. وأشارت الى أن المبادرة الاميركية لم تأخذ بعد صيغتها النهائية لذا من الأفضل التحرك والتشاور فيها قبل أن تصبح أمراً واقعاً. وذكرت مصادر فرنسية ان موضوع المبادرة الاميركية الذي سيكون ايضاً موضع بحث على المستوى الأوروبي، اثير خلال قمة برلين الثلاثية فرنسا والمانيا وبريطانيا وان الموقف الذي عبر عنه رئيس وزراء بريطانيا توني بلير ربما أكثر ايجابية من الموقف الفرنسي لكنه يطرح التساؤلات نفسها. وعن دواعي حضور سعود الفيصل الى باريس ومقابلته شيراك للمرة الثانية خلال اسبوع قالت المصادر ان لدى السعودية قلقاً شديداً حيال العراق، سواء في أوساط الشيعة أو الأكراد والانقسامات الداخلية وانهيار البلاد واستمرار العمليات ضد قوات الاحتلال، وانعكاسات ذلك على الدول المجاورة.