بعد المؤتمر الصحفي الباهت الذي جرى من خلاله إعلان جوائز الغولدن غلوب لهذا العام 2008، وذلك بعد قرار إلغاء الحفل السنوي المعتاد تضامناً مع الإضراب الذي تجريه نقابة الكتاب في هوليوود منذ ما يقارب ثلاثة أشهر، أصبح حفل الأوسكار، العرس السينمائي الأكثر جماهيرية حول العالم مهدداً بالإلغاء أو التأجيل حتى إشعار آخر. وربما يجدر بمحبي السينما ومتابعيها حول العالم أن ينتبهوا جيداً للوضع الراهن في هوليوود، إذ يبدو أننا نشهد منعطفاً تاريخياً ومهماً في صناعة السينما حول العالم يشبه منعطفات قليلة ماضية غيرت من مجرى صناعة السينما في الولاياتالمتحدة وفي العالم ككل. ولعل ما يضاعف من ضخامة التساؤل حول حفل الأوسكار لهذا العام هو أنه يأتي في سنة حرجة يكمل فيها حفل الأوسكار عامه الثمانين، ما يعني أن احتفالية مميزة وليس إضراباَ شديد التأثير والحصار هو ما كان يفترض أن ينتظره ويترقبه عشاق السينما حول العالم. ولكن ومع أسوأ التوقعات لحفل هذا العام، فإنه يحمل فرصة سانحة للتوقف والتأمل في تاريخ هذه الجائزة السينمائية الأشهر والأقدم حول العالم والوقوف على غرائبها وحقائقها في هذا التقرير. "أوسكار" يقترب من الثمانين يعد تمثال الأوسكار الذهبي أشهر علامة لجائزة سينمائية حول العالم. وبالرغم من أن الاسم الرسمي للجائزة هو "جائزة أكاديمية العلوم والفنون السينمائية للتميز" إلا أن شهرة التمثال طغت على الاسم الرسمي واضطرت الأكاديمية للاعتراف به كاسم بديل. وهذه هي قصة هذا التمثال الذي يقترب من عامه الثمانين عبر محطات سريعة من تاريخه الطويل. - يبلغ طول التمثال 34سم ويزن 3.85كغم - صمم التمثال على شكل فارس يحمل سيفا ويقف على شريط سينمائي - قام بتصميم التمثال بشكله الحالي الفنان "سيدريك جبسون" أحد منسوبي شركة "ماير غولدن ماير" إحدى كبريات شركات الإنتاج السينمائي في هوليوود - يصنع التمثال من مادة البريتانيوم التي هي خليط من القصدير والنحاس ويطلى في المرحلة الأخيرة من التصنيع بطبقة من الذهب - سبب تسمية التمثال باسم "أوسكار" غير مثبت تاريخيا ولكن أكثر القصص انتشارا حول السبب هو أن المشرفة على مكتبة الأفلام في الأكاديمية واسمها "مارغريت هاريك" قالت عندما شاهدت التمثال لأول مرة صنع فيها سنة 1928أنها تعتقد أن التمثال شبيه جدا بعمها أوسكار ومن هنا أخذت التسمية بالانتشار حتى اعتمدت رسميا من قبل الأكاديمية سنة 1939- منذ تأسيس الأكاديمية سنة 1927وحتى عام 2006تم صنع وتقديم 2622تمثال أوسكار - منذ التصميم الأولي للتمثال لم يتم تعديله سوى سنة 1946وذلك بزيادة مليمترات قليلة في طوله - تستغرق صناعة خمسين تمثالا ما بين ثلاثة إلى أربعة أسابيع من العمل - تقام سنويا عدة معارض متنقلة في الولاياتالمتحدة لعرض تماثيل الأوسكار للدورة القادمة قبل موعد انعقادها وذهاب الجوائز لمستحقيها - بحق لكل فائز عن كل فرع في المسابقة تمثال خاص به فيما يتعلق بالفروع التي يفوز بها أكثر من شخص "مثال: يستحق جائزة أفضل فيلم منتج الفيلم وعادة ما يكون عدة أشخاص وليس شخصا واحدا فيستحق كل منهم تمثالاً مستقلاً" أرقام قياسية في الأوسكار منذ انطلاق أول حفل لجوائز الأوسكار عام 1929وحتى الدورة الأخيرة منحت الأكاديمية أكثر من ستة آلاف تمثال أوسكار لعدد كبير من المبدعين الذين شكل إبداع كل واحد منهم لبنة في بناء الفن السينمائي. هذه الأعوام المديدة شهدت العديد من الأرقام القياسية والأحداث الغريبة نستعرض أهمها فيما يلي: الأفلام والأوسكار - يعد فيلم "تايتنك 1997" أكثر الأفلام ترشيحا لجوائز الأوسكار بواقع 14ترشيح أي أنه رشح لأكثر من نصف الجوائز. - كما يعد أيضا فيلم "تايتنك 1997" أكثر الأفلام فوزا بجوائز الأوسكار حيث حصل على 11جائزة من أصل 14ترشيح متساويا بذلك مع فيلم "بن حور 1959" الذي فاز بذات العدد من الجوائز من أصل 12ترشيحا يليهما تاريخيا فيلم "سيد الخواتم: عودة الملك 2003" الذي حصل على 11جائزة من أصل 11ترشيحا. - ثلاثة أفلام فقط عبر تاريخ الأوسكار تمكنت من حصد الجوائز الخمس الرئيسية "أفضل فيلم، إخراج، نص سينمائي، ممثل وممثلة" وهي: "حصل ذات ليلة 1934" "طار فوق عش المجانين 1975" "صمت الحملان 1991" - ثلاثة أفلام كانت الأسوأ حظا في تاريخ الأوسكار حيث اعتبرت الأكثر ترشيحا دون أن تحصل على فوز واحد وهي: "نقطة الانعطاف 1977" حصل على 11ترشيحاً. "اللون الأرجواني 1985" حصل على 11ترشيحاً. "عصابات نيويورك 2002" حصل على 10ترشيحات. الأفراد والأوسكار - يعد المنتج والمخرج والكاتب الشهير "والت ديزني" صاحب الرقم القياسي في الترشيح والفوز بالأوسكار في مختلف الفئات حيث بلغ عدد ترشيحاته للجائزة 64ترشيحا حصل منها على 22فوزا وأربع جوائز تكريمية. - "تاتوم اونيل" أصغر من يفوز بجائزة الأوسكار وذلك بحصولها على أوسكار أفضل ممثلة مساعدة عن فيلم "القمر الورقي 1973" وهي لا تزال في العاشرة. - حصلت الطفلة "شيرلي تيمبل" على أوسكار تكريمي عام 1935وهي في السادسة من العمر لمواهبها المتعددة في التمثيل والغناء والرقص. - في الثامنة من عمره ترشح "جاستن هنري" لأوسكار أفضل ممثل مساعد عن فيلم "كرايمر ضد كرايمر 1979" ليكون بذلك أصغر مرشح لجائزة الأوسكار. - الممثلة "جيسيكا تاندي" هي أكبر من يفوز بجائزة الأوسكار حيث كان عمرها 81عاما عند حصولها على أوسكار أفضل ممثلة عن دورها في فيلم "قيادة الآنسة ديزي 1989". - "جلوريا ستيوارت" أكبر من ترشح للجائزة على الإطلاق حيث كانت تبلغ من العمر 87عاماً عندما رشحت كأفضل ممثلة مساعدة عن فيلم "تايتنك 1997". - الممثل والمخرج والمنتج السينمائي "وارن بيتي" يمتلك رقماً قياسياً فريداً إذ إنه الوحيد الذي ترشح لأربع جوائز أوسكار في نفس العام عن نفس الفيلم بوصفه منتجاً ومخرجاً وكاتباً وممثلاً، حدث ذلك أولاً مع فيلم "الجنة تستطيع الانتظار 1978" ولم يفز وقتها بأي جائزة، وتكرر الأمر بعدها بثلاث سنوات مع فيلم "أحمر 1981" الذي فاز عنه بأوسكار أفضل إخراج. - المخرجان "جون فورد" و"جوزيف مانكفيز" يشتركان في إنجاز فريد من نوعه إذ تمكن كل واحد منهما من الفوز بأوسكار أفضل مخرج سنتين متتاليتين، "جون فورد" عن فيلمي "عناقيد الغضب 1940" وفيلم "كيف كان الأخضر واديا 1941". أما "جوزيف مانكفيز" ففاز عن فيلمي "رسالة إلى ثلاث زوجات 1949" وفيلم "كل شيء عن حواء 1950". - خيبة أمل مشتركة متساوية تقاسمها الممثلان "ريتشارد بورتون" و"بيتر اوتول" وذلك بترشحهما للأوسكار 7مرات بدون فوز واحد. - يعد الكاتب الشهير "جورج برناردشو" الوحيد الذي جمع بين جائزتي الأوسكار ونوبل حيث حصل "برناردشو" على جائزة نوبل في الآداب عام 1925ثم حصل على أوسكار أفضل نص سينمائي مقتبس عام 1939عن فيلم "بيجماليون" المأخوذ عن مسرحية "برناردشو" بنفس الاسم. - الممثل "بيتر فينش" تمكن من الحصول على الأوسكار كأفضل ممثل عن فيلم "الشبكة 1977" إنما بعد وفاته، حيث توفي "فينش" قبل حفل الأوسكار بأيام بنوبة قلبية. - الممثل "جيمس دين" كان أغرب حالا من "بيتر فينش" حيث رشح للأوسكار مرتين بعد وفاته! الأولى كأفضل ممثل عن فيلم"شرق عدن 1956" وفي العام التالي عن فيلم "العملاق 1957" وكان قد توفي بحادث مروري بعد الانتهاء من تصوير الفيلمين. - الأسطورة "شارلي شابلن" تلقى الترحيب الأطول في تاريخ الأوسكار عند تكريمه بجائزة أوسكار عام 1972عن مجمل أعماله حيث تلقى ترحيباً حاراً من الحاضرين وقوفاً لمدة خمس دقائق كاملة. - الممثلة الانجليزية "ماغي سميث" فازت بالأوسكار في ظروف غريبة حيث حصلت على جائزة أفضل ممثلة مساعدة عن فيلم "شقة كالفورنيا 1978" ووجه الغرابة في الأمر أن قصتها في الفيلم عن ممثلة انجليزية ترشحت لجائزة الأوسكار!! - شخصية العراب "فيتو كورليوني" هي الشخصية الوحيدة التي فازت بالأوسكار مرتين عبر "مارلون براندو" في الجزء الأول 1972و"روبرت دينيرو" في الجزء الثاني 1974- مهندس الصوت "كيفن أوكونيل" هو أكثر الأشخاص خيبة أمل في تاريخ الأوسكار حيث بلغ عدد ترشيحاته للجائزة ثمانية عشر ترشيحا دون أن يحقق فوزا واحدا! - الممثلة "هايتي ماكدانيال" تعتبر أول ممثلة أمريكية من أصول افريقية تحصل على الأوسكار عن دورها في فيلم "ذهب مع الريح 1939" . العرب في الأوسكار - النجم العربي المصري "عمر الشريف" هو الممثل العربي الوحيد الذي ترشح للأوسكار وكان ذلك عن دوره في فيلم "لورانس العرب 1962" والذي قام فيه بأداء شخصية الشريف علي بن الحسين - المخرجان العربيان الوحيدان المرشحان للأوسكار هما: الجزائري "رشيد بو شارب" مرتين عن فيلمي "غبار الحياة 1995" و"أيام المجد 2006"، والفلسطيني "هاني أبو أسعد" عن فيلم "الجنة الآن 2005" فوز.. ولا كلمة! - الممثلة "جين ويمان" فازت بأوسكار أفضل ممثلة عن فيلم "جوني بليندا 1948". كما فاز الممثل "جون ميلز" كأفضل ممثل مساعد عن فيلم "ابنة رايان 1970". وفازت الممثلة "هولي هنتر" كأفضل ممثلة عن فيلم "البيانو 1993". الذي يجمع بين هذه الأدوار الثلاثة هو أن جميع ممثليها حصلوا على جائزة أفضل تمثيل رغم أنهم لم ينطقوا بكلمة واحدة في أدوارهم لأنهم مثلوا دور شخصيات بكماء! رفض أوسكاري! - رغم كون "الأوسكار" الجائزة الأرفع سينمائيا حول العالم إلا إن ثلاثة أشخاص رفضوا الحضور لاستلام جوائزهم رغم فوزهم بها وهم: - الكاتب "دادلي نيكولز" الفائز بأفضل نص سينمائي مقتبس عن فيلم "المخبر 1935" بسبب إضراب نقابة الكتاب ضد الاستوديوهات السينمائية. - الممثل "جورج سكوت" الفائز بأفضل ممثل عن فيلم "باتون 1970" لرفضه الدخول في منافسة مع زملائه الممثلين على الجائزة!. - الممثل "مارلون براندو" الفائز بأفضل ممثل عن فيلم "العراب 1972" بسبب التمييز الذي تمارسه الولاياتالمتحدة عموماً وهوليوود على وجه الخصوص ضد السكان الأصليين لأمريكا "الهنود الحمر". عوائل أوسكارية عائلتي "كوبولا و"هيوستن" تمكنتا من الفوز بالأوسكار لثلاثة أجيال متعاقبة، الجد والأب والحفيد كالتالي: عائلة كوبولا الجد الموسيقار "كارماين كوبولا" فاز بأوسكار أفضل موسيقى تصويرية عن الجزء الثاني من "العراب 1974". الأب المنتج والكاتب والمخرج "فرانسيس فورد كوبولا" فاز بالأوسكار أكثر من مرة بدأها كاتباً لفيلم "باتون 1970" ثم بأوسكار أفضل نص سينمائي مقتبس عن فيلم "العراب 1972" ثم حصد 3اوسكارات عن الجزء الثاني من "العراب 1974" منتجا وكاتبا ومخرجا! الحفيدة الممثلة والكاتبة والمخرجة "صوفيا كوبولا" فازت بأوسكار أفضل نص سينمائي أصلي عن فيلمها "ضائع في الترجمة 2003". عائلة هيوستن الجد الممثل "والتر هيوستن" فاز بأوسكار أفضل ممثل مساعد عن فيلم "كنز جبال مادر 1948". الأب الكاتب والمخرج "جون هيوستن" فاز بأوسكاري أفضل نص سينمائي مقتبس وأفضل مخرج عن نفس الفيلم. الحفيدة الممثلة "انجليكا هيوستن" فازت بأوسكار أفضل ممثلة مساعدة لعام 1985عن فيلم "شرف بريزي". مخرجات أوسكاريات عبر تاريخ الأوسكار لم تتمكن أي سيدة من الفوز بأوسكار أفضل إخراج ولكن هناك ثلاث سيدات ترشحن للجائزة فقط وهن: الايطالية "لينا ويرتمولر" هي أول سيدة تترشح لأوسكار أفضل إخراج عن فيلم "سبع جميلات 1976". النيوزيلندية "جاين كامبيون" ترشحت للجائزة عن فيلم "البيانو 1993". الأمريكية "صوفيا كوبولا" ترشحت للجائزة عن فيلم "ضائع في الترجمة 2003". عربي في هوليوود المخرجون والأوسكار - المخرج "جون فورد" هو أكثر المخرجين فوزا بالأوسكار بواقع أربع جوائز من أصل خمسة ترشيحات. - المخرج "ويليام ويلر" هو أكثر مخرج رشح للأوسكار بواقع 12ترشيح فاز منها بثلاثة أوسكارات. الممثلون الأكثر فوزاً بالأوسكار - تعتبر الممثلة "كاثرين هيبورن" الأوفر حظا بجوائز الأوسكار عبر فوزها بالجائزة أربع مرات من أصل 12ترشيحاً. - تعتبر الممثلة "ميريل ستريب" الأكثر ترشيحا لجوائز الأوسكار بواقع 14ترشيحا فازت خلالها مرتين. الأوسكار والعالم - أكثر الدول فوزاً بالأوسكار "فئة أفضل فيلم أجنبي" هي إيطاليا حيث حصلت على عشر جوائز من أصل 27ترشيحاً. - أكثر الدول ترشيحاً للأوسكار "فئة أفضل فيلم أجنبي" هي فرنسا المرشحة للجائزة 34مرة فازت بتسع منها. - رشحت الجزائر للأوسكار عن فئة "أفضل فيلم أجنبي" أربع مرات فازت بأحدها عن فيلم "زي 1969" - رشحت فلسطين للأوسكار عن فئة "أفضل فيلم أجنبي" مرة واحدة عن فيلم "الجنة الآن 2005". كيف تشارك في الأوسكار؟؟ ربما يدور تساؤل في ذهن البعض عن مدى إمكانية المشاركة والترشيح لجوائز الأوسكار كونها أهم جائزة سينمائية عالمية؟ والجواب: أن كونها أهم جائزة سينمائية عالمية قد يضعف من فرص المشاركة بلا شك، ولكنه لا يمنع إمكانيتها. وهذه هي الشروط المطروحة للمشاركة في الترشيحات بشكل عام بالنسبة للأفلام الناطقة باللغة الانجليزية: - أن يكون الفيلم معروضا على بكرة سينمائية 35مم. - أن يتم عرضه في صالات السينما في ولاية كاليفورنيا في السنة السابقة من 1يناير إلى 31ديسمبر. - ألا يقل طول الفيلم عن 40دقيقة لكي يتنافس على جائزة الأفلام الطويلة وإلا فسوف يصنف كفيلم قصير وإذا ما توفرت هذه الشروط الثلاثة في أي فيلم ناطق باللغة الانجليزية فإنه يدخل تلقائيا ضمن الأفلام المرشحة في المرحلة الأولى والتي عادة ما تتم تصفيتها عبر لجان مشاهدة متخصصة ويعلن عن الترشيحات قبل موعد انعقاد الحفل بقرابة أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع. أما بالنسبة للأفلام المرشحة ضمن فئة "أفلام ناطقة بغير اللغة الانجليزية" فيتم ترشيحها من قبل الدول المنتجة لها وتمر عبر عدة لجان ترشيح حتى تصل في النهاية إلى خمسة أفلام مرشحة للفئة وتعلن باسم الدولة المنتجة. بقي أن نقول إن موعد اعلان ترشيحات الأوسكار سيكون في الثاني والعشرين من الشهر الجاري وما لم تتفاقم أزمة إضراب الكتاب فإن موعد الحفل لتوزيع الجوائز قد تحدد في الرابع والعشرين من شهر فبراير المقبل.