تخشى سوق لندن ان يؤدي استمرار"العجز المزدوج"في الموازنة الاميركية الى تراجع سعر صرف الدولار الى مستويات متدنية جداً قد تصيب العملات الدولية المرتبطة معه والاقتصاد الدولي ب"العدوى"، ما سيؤدي لاحقاً الى عجز مشابه في موازناتها. ولا تستبعد سوق لندن ان يسجل اليورو مستوى يصل الى 1.4 دولار والاسترليني مستوى دولارين مطلع السنة المقبلة"اذا لم تتخذ الادارة الاميركية اجراءات مالية حاسمة". وكان الدولار تراجع امس الى ادنى مستوى امام"سلة عملات"لم يسجله منذ تسع سنوات. انخفض الدولار الاميركي امس الى أدنى مستوى منذ تسع سنوات مقابل"سلة عملات"واقترب من أدنى مستوى له على الاطلاق مقابل اليورو الاوروبي. وبعد تحسن طفيف استمر يوماً ونصف يوم في أعقاب اجتماع وزراء المال ومحافظي المصارف المركزية لمجموعة العشرين مطلع الاسبوع، استأنفت العملة الاميركية تراجعها وسط مخاوف في شأن العجز الضخم في ميزان المعاملات الجارية الاميركي. وقال محللون ماليون ان تعليقات من البنك المركزي الروسي تناولت امكان اعادة النظر في حصة اليورو من احتياطاته بالنقد الاجنبي تؤثر أيضاً في الدولار. الا ان تصريحات رئيس مجلس الاحتياط الفيديرالي الاميركي المصرف المركزي الان غرينسبان قبل ايام اعطت اشارة للسوق ان"العملة الاميركية قد تواصل الانخفاض وان سياسة الدولار القوي التي يكررها الرئيس جورج بوش ووزير خزانته جون سنو لا تعني الكثير". وعند ظهر امس انخفض مؤشر الدولار أمام سلة العملات الى 82.95 ليسجل أدنى مستوى منذ 1995. وارتفع اليورو الى 1.3093 دولار، ليسجل أعلى مستوى له على الاطلاق، متجاوزاً المستوى القياسي الذي سجله الاسبوع الماضي عند 1.3074 دولار، وارتفع الجنيه الاسترليني متجاوزاً 1.87 دولار للمرة الاولى في أربعة شهور. ونتيجة هبوط الدولار حافظ سعر الذهب على مستواه المرتفع، وتحدد سعره في جلسة القطع الصباحية في لندن امس عند 447.00 دولاراً للاونصة. ومع تجاوز عجز الحساب الجاري الاميركي 600 بليون دولار، اضافة الى عجز الموازنة، يتردد المستثمرون في الاحتفاظ بالعملة الاميركية ويشترون بها عملات أخرى، في مقدمها اليورو والين. وكان غرينسبان اطلق تحذيراً غير مسبوق للادارة الاميركية كي تعمل على خفض"العجز المزدوج"في الموازنة والحساب الجاري والا خاطرت بتوقف المستثمرين الاجانب عن تمويل ذلك العجز نتيجة انهيار قيمة الدولار. وتحتاج الولاياتالمتحدة الى اكثر من 1.8 بليون دولار يومياً من الديون لتمويل العجز، يتوافر معظمها من دول آسيا التي تشتري سندات الخزانة المقومة بالدولار. وتلقفت الاسواق تحذير غرينسبان على انه مؤشر على عدم تدخل لوقف تدهور الدولار، وواصل المتعاملون بيع العملة الاميركية. ولا يتوقع المحللون ان تقدم المصارف المركزية الآسيوية، كاليابانية والكورية، على شراء الدولار لوقف ارتفاع اسعار عملاتها بسبب الخطر المزدوج من تركيز احتياطاتها الاجنبية بعملة تتراجع وكذلك تشجيع الاتجاه على انخفاض الدولار اكثر، ما يفيد في تقليل عجز الميزان التجاري الاميركي معها. وكان المصرف المركزي الياباني وحده باع ينات بنحو 302 بليون دولار العام الماضي لوقف ارتفاع الين في مقابل الدولار. ويبدو ان اجتماعات مجموعة العشرين في المانيا في عطلة نهاية الاسبوع لم تحسم مسألة التدخل لوقف انهيار الدولار، كما تقاوم الصين بشدة الضغوط لتحرير عملتها المرتبطة بالدولار، التي تقدر الاسواق انها سترتفع اكثر من عشرة في المئة اذا فكت بكين ارتباطها بالدولار. وفي مقابلة مع صحيفة"فايننشال تايمز"أمس، حذر نائب رئيس المصرف المركزي الصيني لي روغو واشنطن من لوم الآخرين على مشاكلها الاقتصادية. وأشار الى ان بلاده"لن تحرر عملتها قبل ان ترسخ نظاماً مالياً ومصرفياً قوياً يحمي الاقتصاد من تقلبات عملة معومة". وأكد ان بلاده لا ترغب في تراكم فائض تجاري ولا في زيادة احتياطها من العملات الاجنبية، التي وصلت الى 515 بليون دولار. ويتوقع المحللون في السوق ان تتضاعف نسبة تراجع الدولار مقابل اليورو، التي وصلت الى 15 في المئة، كي يمكن للادارة الاميركية الوفاء بتعهدها خفض عجز الحساب الجاري الى النصف. ويعني ذلك امكان ان يصل سعر اليورو الى 1.4 دولار، وان يرتفع الين مقابل الدولار. وفي جانب الاسترليني، الذي ارتفع مقابل الدولار في العامين الاخيرين بنسبة 20 في المئة، يتوقع المحللون ان يصل الى دولارين، حتى مع توقع الا يرفع"بنك انكلترا"الفائدة مجدداً. ومن شأن ذلك ان يضر كثيراً بالشركات الاوروبية التي تعتمد على التصدير، سواء الى السوق الاميركية او اسواق الدول الاخرى التي تربط عملاتها بالدولار. وتعاني بالفعل شركات، مثل شركات صناعة السيارات، من تراجع اسهمها بشدة في الاسابيع الاخيرة بسبب استمرار هبوط الدولار.