حصل الدولار الاميركي على"هدنة"اوقفت تراجعه موقتاً بانتظار قرار مجلس الاحتياط الفيديرالي المركزي الاميركي اليوم في شأن مستوى الفائدة التي قد تُرفع اليوم بنسبة ربع نقطة مئوية الى 2 في المئة. وحذر وزير الخزانة الاميركي السابق روبرت روبن من ان"الدولار قد يتراجع اكثر وبسرعة اكبر، وقد ترتفع اسعار الفائدة اكثر اذا لم تعمل الادارة بسرعة على خفض عجز الموازنة". توقف تراجع الدولار امس الثلثاء، مع احجام المتعاملين في سوق العملات عن"البيع الكبير"الذي هوى بسعر العملة الاميركية بداية الاسبوع. وارتفع سعر الدولار مقابل الين الياباني في التعاملات الآسيوية، وكذلك امام اليورو بعد تصريحات رئيس المصرف المركزي الاوروبي جان كلود تريشيه التي اعتبر فيها ارتفاع سعر اليورو"قاسياً وغير مرغوب فيه". وعزز تراجع سعر اليورو صدور ارقام غير مشجعة عن نمو الاقتصاد الالماني، اكبر اقتصادات دول منطقة اليورو. وبدأت العملة الاوروبية الموحدة التراجع عن مستوياتها القياسية امام الدولار، اذ بلغت نسبة ارتفاع قيمتها في غضون اربعة اسابيع خمسة في المئة. وصمد الدولار بانتظار بيانات التجارة الاميركية وقرار الفائدة اليوم. في المقابل ارتفع سعر الجنيه الاسترليني نتيجة انخفاض العجز التجاري البريطاني. الا ان المحللين لا يتوقعون توقف الاتجاه النزولي للدولار قريباً، في ضوء ما يصفونه"بالتجاهل الحميد"من جانب الادارة الاميركية. واستقر سعر الدولار في اوروبا صباح امس عند 1.2920 دولار لليورو، مقارنة مع المستوى المنخفض القياسي الذي بلغه اول من أمس عند 1.2985 دولار. كما ارتفع الدولار أمام الين الى 105.79 ين من أدنى مستوى في سبعة شهور عند 105.28 ين، الذي وصل اليه بداية الاسبوع. وعلى رغم أن المخاوف في شأن عجز ميزان المعاملات الجارية الاميركي ظلت تطارد الدولار، فقد مال المتعاملون الى اعادة شراء العملة الاميركية بانتظار بيانات جديدة. وقال نائب مدير مجموعة الصرف الاجنبي في"اوزورا بنك"كوكي موروي:"السوق تلتقط انفاسها من موجة البيع الاخيرة للدولار، ولا يبدو أن عملية البيع ستُستأنف بكامل قوتها الان، اذ يشهد اليورو بعض التعديلات". واضاف:"اعتقد أن السوق ستشهد اقبالاً على شراء الدولار بأسعار بخسة قبل أن تعاود اختبار مستويات منخفضة". وهبط اليورو أمس بعدما أظهر مسح ان المستثمرين الالمان متشائمون بشكل متزايد ازاء التوقعات الاقتصادية. وتراجع مؤشر توقعات معهد الابحاث الالماني"زد اي دبليو"الى 13.9 نقطة في تشرين الثاني نوفمبر، من 31.1 نقطة في تشرين الاول اكتوبر، بانخفاض كبير عن متوسط توقعات السوق بوصول المؤشر الى 30.0 نقطة. وقال المعهد ان"ارتفاع اليورو يغذي مشاعر التشاؤم في شأن آفاق العمل للمصدرين الالمان". وفي لندن، ارتفعت أسعار صرف الجنيه الاسترليني مقابل الدولار واليورو امس، بعدما أظهرت بيانات انكماش العجز التجاري البريطاني على غير المتوقع في ايلول سبتمبر لارتفاع الصادرات الى أعلى مستوى منذ أكثر من عامين. وانكمش العجز السلعي الى 4.55 بليون جنيه استرليني، من 5.16 بليون في آب أغسطس، بينما كان المحللون يتوقعون ان يبلغ 5.1 بليون جنيه. وقال مكتب الاحصاء الوطني البريطاني ان"السبب الرئيسي للتحسن هو انتعاش الصادرات خارج دول الاتحاد الاوروبي". واستقر سعر الذهب في اوروبا صباح امس مع تحسن الدولار قليلاً، بعدما تراجع عن اعلى مستوياته في 16 عاماً، التي وصل اليها بداية تعاملات الاسبوع. وتحدد سعر الذهب في جلسة القطع الصباحية في لندن عند 432.30 دولار للاونصة. وعلى رغم الانزعاج الاوروبي من تراجع الدولار وارتفاع اليورو مقابله، يقول المحللون ان الادارة الاميركية مرتاحة وتتبنى سياسة"التجاهل الحميد"لتوجه هبوط سعر عملتها. وقال الاقتصادي في"ميريل لينش"ديفيد روزنبرغ ان الدولار، الذي فقد 36 في المئة من قيمته في اربعة اعوام، يهوي بشدة منذ اعادة انتخاب الرئيس بوش. واضاف:"ربما كان ذلك سيحدث بغض النظر عمن يفوز، لكن مع فوز بوش لا تفكر السوق سوى في تبعات عجز الموازنة وعجز الحساب الجاري، ومن شأن مقترح مثل جعل خفوضات الضرائب دائمة ان يضيف تريليون دولار للدين الفيديدرالي في السنوات العشر المقبلة". وقدر ان يؤدي تغيير الحد الادنى للضريبة الى اضافة 500 بليون دولار الى الدين، كما ان اعادة هيكلة الضمان الاجتماعي قد تزيد الدين بنحو تريليون دولار. وتساءل روزنبرغ:"كيف يخفض العجز ويبدو من المستحيل خفض الانفاق في نواح عدة، خصوصاً ان هذا الرئيس هو الاول من بين 175 رئيساً الذي لم يرفض التوقيع على اي قانون انفاق واحد". من جهته، حذر وزير الخزانة الاميركي السابق روبرت روبن من ان الدولار قد يتراجع اكثر وبسرعة اكبر، وقد ترتفع اسعار الفائدة اكثر اذا لم تعمل الادارة بسرعة على خفض عجز الموازنة. وفيما اعتبر انتقادات مبطنة لادارة بوش من وزير خزانة الرئيس السابق بيل كلينتون، قال روبن:"اذا بدأت الاسواق تخشى اضطراباً نقدياً، واذا سرى الخوف بين المستثمرين الاجانب، الذين يوفرون الانسيابات المالية التي اصبحنا نعتمد عليها بشدة، ستطالب الاسواق بنسب فائدة مرتفعة على الديون طويلة الامد وربما تؤدي الى مناخ من الاضطراب الحاد في اسواقنا المالية".