بعد انتهاء الحرب خرجت في موسكو تظاهرات كبرى تطالب بوقفها، واشار سياسي وثيق الصلة بالكرملين الى ان روسيا مستعدة للمشاركة في "قوات سلام" تعمل في العراق. واتهم رئيس الوزراء السابق يفغيني بريماكوف قادة "المؤتمر الوطني العراقي" بأنهم "نصبوا أنفسهم زعماء للمعارضة". وشدد على انه "لا يحق لهم الحديث باسم الشعب". وعلى رغم تسارع الأحداث واحتلال أجزاء كبيرة من بغداد فإن حزب "الوحدة" الموالي للرئيس فلاديمير بوتين أصر على تنظيم أكبر تظاهرة قرب السفارة الاميركية شارك فيها 100 ألف شخص. ورفع المتظاهرون شعارات تقول ان الرئيس الاميركي "جورج بوش زعيم حرب" وتشدد على ان "قرار الحرب والسلام ليس للبنتاغون" ورمى المتظاهرون البيض والطماطم على السفارة واحرقوا دولارات اميركية. وقالت النائبة الأولى لرئيس البرلمان ليوبوف سليسكا التي شاركت في التظاهرة ان الولاياتالمتحدة "شنت عدواناً ولم تؤسس لديموقراطية"، ولفتت الى ان الحجة التي اعتمدتها واشنطن عن أسلحة الدمار الشامل "لم يعد لها اثر". ويرى المراقبون ان تنظيم مثل هذه التظاهرة هو "رسالة" من الكرملين الى الولاياتالمتحدة يحاول بوتين من خلالها التأكيد على وجود ضغوط داخلية قوية، ويطالب واشنطن ب"تليين" موقفها حيال توفير دور مركزي للأمم المتحدة وللشركات الروسية في العراق. وينتظر ان تبحث معالم هذا الدور في القمة الروسية - الفرنسية - الألمانية في سانت بطرسبورغ السبت، وبعد تسرب معلومات عن الاتجاه الروسي الآن، فقد اشار سيرغي كاراغانوف رئيس مجلس الدفاع والسياسة الخارجية وهو منظمة غير حكومية تعد دراسات استشارية للكرملين، الى ان روسيا مستعدة للمشاركة في "قوات سلام" تضم اطباء ورجال شرطة ومهندسين يرتدون زياً عسكرياً ويعملون تحت علم الأممالمتحدة، ولكنه اشترط مقابل ذلك "ضمانات اقتصادية وسياسية" لم يوضح طبيعتها. ومن جانبه لم يستبعد السفير الاميركي في موسكو الكسندر فيرشبو مشاركة روسيا في تشكيل ادارة عراقية موقتة. وقال ان هذه الادارة "تشكلها الدول المتحالفة، ولكن من دون ان تبقى الأممالمتحدة والدول الكبرى ومنها روسيا بمعزل عن ذلك". واكد ديبلوماسي ذو صلة بالملف العراقي ل"الحياة" ان "الصراع الآن على الصياغات" مشيراً الى قرارات ستطرح على مجلس الأمن ل"تشريع الاحتلال". وفي هذا السياق لفت الانتباه تعليق المندوب الروسي الدائم في الأممالمتحدة سيرغي لافروف على ما جاء في بيان الرئيس بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير، عن اقامة صلة بين رفيق الدين احمد الذي عين مستشاراً للأمين العام للأمم المتحدة للشأن العراقي وأطراف التحالف. واكد لافروف ان أحمد "ليس لديه أي تفويض" لإقامة مثل هذا الاتصال، بل كلف اقامة صلات مع أعضاء مجلس الأمن واعداد توصيات عن دور الأممالمتحدة. ويشدد الاميركيون على ان دور الدول غير الحليفة لهم في العراق سيكون مرهوناً بمدى تأييدهم الحرب وموافقتهم على مشاريع قرارات تطرحها الولاياتالمتحدة في مجلس الأمن. وفي هذا السياق قال روبرت ايبل مدير دائرة الأمن القومي في مركز الدراسات الاستراتيجية في واشنطن ان كل العقود الموقعة سابقاً بين روسياوالعراق ستخضع للتدقيق لمعرفة "تلاؤمها مع مصالح الشعب العراقي". وللمزيد من الوضوح قال: "انك لا تحصل على قطعة من كعكة لم تشارك في صنعها". وكان موفق فتوحي أحد قادة "المؤتمر الوطني العراقي" قال ان الحكومة المقبلة في بغداد ستتعامل مع روسيا في ضوء "دعمها" صدام حسين. واضاف ان الديون المترتبة على العراقلموسكو لن تسدد. وطلب من بريماكوف التعليق على هذا التصريح فقال: "ومن هؤلاء؟ قادة المعارضة يكونون عادة مناضلين معروفين ويحظون بتأييد ولو جزئي من السكان". واضاف ان "هؤلاء نصبوا أنفسهم زعماء للمعارضة ويتصرفون بمصائر البلد سلفاً ... وهو أمر لا يقبله العقل". وتصر موسكو على تنفيذ عقود موقعة في اطار "النفط للغذاء"، وذكر وزير الزراعة الروسي اليكسي غوردييف ان بلاده تستعد لشحن 500 ألف طن من القمح الى العراق على ان يبدأ التصدير في أواخر الشهر الجاري.