تراجع سعر صرف الدولار، بعد أقل من اسبوع على اعادة انتخاب الرئيس جورج بوش، الى اقل مستوى امام"سلة عملات"منذ تسعة اعوام مقابل سعر صرف العملات الرئيسية. واقترب اليورو من مستوى 1.30 دولار في حين يُقدر ان يُسجل الاسترليني مستوى دولارين قريباً. ودفع تراجع سعر صرف العملة الخضراء الذهب الى الارتفاع الى 432.95 دولار للاونصة في حين تأثرت اسواق الاسهم سلباً. يواصل الدولار تراجعه امام العملات الرئيسية في العالم وسط قلق الشركاء التجاريين للولايات المتحدة من تأثير ذلك في القدرة التنافسية لصادراتهم الى السوق الاميركية. ويمثل تراجع الدولار مشكلة للدول التي تربط عملاتها الوطنية، مثل دول مجلس التعاون الخليجي الست، اذ تتراجع قيمة تلك العملات مقابل عملات كاليورو الاوروبي والين الياباني، التي تقوم بها واردات تلك الدول. وتتضاعف المشكلة للدول المصدرة للمواد الاولية المقومة بالدولار، كالنفط، اذ تهبط قيمة عائدات تلك الدول محسوبة باي عملات أخرى. وفي حالة دول مصدرة للنفط تربط عملاتها بالدولار تتراجع قيمة عائداتها بضعف نسبة تراجع الدولار. واذا أخذت تقديرات السوق ان الدولار فقد ربع قيمته تقريباً امام اليورو والاسترليني، وأقل من ذلك امام الين، يكون تراجع قيمة عائدات الدول المصدرة للنفط اكبر من الثلث ويقترب من النصف في بعض الاحيان. وتوقع محللون في السوق البريطانية ان يرتفع سعر الجنيه الاسترليني الى دولارين، اذا استمر تراجع العملة الاميركية، ما يشكل عقبة لتنافسية المنتجات البريطانية، خصوصاً ان"بنك انكلترا"المركزي، لا يستبعد احتمال رفع سعر الفائدة مجدداً، ربما الى خمسة في المئة قبل البدء في خفضها تدريجاً. ويعني ذلك استمرار قوة الجنيه، بسبب زيادة العائد على الودائع به في وقت يتراجع فيه الدولار. وكانت الاسواق الاوروبية الرئيسية انهت تعاملات الاسبوع الماضي وسط قلق شديد عندما قارب سعر اليورو حاجز دولار وثلاثين سنتاً، على رغم ارقام الوظائف الشهرية الاميركية التي جاءت افضل من توقعات السوق ولم تفلح في رفع سعر الدولار. وامس الاثنين، انخفض الدولار الى مستوى متدن جديد في مقابل اليورو، والى أقل مستوى في تسعة أعوام أمام سلة من العملات، وواصل مستثمرون تجاهل الدولار نتيجة مخاوف في شأن العجز التجاري الاميركي الضخم. وانخفضت العملة الاميركية الى 1.2985 دولار مقابل اليورو في التعاملات المبكرة، وقال محللون:"انها مسألة وقت فقط قبل ان يصل الى مستوى 1.30 دولار مقابل اليورو". وقال شهاب جالينوس من مصرف"ايه بي ان امرو"الاستثماري:"تعاني الولاياتالمتحدة من عجز في المعاملات الجارية وعجز في الموازنة ورئيس يبدو أنه غير مهتم بضعف الدولار، لذا لا يرى أحد سبباً لشراء الدولار في الوقت الحالي". وبدأ الاتجاه النزولي الاخير للدولار الاربعاء الماضي، فيما رأى مستثمرون ان ادارة الرئيس جورج بوش، بعد اعادة انتخابه، لن تتخذ اجراءات تُذكر لتقليص العجز. ويبلغ العجز في الموازنة نحو 427 بليون دولار، أو 3.7 في المئة من اجمالي الناتج المحلي، بينما سجل العجز في التعاملات الجارية 166.18 بليون دولار في الربع الثاني من السنة الجارية. وانخفض الدولار بصفة عامة مع تراجعه لاقل مستوى في تسعة أعوام أمام سلة عملات وأدنى مستوى في 12 شهراً مقابل الدولار الكندي وأقل مستوى منذ شهور مقابل الجنيه الاسترليني والين الياباني. وتدخلت اليابان بقوة في سوق النقد الاجنبي العام الماضي، وباعت نحو 35 تريليون ين 332.2 بليون دولار حتى اذار مارس الماضي، غير أن محللين يستبعدون أن تكرر طوكيو مثل هذا التدخل الضخم، نظراً لان اقتصاد اليابان في حال أفضل الآن. ونتيجة تراجع الدولار، ارتفع سعر الذهب الى أعلى مستوى منذ 16 عاماً، مقترباً من حاجز 435 دولاراً للاونصة في المعاملات الآسيوية صباح امس. وتحدد سعر الذهب في جلسة القطع الصباحية في لندن عند 432.95 دولار للاونصة، ارتفاعاً من 431.00 دولاراً في جلسة القطع المسائية الجمعة. وادى تراجع الدولار الى انخفاض مؤشرات الاسهم الاوروبية الرئيسية في بداية تعاملات الاسبوع، على رغم تراجع أسعار النفط. وتترقب السوق اجتماع لجنة السوق المفتوحة في مجلس الاحتياط الفيديرالي المصرف المركزي الاميركي التي يُتوقع الى حد كبير أن ترفع أسعار الفائدة ربع نقطة مئوية الى اثنين في المئة. الا ان رفع سعر الفائدة الاميركية قد لا يدفع سعر الدولار الى الاعلى برأي المحللين. ويرى كثير من المراقبين ان الادارة الاميركية ستظل تحبذ سياسة"الدولار الضعيف"كأداة لمواجهة العجز التجاري في الشهور المقبلة. كما ان تدخل المصارف المركزية الكبرى في العالم بشراء الدولار وبيع عملاتها الوطنية قد لا يكون بالزخم نفسه الذي جرى العام الماضي. وتشير تقديرات متشائمة الى ان الدولار قد يشهد تراجعاً اضافياً في قيمته بنحو الربع، اذا استمر معدل تدهوره الجاري.