خطا مشروع انشاء قناة تلفزيونية فرنسية دولية، لتكون بمثابة "سي ان ان على الطريقة الفرنسية"، أولى خطواته الملموسة مع تلقي دائرة تطوير وسائل الإعلام التابعة لرئاسة الحكومة ثلاثة عروض تقدم بها كل من التلفزيون الرسمي الفرنسي بالتعاون مع إذاعة فرنسا الدولية "آر اف اي" وقناة "ال سي اي" الاخبارية التابعة لقناة "تي اف 1" الخاصة و"اي تيلي" التابعة لقناة "كانال بلوس" التي تبث بواسطة الكابل. وكان هذا المشروع بقي في إطار التمنيات منذ إعلان الرئيس الفرنسي جاك شيراك في شباط فبراير 2002، عن حاجة فرنسا الى قناة اخبارية دولية تنقل وجهة نظر فرنسا ومواقفها إلى العالم، وتكون قادرة على منافسة الأقنية الدولية الأخرى مثل "بي بي سي" و"سي ان ان". لكن المشروع راوح مكانه منذ ذلك الحين، بسبب غياب التمويل اللازم وبسبب حيرة السلطات المختصة ازاء البنية التي ستعتمد لتنفيذه وهل تكون من القطاع العام أو الخاص. وساهمت الحرب على العراق في تسريع وتيرة المشروع، اذ كشفت حاجة فرنسا بالفعل الى إسماع صوتها في الخارج، ما أدى إلى استدراج العروض التي ستبتّ في تموز يوليو المقبل لترى القناة الاخبارية الدولية النور سنة 2004. وبموجب دفتر الشروط الذي وضعته دائرة تطوير وسائل الإعلام، ينبغي أن تبث القناة الدولية بلغات ثلاث هي الفرنسية والانكليزية والعربية مع احتمال البث لاحقاً بالاسبانية أيضاً. ومن هذا المنطلق، يتضمن العرض الذي قدمه التلفزيون الرسمي الفرنسي واذاعة فرنسا الدولية، وهي أيضاً رسمية، بثاً لنشرات اخبارية كل نصف ساعة تفصل بينها برامج متنوعة ونقاشات، يعد جزء منها مباشرة باللغات الأربعة ويرفق الجزء الاخر بترجمة. ويلحظ هذا العرض، الذي علم أن كلفته تقدر بنحو 57 مليون يورو سنوياً، إمكان التعاون مع الوسائل الإعلامية الرسمية الأخرى مثل وكالة الصحافة الفرنسية وقناة "يورو نيوز" التلفزيونية وأيضاً قناة "تي في 5". ويقلّ عرض "ال سي اي" كلفة، اذ يعتمد شبكة البرامج التي تقدمها القناة، مع إضافة بعض برامج المنوعات اليها، تاركاً المجال مفتوحاً أمام صيغة مناصفة بينها وبين القطاع العام. وعلى رغم سوء أحوالها المالية، حرصت "كانال بلوس" على تقديم عرضها الخاص، كون "اي تيلي" التابعة لها قناة اخبارية جاهزة للاستخدام وتمتلك منصات بث موزعة على 47 دولة، خصوصاً في افريقيا واستراليا ومنطقتي البحر الكاريبي والمحيط الهندي. وفيما لم تتوافر معلومات عن كلفة عرضي "ال سي اي" و"كانال بلوس"، شكك بعض الأوساط بقدرة القناة الاخبارية الفرنسية على منافسة الأقنية الأميركية أو البريطانية، نظراً إلى تواضع تمويلها، وأشارت، على سبيل المثال، إلى أن موازنة "بي بي سي" السنوية تقدر بنحو 350 مليون يورو.