الغى رئيس الوزراء الفلسطيني احمد قريع ابو علاء على نحو مفاجئ زيارة كانت مقررة الى العاصمة الروسية بسبب تدهور الاوضاع في الاراضي الفلسطينية، في رابع تأجيل للزيارة التي كان يفترض ان تتم في تشرين الثاني نوفمبر الماضي. وكان من المقرر ان يصل ابو علاء اليوم الاحد الى موسكو، حيث وضع برنامج موسع للزيارة يشمل لقاءات مع رئيس الوزراء ميخائيل فرادكوف ووزير الخارجية سيرغي لافروف اضافة الى سكرتير مجلس الامن القومي ايغور ايفانوف. ووصف مسؤولون الزيارة التي طال انتظارها بأنها "بالغة الاهمية" واعتبر الناطق باسم الخارجية الروسية الكسندر ياكوفينكو انها ستشكل دفعة قوية للعلاقات بين الفلسطينيين وروسيا. لكن مكتب رئيس الوزراء ابلغ الجانب الروسي امس قبل ساعات من الموعد المحدد لوصول ابو علاء بأن الزيارة الغيت لاسباب تتعلق بالاوضاع المستجدة في الاراضي الفلسطينية. وكان اول موعد لهذه الزيارة تحدد في تشرين الاول اكتوبر الماضي، ثم طلب الجانب الفلسطيني تأجيله، واتفق الجانبان على موعد جديد في آب اغسطس لكن الزيارة الغيت مرة ثانية في الساعات الاخيرة وأُجلت الى النصف الاول من ايلول سبتمبر قبل ان تلغى مجدداً ويرحل موعدها الى اليوم. واعربت مصادر ديبلوماسية في موسكو عن مخاوفها من ان يسفر التأجيل المتكرر عن تراخي الموقف الروسي حيال الوضع في الاراضي الفلسطينية خصوصاً ان موسكو التي تعد واحدة من راعيي العملية السلمية في المنطقة واحد اعضاء اللجنة الرباعية الدولية المشرفة على عملية التسوية كانت ابدت اكثر من مرة موقفاً حازماً حيال المشاريع الاسرائيلية، خصوصاً في ما يتعلق بجدار العزل العنصري والاستخدام المفرط للقوة من جانب الاسرائيليين، كما شددت على ان اي تسوية قابلة للحياة في المنطقة لا يمكن ان تنجح اذا لم تسفر عن قيام دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة الى جانب دولة اسرائيل. وقالت المصادر الديبلوماسية ان الروس كانوا يرغبون في مناقشة الاوضاع المستجدة مع الجانب الفلسطيني واعلنوا استعدادهم لتفعيل دورهم وتعزيز اتصالاتهم في المنطقة. وتعرض "ابو علاء" واعضاء حكومته لانتقادات لاذعة من قبل المواطنين في قطاع غزة وكتائب شهداء الاقصى، الذراع العسكرية لحركة "فتح" التي يشغل قريع عضوية لجنتها المركزية. وهاجم مواطنون قريع لغيابه عن الاراضي الفلسطينية وتوجهه الى العاصمة الأردنية عمان في طريقه الى موسكو في وقت يشهد شمال قطاع غزة عملية عسكرية كبيرة، اطلق الجيش الاسرائيلي عليها اسم "ايام الردود" تهدف الى منع وصول قذائف صاروخية الى بلدة "سديروت" اليهودية الواقعة داخل الخط الاخضر الى الشرق من بلدة بيت حانون في القطاع. وتساءل عدد من المواطنين في احاديث منفصلة مع "الحياة" عن قريع، وطالبه بالقدوم الى القطاع للاطلاع على الاوضاع المأسوية التي يعيشها المواطنون في شمال القطاع، الذي ترتكب فيه قوات الاحتلال الاسرائيلي مجازر بشعة منذ اربعة ايام راح ضحيتها اكثر من 50 شهيدا ومئات الجرحى. وفي نداءات حيّة بثتها اذاعات محلية في القطاع شن مواطنون هجوماً عنيفاً على قريع، وعلى عدد من الزعماء العرب الذين لاذوا بصمت رهيب ازاء جرائم الحرب التي يتعرض لها الفلسطينيون في محافظة شمال غزة. وقال بعضهم ان "العرب مثلهم مثل الغرب لا يتحركون سوى لاعلان هدنة او وقف النار، وعندما تكون اسرائيل في ورطة اما عندما يقتل الفلسطينيون فلا احد يحرّك ساكناً، ولا يتحرك، وحتى لم نعد نسمع عبارات الشجب والاستنكار منهم". ولم يستثن المواطنون الوزراء، الموجود عدد منهم خارج فلسطين، ولم يتوجه اي منهم الى القطاع. ومن جانبها اصدرت كتائب شهداء الاقصى بياناً ضد قريع بعنوان "على وقع المجزرة قريع يقرر الاستجمام في الاردن". وقالت كتائب الاقصى في بيانها انه "في هذه الظروف الخطيرة حيث يتعرض ابناء شعبنا الى سلسلة متواصلة من المجازر البشعة على امتداد محافظة شمال غزة التي تضم مخيم وبلدة جباليا، وبلدتي بيت حانون وبيت لاهيا، تعالت الاصوات باحثة عن دور المؤسسة الرسمية، ومطالبة بحضور ابو علاء الى غزة للقيام بواجبه كرئيس للحكومة، وتشكيل غرفة طوارئ من بقايا حكومة العجز التي يرأسها لتتحمل مسؤولياتها الوطنية في ادارة العمل الفلسطيني، ومعايشة اهلنا في هذه الأزمة الكبيرة بما يكفل تعزيز الصمود والمقاومة وتنظيم عمل الاجهزة الأمنية والعسكرية للقيام بواجباتها الوطنية وتفعيل الديبلوماسية لاستقطاب الضغط الدولي على حكومة الاحتلال اسرائيل لإيقاف هذا العدوان الذي ينذر بحدوث كارثة انسانية". وطالبت الرئيس ياسر عرفات الذي عقدت الحكومة في مقره المحاصر بحضور قريع امس "بوضع حد لهذه الحكومة الفاشلة التي ولدت مشلولة وعاجزة ولم تقدم اي معنى لوجوها". كما طالبت اعضاء المجلس التشريعي الذي منح الحكومة الثقة قبل نحو عام "بالوقوف امام مسؤولياتهم الوطنية في انهاء ولاية هذه الحكومة، ويتم تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة قادرة على تحمّل اعباء ومسؤوليات هذه المرحلة الخطيرة على اساس تعزيز برنامج الصمود والمقاومة ويتلاءم مع ارادة شعبنا المناضل".