الألعاب الشعبية القديمة في المملكة كانت جزءاً لا يتجزأ من حياة الأطفال والشباب، حيث تمتعت هذه الألعاب بالبساطة واعتمدت على المهارات البدنية وخفة الحركة والذكاء، وأسهمت في تعزيز الروابط الاجتماعية وبث الألفة والمحبة بين الأفراد، كما أنها كانت وسيلة أساسية للتسلية والترفيه في وقت غابت فيه الوسائل الحديثة، ونجحت في تحقيق التفاعل الاجتماعي بين أفراد المجتمع، حيث اجتمع الأطفال والشباب في الأحياء لممارستها، مما خلق ذكريات جميلة ما زالت عالقة في أذهان الكثيرين، لا يمكن إغفال أهمية الألعاب الشعبية في الحفاظ على الموروث الاجتماعي، حيث إنها تعكس روح المجتمع وهويته، وكانت بمثابة وسيلة لنقل القيم والعادات من جيل إلى آخر، كما لعبت دوراً كبيراً في بناء الشخصية وتنمية المهارات الاجتماعية، حيث غرسَت مبادئ التعاون، الصبر، واحترام الآخرين. تنوّعت هذه الألعاب بين ما يعتمد على المهارات البدنية وما يركز على الذكاء والدقة، على سبيل المثال، لعبة «طاق طاق طاقية» تتطلب الحذر وسرعة رد الفعل، بينما تُبرز لعبة «شد الحبل» أهمية التعاون والقوة الجماعية، أما «سبع الحجر» فتتطلب مهارة عالية في التصويب، ومن الألعاب المميزة الأخرى التي ارتبطت بذاكرة الأطفال والشباب: «الدنانة»، التي تعتمد على توازن الأطفال أثناء الركوب على إطار سيارة قديم ودفعه بسرعة، و»الكعابة»، التي تعتمد على قذف حجر أو عود خشبي بشكل معين لتحقيق أهداف محددة، و»أم ثلاث» و»أم تسع»، وهما ألعاب تمارس باستخدام الحجارة الصغيرة لترتيبها أو جمعها بطريقة منظمة تعكس المهارة والتركيز، ولعبة «المصاقيل»، التي تعتمد على الكرات الصغيرة وتتطلب دقة في إصابة الأهداف، و»النبّاطة»، وهي أداة تُستخدم في لعبة تصويب تقليدية تتطلب مهارة عالية في الرمي باستخدام مطاط مشدود، و»الغميمة»، النسخة المحلية من لعبة «الغميضة»، حيث يختبئ الأطفال ويقوم أحدهم بالبحث عنهم. أما ألعاب البنات، فقد برزت ألعاب مثل «الخطة» و»فتاحي يا وردة»، التي ساعدت على تطوير التركيز وتعزيز الأواصر بينهن، بالإضافة إلى أهازيج شعبية كانت جزءاً لا يتجزأ من هذه الألعاب، حيث غنّى الأطفال في المناسبات المختلفة مثل: العيد ونزول المطر، مرددين عبارات تعكس الفرح والشكر، مما أضاف بُعداً جمالياً وثقافياً للألعاب وربط الأطفال بتقاليدهم الاجتماعية بطريقة فريدة، الألعاب الشعبية ليست مجرد ذكرى من الماضي، بل هي إرث ثقافي يحمل في طياته قيماً تربوية واجتماعية يجب أن نحافظ عليها، لذلك علينا العمل على توثيق ونقل هذا الموروث للأجيال القادمة من خلال تدوين المعلومات المتوفرة من كبار السن وكذلك تنظيم الفعاليات والمهرجانات التراثية التي تحتفي بهذه الألعاب وتبرز أهميتها، ليس كوسيلة للترفيه فقط، بل كجزء من هويتنا الوطنية التي تعكس عمق ماضينا وأصالته. الكتاتيب والألعاب الشعبية القديمة عبدالعزيز بن سليمان الحسين