ستغدو موسكو "الحليف الأصغر" لواشنطن في حال تطبيق توصيات أعدها مجلس السياسة الخارجية والدفاعية الروسي التي تقضي بالتخلي عن عدد من احكام القانون الدولي وبينها حق الأمم في تقرير المصير، كما تدعو الى منع حركات التحرر من استخدام العنف وعقد علاقات "تحالفية" كاملة مع الولاياتالمتحدة. وعقدت في ضواحي موسكو بعيداً من الأضواء الدورة السنوية العاشرة للمجلس وهو هيئة غير حكومية تضم ساسة ورجال اعمال وكتّاباً معروفين وتعد من أهم المصادر الاستشارية للكرملين. وتلقى المجتمعون رسالة من الرئيس فلاديمير بوتين الذي وصف المجلس بأنه "ميدان أبحاث" للسياسة الخارجية. وأشار رئيس المجلس سيرغي كاراغانوف الذي يعد من اعضاء المطبخ "الذي يعتمده الكرملين عند اعداد القرارات السياسية الى ان روسيا كان ينبغي ان تكون أكثر "مثابرة" من الأشهر الستة التي تلت أحداث 11 أيلول سبتمبر وتتخلى بحزم عن "أوهام الدولة العظمى" وتعزز تقاربها مع الولاياتالمتحدة وصولاً الى اقامة "علاقات تحالفية". ويفهم من تصريحات كاراغانوف انه يدعو الى تحالف بين "الفرس والفارس". فهو يشير الى التباين الكبير بين القدرة الاقتصادية لروسيا 105 في المئة من الاقتصاد العالمي والولاياتالمتحدة 30 في المئة ويدعو في ضوء ذلك الى اتباع سياسة "عقلانية" تتحاشى "إثارة المشكلات". ودعا الى الكف عن انتقاد واشنطن بسبب توجيه صواريخها الى روسيا او لدفعها نحو توسيع حلف الاطلسي او اقامة قواعد عسكرية في آسيا الوسطى. وشددت التوصيات التي اعدها مجلس السياسة الخارجية والدفاعية على ان هناك احكاماً في القانون الدولي "عفا عليها الزمن" ومنها حق الأمم في تقرير المصير وصولاً الى حقها في الانفصال، باعتبار ان ذلك سيؤدي الى قيام "دول غير قادرة على البقاء". ويشير المراقبون الى ان هذه التوصية يقصد منها التصدي لمطالب شيشانية بانشاء دولة مستقلة. الا ان اعتماد الكرملين هذه الأفكار قد يجعله يعيد النظر في تأييده قيام دولة فلسطينية مستقلة. وفي السياق نفسه دعا المجلس الى حرمان حركات التحرر الوطني من حق استخدام اساليب العنف خصوصاً ضد مدنيين وأهداف مدنية. وأوضح ان هذا البند يمكن ان يؤثر بدوره في السياسة الروسية المعتمدة حيال ازمة الشرق الأوسط. وأشار أندريه فيودروف، مدير البرامج السياسية للمجلس الى ان الهدف من التوصيات هو "تحديد منطق الخطوات السياسية الخارجية ... بحيث تكفل عدم تحول روسيا الى لاعب قانوني على المسرح الدولي". الا ان جوهر التوصيات يوحي بأن موسكو ينبغي ان تتخلى عما تبقى لها من مقومات الدولة الكبرى وليس العظمى، وتصبح قوة ذات نفوذ اقليمي محدود، وفي هذا السياق انتقد كاراغانوف بشدة ما وصفه ب"هستيريا العداء لأميركا" وطالب بالكف عن انتقاد الولاياتالمتحدة. وقال ل"الحياة" مصدر قريب من المجلس ان هذا الموقف قد يحدث "تصدعاً" في صفوف المجلس الذي كان في الماضي يحرص على صوغ سياسة معتدلة. وفي هذا السياق لفت المحللون الى الانتقادات التي وجهها احد شيوخ السياسة الخارجية الروسية، رئيس الوزراء السابق يفغيني بريماكوف، الى الولاياتالمتحدة واتهامه لها ب"تأليب" الدول الأخرى عبر اتباع سياسة لا تراعي مصالح سائر الاطراف.