بيروت - "الحياة" خرج اعضاء "لقاء قرنة شهوان" المعارض من اجتماعهم الطويل مع رئيس الجمهورية اللبنانية اميل لحود بعد ظهر امس بانطباع ان الدعوات التي اطلقوها الى الحوار الوطني حول القضايا الخلافية "بدأت تثمر" وأن الرئيس لحود كان "جدياً ومنفتحاً وإيجابياً وودياً إذ اخذ على عاتقه رعاية عملية الحوار والاتصال بالأطراف جميعاً من اجل الاستماع إليهم وتحديد آلية للحوار بين الفرقاء برعايته"، فيما اكد اركان اللقاء خلال الاجتماع ان "لا خلاف على ثوابت السياسة الوطنية والإقليمية ومنها العلاقات المميزة مع سورية"، مشددين على مواقفهم الأساسية ومنها "المطالبة بالسيادة". حمل لقاء معظم اركان المعارضة المسيحية المنضوين تحت لواء "لقاء قرنة شهوان" مع رئيس الجمهورية اميل لحود امس معطيات سياسية جديدة ينتظر ان تنعكس تهدئة للصراعات السياسية التي كانت بلغت درجة ساخنة في الآونة الأخيرة، بفعل الخلاف على الوجود العسكري السوري الذي يعارضه اركان اللقاء وحضر 18 عضواً من اركان "قرنة شهوان" يتقدمهم المطران يوسف بشارة. وتغيّب النائب نسيب لحود وعميد الكتلة الوطنية كارلوس اده بداعي السفر وتمثل بأمين عام الحزب انطوان قليموس، والرئيس امين الجميل نجله كان حاضراً وميشال الخوري. وانعكست الأجواء الإيجابية للاجتماع الذي دام ساعتين تقريباً في القاعة القديمة لمجلس الوزراء في بيان صادر عن "اللقاء"، وفي المعلومات الرسمية التي وزعتها الدائرة الإعلامية في الرئاسة اللبنانية ان الرئيس لحود اكد "ان اللبنانيين مجمعون على الثوابت الوطنية الداخلية والإقليمية، وعلى رأسها وحدة لبنان ارضاً وشعباً ومؤسسات، واستقراره السياسي والاقتصادي والأمني، وكذلك الإجماع حول النظام الديموقراطي الحر واعتبار ان اتفاق الطائف جسّد القناعات الأساسية المشتركة لجميع اللبنانيين". وتناول لحود الثوابت الوطنية الإقليمية، فأكد ان العلاقة مع سورية، كما الموقف المشترك معها من الصراع العربي - الإسرائيلي، واعتبار اسرائيل عدواً للبنان بكل طوائفه تندرج في اطار الثوابت الأساسية التي عززت وحدة لبنان واستقراره وقدراته في تحرير ارضه من الاحتلال. واعتبر "ان الحوار الوطني حول مواضيع السياسة اليومية ومتغيراتها، هو ضرورة دائمة بين اللبنانيين لأنه يغني الحياة السياسية الديموقراطية، ويصحح الأداء الرسمي، ويصوّب الخطوات نحو الأفضل". ورأى انه "بمقدار ما ان الثوابت الوطنية الداخلية والإقليمية هي القاسم المشترك بين اللبنانيين، فإن المواضيع الأخرى قابلة في كل لحظة للبحث والنقاش والتعديل، سواء ما يتعلق منها بقانون الانتخاب، والخطط الاقتصادية والإصلاح الإداري والانماء المتوازن، ام بالمشاركة السياسية ام بتفعيل العمل المؤسساتي الدستوري والإداري ام بتطوير القوانين وتعزيز الديموقراطية وحماية الحريات، وغيرها من شؤون الناس والدولة". وأكد "ان كل ذلك قابل للبحث وينبغي ان يكون في صلب الحوار اليومي بين القوى السياسية على اختلاف توجهاتها بعيداً من اجواء التشنج وحملات التشكيك والمناخ الطائفي الذي من شأنه ان يزيد الانقسام في هذا الظرف الدقيق الذي احوج ما يكون فيه اللبنانيون الى وحدة الصف والموقف في مواجهة الاستحقاقات المرتقبة". وأشار لحود الى ان لقاءاته مع القوى السياسية "ستكون مفتوحة ودائمة لتحديد آلية حوار وطني هادئ وجدي وموضوعي بما يؤدي الى التفاعل البنّاء حول مختلف المواضيع التي تهم المجتمع "وأنه شخصياً سيكون راعياً لهذا الحوار ومنفتحاً على كل الأطروحات لتعزيز التلاقي بين اللبنانيين وإصلاح شؤون دولتهم ومؤسساتهم". وأصدر لقاء قرنة شهوان بياناً اشار فيه الى ان وفده عرض مع الرئيس لحود الوضع القائم في البلاد والمنطقة، مؤكداً "على الخطورة الناجمة عن تفاقم الأزمة الوطنية وخصوصاً الجانب الاقتصادي والاجتماعي منها وتصاعد الأخطار على استقرار دول المنطقة ومصالح شعوبها". وأوضح انه حيال هذه المخاطر ركز اللقاء مع لحود "على السبل الواجب اعتمادها لتعزيز الوحدة الوطنية وتمتينها". ورأى ان هذه الوحدة "تحتاج الى حوار جدي ومعمّق بين اللبنانيين حول المسائل الخلافية التي تطرقت إليها الوثيقة التأسيسية للقاء قرنة شهوان وسبل معالجتها". واعتبر ان "هذا الحوار المنشود هو السبيل الوحيد لمواجهة الاستحقاقات المقبلة الداخلية والإقليمية في حين ان حملات التشويه والتخوين التي يطلقها البعض تهدف الى فرز اللبنانيين جماعات متناحرة ما يضعف المناعة الوطنية ويعرّض البلاد الى مخاطر اكيدة". وتمنى اللقاء على لحود رعاية الحوار المنشود بين اللبنانيين من اجل ان يتمكنوا من تجاوز الأزمات المتفاقمة وتثبيت وحدتهم في هذه اللحظات التاريخية المشوبة بالأخطار. وشكر اللقاء لحود على الجو الذي ساد الاجتماع وعلى موافقته على رعاية الحوار الوطني المنشود. وأثنى على الرغبة التي ابداها بالاتصال بالأطراف جميعاً لتحديد الآلية الكفيلة بإطلاق الحوار الوطني، وذلك على قاعدة الثوابت الوطنية التي يلتقي حولها اللبنانيون، وأكد ثقته برئيس الجمهورية وحرصه على تحقيق مصلحة البلاد ورغبته في رعاية حوار جدي على مستوى الوطن. المداخلات وعلمت "الحياة" من مصادر في لقاء قرنة شهوان ان الاجتماع بدأ ودياً وساده المزاح اثناء التقاط الصور وأنه "سرعان ما تحول الى جلسة عمل جدية، لا مجرد زيارة بروتوكولية". وافتتح الكلام المطران بشارة الذي حدد الغرض من الزيارة تحت عنوان الطلب الى الرئيس لحود "رعاية الحوار الوطني" ثم تلاه النائب بطرس حرب بتكليف من اعضاء اللقاء لعرض موقفه، فقدم مداخلة طويلة شرح فيها مبادئه الرئيسة وقال: "في معرض الدعوة الى الحوار كنا السنة الماضية طلبنا اطلاقه في لقاء معكم، لكن لسبب ما لم يتم ذلك. ونحن الآن نطلب منك رعاية الحوار لأنك رمز البلد الذي هو فوق الجميع، وهو ما يجعلك قادراً على هذه المهمة من اجل انقاذ البلد، خصوصاً في الظروف الإقليمية الخطيرة". وأكد حرب ان "اللقاء" يطرح الحوار "من دون اي شروط، فنحن نعتقد ان هناك عناوين وقضايا تشكل زهاء 90 في المئة من المسائل المطروحة لا خلاف عليها وهي ثوابت اما البقية من المسائل المختلف عليها، فليتم الحوار في شأنها بيننا وبين سائر القوى التي نختلف معها عليها. ولنضع اتفاق الطائف امامنا على الطاولة، برعايتك من اجل البحث بما تم تنفيذه وما لم ينفذ وأسبابه، وفي المسائل الأخرى ايضاً". وذكرت المصادر ل"الحياة" ان حرب في تعداده لمبادئ "قرنة شهوان" تناول عروبة لبنان ونهائيته وتعزيز الديموقراطية فيه والحفاظ على الحريات الإعلامية والمصالحة الوطنية وإنجاز السيادة والاستقلال واستكمال تطبيق الطائف واستكمال البند المتعلق منه بإعادة الانتشار السوري... وانتهى الى التأكيد ان الهدف من مطالبة رئيس الجمهورية رعاية الحوار هو السعي الى ضبط اللعبة السياسية في البلد "بعدما شهدته من حملات وتناقضات وتخوين...". وأوضح احد اركان "قرنة شهوان" ل"الحياة" ان لحود قدم بدوره مداخلة اكد فيها انه يوافق اعضاءه الرأي على الإصرار على الحوار الوطني لأن البلد لا يقوم من دون هذا الحوار. و"حين اشار الرئيس لحود الى العلاقة مع سورية باعتبارها من الثوابت الإقليمية اكدنا له ان لا خلاف على العلاقة المميزة مع سورية". وأشار الركن في "اللقاء" الى ان لحود شدد على اوضاع المنطقة الخطرة معتبراً انها سبب اضافي للحوار من اجل معالجة الخلافات. وتحدث عن تداعيات هجمات 11 ايلول سبتمبر على واشنطن ونيويورك على المنطقة وعن انها ما زالت مستمرة وهي احداث غيرت المعطيات في المنطقة. وشرح لحود موقف لبنان من السياسة الأميركية، مشيراً الى "اننا سبق ان صمدنا في وجه الضغوط وحاولوا وصمنا بأننا ندعم الإرهاب ونحن اثبتنا اننا لسنا دولة ارهابية ونحن دولة ديموقراطية وقدمنا البراهين على اننا نستطيع مواجهة الإرهاب في احداث عدة تصدينا لها". وأعرب عن خشيته من ان تكون المنطقة مفتوحة على شتى الاحتمالات بسبب سياسة واشنطن غير المتوازنة. وأكد انه سيدعو القوى السياسية للاستماع إليها وتحديد آلية للحوار، مشيراً الى ان فريقاً جديداً سينشأ خلال الأيام المقبلة، قاصداً "اللقاء التشاوري" النيابي الذي يلتئم في 27 الجاري ويضم معظم النواب المسيحيين في الكتل النيابية الموالية والحليفة لسورية. وأثار عضو اللقاء جبران تويني مسألة التعرض للحريات الإعلامية وملاحقة بعض المؤسسات فأكد لحود، بحسب مصادر رسمية، التزامه صون هذه الحريات "لكن اذا كان هناك من تصرفات تمس القوانين فيفترض التعاطي معها على هذا الأساس". وكرر سمير فرنجية اثارة تخوين بعض الموالين ل"لقاء قرنة شهوان" متسائلاً لماذا بدأت الحملات قبل 3 اشهر ولم يكن مؤتمر لوس انجليس الذي صعد الموقف المسيحي ضد سورية ولا مؤتمر انطلياس في ذكرى 7 آب قد عقدا. ورد لحود، وفق المصادر الرسمية، مبدياً اسفه لهذه الحملات لأنها تزيد التشنج ولا تساعد على بناء البلد. الذي يجب ان تغلب فيه المناخات الإيجابية. وتحدث العديد من اركان "اللقاء" وكان هناك اجماع على ان سياسة المعارضين ليست العداء لسورية، وتمنى ممثل "القوات اللبنانية" جان عزيز بعدما اكد على الالتزام بثوابت "القرنة" حول كل الأمور، "تعاطياً ايجابياً مع القضية التي تعنينا" يقصد قضية قائد القوات الدكتور سمير جعجع الموجود في السجن نتيجة احكام قضائية. معوض وغانم وشمعون وأدلى عدد من اعضاء اللقاء بتصريحات اجمعت على ايجابية الاجتماع وقالت النائبة نائلة معوض ان "المنزعجين من التقارب بين الرئيس لحود و"لقاء قرنة شهوان" سيستمرون في مواقفهم لكن نحن لن ننجر الى المستوى الذي يسعون الى انزالنا إليه". وقالت: "المطلوب من الحكومة التي تلجأ من رئيسها الى اعضائها الى سياسة الشتم ان تتحمل مسؤولياتها". ولاحظ النائب انطوان غانم القريب من الرئيس امين الجميل ان الاجتماع كان هذه المرة مختلفاً عن السابق العام الماضي الذي عقد تحت وطأة ما حصل من تجاوزات. وأشار رئيس حزب "الوطنيين الأحرار" دوري شمعون الى "اننا لا نشن حرباً ضد سورية وكل ما نريده هو ان تصلح العلاقة مع لبنان". وأوضح في حديث صحافي ان "المنطقة على فوهة بركان والوضع تغير ما يحتم الدعوة الى مؤتمر وطني يجمع كل اللبنانيين من كل الاتجاهات لمواجهة التطورات". واستبعد شمعون عودة العماد ميشال عون الى "لقاء قرنة شهوان".