الآن، وقد بات تحرير العراق وشعبه وشيكاً، أين ستخفي تلك الحكومات العربية والتجمعات السياسية التي أيدت بقاء طاغية بغداد، وتظاهرت ضد حرب تحرير العراق، وسمتها بالحرب على العراق وجهها؟ أين ستخفي وجهها من شعب العراق بعد أن تآمرت عليه مع جلاده، وجاهدت لعرقلة عملية تحريره، وتظاهرت رافعة صور الطاغية؟ وهي اعتادت الاستهانة بالمعارضة العراقية، ووصمتها بالخيانة والتعاون مع الأجنبي ضد وطنها، وسمتها - بحسب عبدالباري عطوان ومحمد المسفر ومصطفى البكري وقناة "الجزيرة" - بمعارضة الفنادق اللندنية؟ أم أنهم سيتعاملون صاغرين مع حكومة العراق الجديد، وسيتمسحون بها، ويسمونها بحكومة العراق الوطنية؟ فالتلون، بحسب الظرف، ليس غريباً على هؤلاء. أين ستخفي تلك الحكومات العربية وجهها؟ وهي باعت نفسها وضميرها لنظام صدام - على رغم عدائها التاريخي له - إما لمصالح مادية وسياسية آنية، أو لأنها تعلم أنها لا تقل ديكتاتورية عنه، وتخشى أن يصلها الدور. لقد استكثر هؤلاء الظالمون على شعب العراق المقهور حتى حق تقرير المصير وحق التحرير. أين سيخفي هؤلاء الحكام والتجمعات السياسية في البلدان المذكورة وجوههم - هذه التجمعات التي تستغل عواطف الشعوب وبراءتها - بعد أن ناصبوا شعب الكويت العداء، ووصفوه بالعمالة والخيانة والإمبريالية، وبالتنكر للعروبة والإسلام، لمجرد أنه يؤيد إزالة النظام المجرم الذي احتله ونكل به؟ لماذا يصر هؤلاء على أن يفرضوا على العراقيينوالكويتيين جلاداً يعاني منه سواهم، بينما تعتبر حكومات مثل سورية، ولبنان بالتبعية، والأردن وفلسطين، تأييد العرب لها - بل حتى حربهم الى جانبها - من المحيط الى الخليج ضد اسرائيل، من المسلَّمات؟ على رغم أنه لا توجد مشكلة مباشرة بين اسرائيل والدول العربية، غير المجاورة لها، سوى ايمانها بالتضامن العربي الذي يبدو أن الوحيدة التي لا تؤمن به حقاً، وتستخدمه للمزايدات والابتزاز، هي الدول العربية المجاورة لإسرائيل؟ ماذا كانت سورية، مثلاً، ستقول لو طالبتها بعض الدول العربية بقبول اسرائيل، كما تطالبنا هي بقبول صدام، ولو تحت ذريعة المحافظة على الشعب العراقي؟ أما كانت ستصف ذلك بالخيانة العظمى والمؤامرة؟ ثم إننا نتساءل: إذا كانت التجمعات والأشخاص يستكثرون على العراقيين، وشعوب الخليج، التعاون مع الغرب من أجل خلاصهم وأمنهم، أفليس الأولى بهم أن يتظاهروا ضد حكوماتهم التي أقامت أحلى العلاقات الديبلوماسية والثقافية والفنية، وحتى العسكرية، مع رأس الأفعى، اسرائيل؟ لماذا لا يطالبون حكوماتهم بقطع هذه العلاقات؟ لأنهم يعلمون المصير الذي سيلحق بهم إن هم تجاسروا على ذلك. لماذا لا يتظاهرون ضد قبول المعونات الأميركية، وغيرها من المساعدات والرشاوى الغربية، علماً أنه يتم اقتطاعها من أموال دافعي الضرائب الأميركيين والأوروبيين، بمن فيهم يهود وصهاينة، كأفراد أو مؤسسات؟ أم أن حكوماتهم تسمح لهم، وأحياناً تحرضهم، على التظاهر ضد شعوب العراق والخليج، التي تعتبرها هذه الحكومات والتجمعات الحلقة الضعيفة و"الطوفة الهبيطة" وهي لن تكون منذ اليوم كذلك؟ أم أنه حرام على بعضٍ أن يتعامل مع الغرب لحفظ أمنه الوطني، وحلال لبعض آخر أن يتعامل مع اسرائيل والصهيونية العالمية على هواه؟ الكويت - خالد أحمد السلمان عراقي مقيم