أعلنت "جمعية المخرجين الأميركية" ترشيحاتها السنوية الخامسة والستين لجائزة أفضل مخرج، تلك التي تمنحها في مطلع كل عام. وستقام حفلة إعلان النتيجة وتوزيع الجائزة في السابع من شهر شباط فبراير، اي بين حفلتي الغولدن غلوب هذا الشهر وحفلة الأوسكار في الشهر المقبل. والذين فازوا بالترشيحات هذا العام هم: صوفيا كوبولا، إبنة "زعيم" السينما شبه المتقاعد فرنسيس فورد كوبولا، وكلينت ايستوود، آخر المحترفين الكلاسيكيين في السينما الأميركية، والنيوزيلاندي بيتر جاكسون، أمهر صانعي الأفلام الكبيرة اليوم، وغاري روس، وهو ثاني الجدد في الميدان بعد صوفيا كوبولا، وبيتر وير، المخرج الاسترالي المقل الذي يثير الأمواج كلما حقق فيلماً. أهمية هذه الجائزة هي أن من ينالها عادة ما يترك منصتها ليصعد منصة الأوسكار بعد ثلاثة أسابيع او أقل. يصبح ترشيحه الرسمي للأوسكار مؤكداً ووصوله الى أهم جوائز السينما الأميركية شبه محتم. السبب هو أن الذين يقومون بالإقتراع والتصويت في الجمعية - وكما يُقرأ من عنوانها - هم المخرجون أنفسهم وهؤلاء هم ايضا اصحاب الصوت الأقوى بين أصوات المقترعين في أكاديمية العلوم والفنون السينمائية التي تمنح الأوسكار. وما يؤكد ذلك ان 49 فائزاً بجائزة جمعية المخرجين الأميركيين، فازوا، في العام نفسه، بأوسكار أفضل مخرج، في الخمس والخمسين سنة الأخيرة. لكن هذا لا يعني أن من الممكن استشفاف النتائج مقدماً، كذلك لا يعني أن الأمر سهل حتى مع وجود مثل هذه الترجيحات الجاهزة. والواقع ان الإعلان عن ترشيح المخرجين الخمسة المذكورين، ينطوي على بضع مفاجآت مهمة، أولها أن بعض المخرجين الأكثر ظهوراً في ترشيحات "غولدن غلوب" التي ستعلن نتائجها في الخامس والعشرين من الشهر، والأكثر ترجيحاً لدخول سباق الأوسكار المقبل، تم استبعادهم من هذه الجائزة. إثنان منهم على وجه التحديد حققا فيلمين متشابهين لكونهما يدوران في سنوات الحرب الأهلية الأميركية او مباشرة بعدها، وهما "جبل بارد" لأنطوني منغيلا و"الساموراي الأخير" لإد زويك. منغيلا، وهو بريطاني، مرشح لجائزة غولدن غلوب كأفضل مخرج. اما اد زويك فخسر ترشيحه ل"غولدن غلوب" والآن بات مؤكداً انه لن يكون من بين المتسابقين للأوسكار ايضاً. المفاجأة الأخرى تتمثل في وجود المخرجة صوفيا كوبولا عن فيلمها العاطفي "مفقود في الترجمة". انه أصغر الأفلام التي وقف وراءها المخرجون المرشحون هنا، لأن ميزانيته لم تتعد ثلاثين مليون دولار مع بطلين غير مكلفين هما الكوميدي بيل موري والممثلة الجديدة سكارلت جوهانسن. هذا هو الفيلم الثاني لصوفيا كوبولا 32 سنة، وقد استقبله النقاد الأميركيون بالترحاب، بعكس ما فعلوا عندما حققت فيلمها الأول قبل أربع أعوام وهو "انتحار العذارى". كوبولا هي خامس امرأة يتم ترشيحها الى هذه الجائزة الى اليوم بعد الايطالية لينا فرتمولر والأميركيتين راندا هاينز وباربرا سترايسند والنيوزلندية جين كامبيون. ووالد صوفيا، المخرج فرنسيس كوبولا ربح الجائزة مرتين، مرة عن "العراب" الأول ومرة عن "العرّاب" الثاني. وفيلم غاري روس وعنوانه "سيبسكيت" وهو فيلم عن حصان بذلك الإسم كاد أن يُعدم لعدم صلاحيته لأي شيء، لكنه منح فرصة أخرى. كل من حوله في هذه الفرصة الجديدة، مالكه "جف بردجز" ومدّربه "كريس كوبر" وفارسه في السباقات توبي ماغواير مُنح على نحو او آخر فرصة جديدة في حياته. وبين الأفلام الخمسة، "سيبسكت" الوحيد المأخوذ عن قصة حقيقية، ولو أنه يبدو على الشاشة كما لو كان قطعة خيالية. المخرجون المرشحون يحملون فرصاً للفوز تكاد تكون متساوية لكن المرء يستطيع أن يقرأ بين السطور بحثاً عن أكثرها احتمالاً. "سيد الخواتم 3" واحد من أصعب وأفضل الأفلام في الإجمال، بينما "ميستيك ريفر" يعتبر أفضل فيلم حققه كلينت ايستوود منذ فترة، فيما فيلم "آمر وقائد"، حالة فنية تكاد تخلو من عيوب او هفوات. أما فيلم صوفيا كوبولا فهو الذي يُخشى عليه أولاً لكونه - من ناحية تقنية بحتة - أقل تحدياً من اي من الأعمال الواردة. وفيلم غاري روس "سيبسكت" جيد طالما تتوالى أحداثه، لكن الإنطباع بعد ذلك متفاوت. وغاري روس وصوفيا كوبولا هما مرشحان لأول مرة ما يعني أن عديدين في الجمعية سيفكرون بعقلية أن الأفضل منحها لمن له باع أطول. هذا يرجح كلاً من ايستوود وجاكسون ووير، لكن مع شعبية إيستوود وأحقية جاكسون يبدو أن المنافسة الفعلية ستدور بينهما فقط.