بدأ مشروع" تحالف الحضارات" الذي طرحه رئيس الوزراء الاسباني خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو خطواته الاولى بدعوة غداء وجهها وزير الخارجية ميغيل انخيل موراتينوس للسفراء العرب. ورغم تعدد اللقاءات التي جمعت موراتينوس مع السفراء العرب بعد توليه منصبه الوزاري، إلا أنه اراد هذه المرة اضفاء الصفة الرسمية من دون جدول اعمال مسبق على حفلة الغداء، فتناول خلاله مواضيع سياسية وثقافية مختلفة، منها ما هو قديم، طرح عليه سابقاً عندما كان مديراً للسياسة الخارجية او خلال لقاءاته المتعددة التي لم تنقطع مع السفراء عندما كان المبعوث الاوروبي لعملية السلام في الشرق الاوسط، ومنها ما هو جديد توافق على طرحه مجلس السفراء العرب بعد فوز الاشتراكيين بالانتخابات. عرض موراتينوس نظرته ورؤية حكومته الى مشروع تأسيس "البيت العربي" في مدريد في الربيع المقبل، شارحاً أنه سيكون بمثابة "واجهة لنشر الغنى الثقافي والتاريخي والاجتماعي للعالم العربي" اضافة الى جعله "مركزاً للتأمل والتفكير في المصالح المشتركة". و قال ان حكومته تريد ان يكون للدول العربية صوت و رأي "واحد" - "اذا كان ذلك ممكناً" - في رعاية هذه المؤسسة الى جانب حكومة مدريد المحلية وبلديتها. العاصمة الاسبانية ستستضيف هذا المشروع ومنشآته الرئيسية، وسيتم انشاء فرع له أو "محطة ارسال" في مدينة قرطبة الاندلسية لتشجيع نشاطات البحث الاكاديمي. تحدث موراتينوس عن الاهمية التي توليها حكومته لتفعيل الحوار الاورو متوسطي سياسياً واقتصادياً وثقافياً في القمة التي يتم الاعداد لعقدها خلال تشرين الثاني نوفمبر سنة 2005، بمناسبة الذكرى العاشرة لمؤتمر برشلونة. أما في السياق السياسي فأكد ان "أحد الاهداف "المساهمة في التحول وكي تتعمق دول العالم العربي في الاصلاحات الداخلية التي بدأتها"، مشيراً الى "ان المجتمع المدني الاوروبي وكذلك العربي سيلعبان دوراً مهماً في هذا المشروع الثقافي المشترك والطموح". واوضح ان تعديل المشروع الاورو متوسطي في جانبه الاقتصادي سيكون مرتبطاً بسياسة حسن الجوار الاوروبية الجديدة. وأبدى السفراء العرب دعمهم الكامل للمبادرة الاسبانية المتعلقة ب "تحالف الثقافات"، التي سيطرحها موراتينوس في القاهرة على مجلس الجامعة العربية بعدما طرحها ثاباتيرو في الاممالمتحدة. وأكد السفراء ارادة دولهم في المساهمة بمشروع "البيت العربي" الثقافي الضخم. وعلى رغم الطابع الثقافي للموضوع الرئيسي للمأدبة، إلا أن ازمة الشرق الاوسط لم تغب عن اللقاء فكرر الوزير رهان بلاده على "مفعول خريطة الطريق الذي لا يزال سارياً"، وحذر من ان انشاء دولة فلسطينية تتعايش بسلام مع اسرائيل تحمل في طياتها حقوقاً للعالم العربي وواجبات عليه بالنسبة نفسها"، وفي هذا السياق كان كلامه قاسياً و متشدداً للغاية خصوصاً لدى حديثه عن "اعداء السلام لدى الطرفين". تجدر الاشارة الى ان موراتينوس شغل اوائل التسعينات منصب مدير "المعهد الاسباني العربي للثقافة" الذي كان تابعاً لوزارة الخارجية. و هو يعود اليوم، بعد نحو عقد من اقفاله، ليشرف على تأسيس "البيت العربي" على غرار "بيت اميركا" الذي يستقطب جميع الدول الاميركية التي تربطها باسبانيا علاقات ود ودم وثقافة وصداقة مثل تلك التي تربطها بالعرب.