بدأت القوات السورية في لبنان، أمس، إخلاء بعض مواقعها في شمال لبنان وخصوصاً في منطقة البترون. ونقلت وكالة "فرانس برس" عن مصدر أمني تأكيده ان القافلة الأولى غادرت الشمال وعادت الى سورية. وقوبلت الخطوة السورية بارتياح لبناني وترحيب عدد من الشخصيات تنادي بتطبيق البند المتعلق بإعادة الانتشار السوري في اتفاق الطائف. وتشمل عملية إعادة الانتشار نحو أربعة آلاف جندي على مدى خمسة أيام. ونقلت "فرانس برس" عن شهود ان 45 عربة نقل تقل جنوداً مع أسلحتهم وعتادهم عبرت مدينة طرابلس الى منطقة عكار. ولوّح الجنود بأيديهم الى المصوّرين الصحافيين والمواطنين فيما كانوا يعبرون البلدات التي تمرّ فيها القافلة، وبدت المواقع التي تركوها مهجورة الا من بقايا معلبات وصور وشعارات. واعتبر وزير الدفاع خليل الهراوي ان مسألة إعادة الانتشار هي "موضوع مستمر". ولفت الى "ان لجنة عسكرية مشتركة لبنانية - سورية تجتمع كل فترة لتقويم الوضع على الأراضي اللبنانية كافة". ووصف الاجراء بأنه "تقني صرف وهو كرّس العلاقات المؤسساتية بين البلدين وأعطى ثقة أكبر بلبنان". وقال وزير المهجرين مروان حمادة: "ان سورية، التي منعت تقسيم لبنان وساعدته على الصمود في وجه الاحتلال الاسرائيلي، تثبت مرّة أخرى صدقية تعاملها الأخوي مع لبنان والتحالف الثابت الذي يحكم علاقتها به". ووصف النائب بطرس حرب الخطوة بأنها "ظاهرة إيجابية لا سيما في هذه الظروف العصيبة التي تمرّ بها المنطقة، وجاءت لتؤكد التزام سورية بسيادة لبنان ووحدته". وقال بعد لقائه البطريرك الماروني: "اياً كان التوقيت والأسباب نحن نعتبر هذه الخطوة رسالة في هذه الظروف بالذات لفتح صفحة جديدة وتكريس احترام المواثيق في الماضي بين سورية ولبنان". والتقى صفير وفداً من "لقاء قرنة شهوان" ضمّ النائبين فارس سعيد ومنصور البون وسمير فرنجية. وقال سعيد: "نعتبر الخطوة ايجابية وتذلّل التشنّج في موضوع العلاقات بين البلدين، وتكون خطوة لحلحلة هذا الأمر ومقاربته ملف العلاقات اللبنانية - السورية في شكل مريح". وطالب السلطة اللبنانية بوقف تشويه اتفاق الطائف واعتبار النص مرجعية أساسية. أما النائب فارس بويز فقال: "لولا التشنجات والمزايدات التي شهدتها الساحة اللبنانية لكانت هذه الخطوة تحققت في حينه". ورحبت "حركة التجدد الديموقراطي" التي يترأسها النائب نسيب لحود بالخطوة "وما سبقها من خطوات مماثلة نرى فيها دلائل ايجابية الى ان استعادة لبنان تدريجاً لسيادته واستقلاله عبر استكمال تنفيذ اتفاق الطائف لا تتعارض مع اقامة علاقات شراكة استراتيجية مع سورية تمكن البلدين الشقيقين من مواجهة التحديات الاقليمية القديمة والمستجدة جنباً الى جنب". وإذ لفت الى الظروف الاقليمية الدقيقة التي تجرى فيها اعادة الانتشار، قال: "ان قرار اعادة الانتشار علامة ثقة جديدة باتفاق الطائف، هذا النص التعاقدي المرجعي الذي توافق عليه اللبنانيون واستندوا اليه لترسيخ السلم الأهلي وإصلاح النظام السياسي وبناء أفضل العلاقات وأمتنها مع سورية". وتمنت النائب نائلة معوض "المزيد من التفسير حيال اعادة الانتشار التي اعلنت عنها وزارة الدفاع والقوى السورية في شمال لبنان لأنها جرت اليوم في جو أمني دقيق جداً وليس لها البعد السياسي الذي كنا نطالب به". وقالت بعد لقائها متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة: "ان للخطوة بعداً أمنياً وجميعنا اليوم في الخندق ذاته في الموضوع الأمني". ورأى مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني "ان إعادة الانتشار وفقاً لاتفاق الطائف دلالة واضحة الى ان سورية بقيادة الرئيس بشار الأسد تقوم بذلك من أجل مصلحة كل لبنان وليس لفئة أو طائفة". وقال النائب ناصر قنديل بعد لقائه قباني: "ان القوة العسكرية السورية في لبنان هي ضمانة لوحدة هذا الكيان الوطني واستقلاله الذي كفله اتفاق الطائف من خلال الاشارة الى ان عملية اعادة الانتشار تتم وفقاً لاتفاق الطائف". ودعا الى ملاقاة هذه المبادرة، بخطوات وطنية داخلية". وثمّن النائب وليد عيدو "الموقف السوري الثابت الداعم لمسيرة الحكم اللبناني". وقال: "أتت خطوة إعادة الانتشار لتؤكد التزام الأخوة السوريين بدورهم لجهة متابعة تطبيق اتفاق الطائف خصوصاً". ورحّب عضو "لقاء قرنة شهوان" جان عزيز بالخطوة التي "تأتي دليلاً ايجابياً الى تحسس المعارضة مقتضيات المصلحة الوطنية وتؤكد الحرص الوطني في كل ما دعت اليه المعارضة منذ سنتين في موضوع العلاقة اللبنانية - السورية والسيادة الوطنية والوفاق الداخلي ومعالجة الوضع في الجنوب". ونوّه عضو "لقاء القرنة" سيمون كرم بالخطوة أيضاً وبتطبيق اتفاق الطائف "لأنهما يريحان لبنان ككل وليس فئة معينة أو قوى سياسية محددة ويساعدان على تولي المزيد من شؤونه أكثر. وهذا أمر لا يزال مطلوباً، كما انهما يسهمان في تصويب العلاقة اللبنانية - السورية التي تشوبها شوائب كبيرة باعتراف اللبنانيين والسوريين". ورأى "لقاء الوثيقة والدستور" ان "العلاقة المميزة الحقيقية بين لبنان وسورية تقوم على تجاوز كل ما من شأنه التشكيك في الاحترام المتبادل". وقال رئيس حزب الكتائب كريم بقرادوني: "ان في كل مرّة تتراجع موجات التحريض والتشكيك المحلية والخارجية ضد سورية تتّجه الأمور الى الحلحلة ويشهد لبنان مزيداً من الايجابيات كما حصل في الأمس والعكس صحيح".