تُعِدَ قناة «الجزيرة» العدة «لهجمة» على فرنسا في الربيع المقبل. والمحطة القطرية التي تثير الأعاصير منذ اقتحامها المجال الإعلامي العربي، بدأت بإثارة البلبة وهي «تقتحم» باقة القنوات المدفوعة في فرنسا وتشتري «بمئات الملايين من اليورو» حقوق بث جزء من بطولات فرنسا وأوروبا لكرة القدم، ما سيصيب برأي بعضهم المشهد الإعلامي الفرنسي والفن السابع على حد سواء «بأذى أكيد»! قد تبدو العلاقة بين الرياضة والفن السابع عسيرة الفهم من دون توضيحات رئيس مجموعة «كانال بلوس» الفرنسية. برتراند ميهو نشر في صحيفة «لوموند» افتتاحية يحذر فيها من وصول «لاعبين أجانب»، وبالذات غوغل وقطر، إلى السمعي البصري الفرنسي، فهؤلاء يستفيدون من السوق الفرنسية من دون ان يخضعوا لما تخضع له المؤسسات الفرنسية من أحكام وقوانين ضريبية بسبب تمركزهم في بلدان أخرى مثل لوكسمبورغ مثلاً. «كانال بلوس» المشفرة التي كانت إلى اليوم تحتكر في شكل شبه كامل نقل مباريات الدوري الفرنسي والأوروبي، تستشعر خطراً اكيداً لدخول «الجزيرة» على الخط، «خطر» لن يمس «كانال» فحسب، بل كذلك المحطات المجانية مثل «تي اف1» التي تبث بعض مباريات البطولات، إذ ستتوقف تلك تدريجيا، برأي ميهو، عن هذا البث لعدم مقدرتها على مواجهة «اسعار ليست في متناولها». ستضطر كانال، أمام هذه «الأسعار الهائلة» التي تطرحها «الجزيرة» في السوق، إلى خوض منافسة صعبة ستؤدي حتماً إلى انخفاض مداخيلها. ومعروف أن تمويل السينما الفرنسية يعتمد على دعم جهات عدة ومنها الضريبة المفروضة على مداخيل المحطات التلفزيونية الفرنسية، فإذا علمنا أن «كانال بلوس» تساهم في تمويل ثلثي الافلام المنتجة سنوياً في فرنسا، سندرك «الأذى» على السينما الذي يشير إليه مدير مجموعة «كانال» في كلمته. يطالب مدير القناة السلطات في فرنسا بسن تشريعات جديدة تحمي السمعي البصري الفرنسي من المجموعات العالمية الكبرى التي تتمكن من العمل في الأسواق الفرنسية من دون أن تكون مجبرة على الخضوع لقوانينها. دخول «الجزيرة» المشهد الإعلامي الفرنسي «معركة غير متكافئة» من وجهة نظر مدير القسم الرياضي في «كانال بلوس». أشار الى هذا في تصريح نشر على موقع «بيور ميديا»، وتحدث عن «عدم لباقة» القناة القطرية في طريقة جذب الإعلاميين للعمل معها وانتقد نظرتها «للربحية» المختلفة عن بقية المحطات، «فبالنظر إلى المبالغ الضخمة التي صرفتها، يلزمها سنوات قبل الوصول إلى التوازن في موازنتها»، وبخاصة أنها لن تحصل على مشتركين كثر ما يوتر، برأي المدير، سوقاً تعتمد على المردودية وعلى المشتركين. يبدو إذاً أن «الجزيرة» غير مهتمة «بالمردودية»، ما قد يلمسه فوراً محبو بطولة الدوري الفرنسي في انخفاض ما في اسعار الاشتراكات لمشاهدة المباريات، لكنّ محبي الفن السابع عليهم ربما الانتظار قبل معرفة مدى تأثير دخول «الجزيرة» على خط «كانال بلوس».