سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مؤيدون للوثيقة يمتنعون عن التوجه الى سويسرا انسجاماً مع موقف "فتح". احتجاجات فلسطينية عنيفة واتهامات ب"تخوين" المشاركين في حفلة التوقيع على "مبادرة جنيف"
وسط احتجاجات عنيفة وانتقادات لاذعة وصلت إلى حد التخوين، توجه عشرات الفلسطينيين امس الى جنيف للمشاركة في مراسم توقيع ما بات يعرف باسم "وثيقة جنيف" للسلام، وهي تصور غير رسمي لتسوية القضايا النهائية للنزاع الفلسطيني - الاسرائيلي. ومن المقرر ان يعقد مؤتمر حاشد في مدينة غزة اليوم ضد "وثيقة جنيف" سيدعو الى محاسبة مهندسيها. تشهد مدينة جنيف اليوم مراسم توقيع "وثيقة جنيف"، وهي خطة سياسية غير رسمية تطرح تصوراً للحل النهائي للصراع الفلسطيني - الاسرائيلي. وتتم مراسم التوقيع بحضور مهندسي الوثيقة عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه، وزعيم حركة "شاحر" اليسارية الاسرائيلية يوسي بيلين، اضافة الى نحو 100 شخصية فلسطينية واسرائيلية وعالمية، من بينها الرئيس الاميركي السابق جيمي كارتر الذي وقعت في عهده معاهدة كامب ديفيد بين مصر واسرائيل عام 1979. وعلى رغم ان عددا من القياديين الشبان في حركة "فتح" وهي حزب السلطة وعمودها الفقري شارك مع عبد ربه في وضع تفاصيل الوثيقة، الا ان الحركة نفسها تقف في صف المعارضين لها، لتنضم بذلك الى غالبية القوى والفصائل المعارضة مثل "حركة المقاومة الاسلامية" حماس و"الجهاد الاسلامي"، والجبهة "الشعبية" و"الديموقراطية" لتحرير فلسطين، اضافة الى معظم الاتحادات والنقابات المهنية والعمالية ومنظمات المجتمع الفلسطيني، وعدد كبير من الشخصيات الوطنية والاسلامية المستقلة. "فتح" ترفض الوثيقة وحضت حركة "فتح" قيادييها على عدم المشاركة في التوقيع على الوثيقة او حضور مراسم التوقيع، في حين اعتبرت "كتائب شهداء الاقصى" التابعة للحركة، ان الوثيقة "تنازل خطير عن جوهر القضية الفلسطينية" الا وهو قضية اللاجئين. وانسجاماً مع موقف "فتح"، امتنع عدد من مؤيدي الوثيقة عن التوجه الى جنيف امس، ومن بينهم وزير الدولة قدورة فارس، وعضوا المرجعية العليا لحركة "فتح" النائبان محمد الحوراني وحاتم عبدالقادر وهم من مهندسي الوثيقة. وقال فارس لوكالة "رويترز": "بالرغم من دعم الرئيس عرفات لنا، الا اننا لن نستطيع المشاركة من دون وجود تفويض ودعم كامل من حركة فتح". واوضح مسؤولون ان قريع طلب في اجتماع الحكومة امس من الوزراء المشاركين في الوثيقة عدم الذهاب والمشاركة في الحفلة الرسمية للاعلان عنها. وقال صخر حبش عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" لوكالة "رويترز": "فتح تعارض وترفض المشاركة او الموافقة على وثيقة جنيف لانها لا تضمن ولا تحفظ الثوابت الوطنية والمبادئ التي قامت عليها الحركة". وأضاف: "كل من يشارك من الحركة في هذه الحفلة فهو خارجها ونحن سعداء لان اعضاء فتح قرروا عدم المشاركة". وتابع: "الاخ ابو عمار يريد فتح ثغرات كي يثبت للعالم ان فرص السلام ما زالت ممكنة، وهو لن يقبل بأي مبادرة لا تضمن ما تقوم عليه حركة فتح، واذا وافق على هذه الوثيقة سنكون على اختلاف معه وهذا لن يحدث". من جانبه، عبر بيلين عن خيبة امل من عدم مشاركة اعضاء "فتح" في حفلة التوقيع، لكنه اضاف ان ذلك لن يعني التراجع عن التوقيع. وكان مجلس الوزراء الفلسطيني اعتبر في ختام جلسة عقدها في مدينة رام الله اول من امس ان الوثيقة غير ملزمة له، ما يعني تنصلا منها ورفضا لها، وهي التي تمثل تنازلا خطيرا عن جملة من الحقوق الفلسطينية. وتسقط الوثيقة التي تم التوصل اليها سراً في تشرين الاول اكتوبر الماضي في مدينة جنيف السويسرية حق العودة لأكثر من خمسة ملايين لاجئ فلسطيني طردتهم العصابات الصهيونية عام 4819 من ديارهم ومنازلهم وقراهم ومدنهم، لتقام الدولة العبرية على انقاضها. وبحسب الوثيقة يتوقع أن يتنازل الفلسطينيون عن السيادة على حائط البراق الذي يسميه الاسرائيليون "حائط المبكى" وحارة اليهود، إلا أنهم يحتفظون بالسيادة على الحرم القدسي الشريف الذي يضم المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة. وتضمن الوثيقة اقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح عن نحو 97.5 في المئة من اراضي الضفة الغربية وتبادل 2.5 في المئة من الاراضي. وبموجبها، فإن السيادة الفلسطينية على المعابر والحدود وفي اجواء الدولة الفلسطينية تبقى منقوصة، اذ ستشارك قوى الامن الفلسطينية قوات متعددة الجنسية، فيما يحق لسلاح الطيران الاسرائيلي استخدام المجال الجوي الفلسطيني، فضلا عن احتفاظ اسرائيل بمحطتي انذار مبكر في شمال الضفة ووسطها. ميدانياً، تظاهر مئات الفلسطينيين صباح امس عند معبر العودة في مدينة رفح الذي يربط قطاع غزة بمصر والعالم الخارجي. وحاول عدد من المتظاهرين ضرب اثنين من المدعوين للمشاركة في التوقيع على الوثيقة، هما محمود خليفة، احد كوادر حركة "فتح" ووليد زقوت احد كوادر حزب "فدا"، والقوا في اتجاههما الحجارة، قبل ان تتدخل الشرطة وتوفر الحماية لهما. وكان نحو 500 ناشط من الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية المختلفة وصلوا باكراً الى معبر العودة وقطعوا الطريق الرئيسة امام المدعوين الى حفلة التوقيع المتجهين الى معبر العودة في رفح للسفر الى جنيف. وهتف المتظاهرون ضد المشاركين ووصفوهم ب"الخونة". ورفعوا لافتات كتب عليها "عودة اللاجئين حق مقدس غير قابل للتصرف ولا يسقط بالتفاوض" و"نعلن رفضنا التام لوثيقة جنيف الساقطة وشعارنا التمسك بحق العودة" و"خيار المقاومة والجهاد الخيار الوحيد لاسترداد الحقوق المسلوبة والاوطان الضائعة والكرامة المنتهكة". "القسام" تقصف "غوش قطيف" وتعبيراً عن رفضها الوثيقة، أقدمت "كتائب عزالدين القسام"، الذراع العسكرية لحركة "حماس" على قصف مجمع مستوطنات "غوش قطيف" الجاثمة فوق اراضي مواطني قطاع غزة بعدد من صواريخ "قسام" ليل السبت - الاحد. وسقط صاروخ على احد منازل المستوطنين، ما ادى الى تدميره، كما سقط صاروخ اخر على ثكنة عسكرية في المجمع، ما اسفر عن اصابة اربعة جنود بجروح. وقالت "كتائب القسام" في بيان لها ان "مسيرة الجهاد والمقاومة ماضية ومتصاعدة، حتى يندحر الاحتلال البغيض عن ارضنا وشعبنا". وأعلنت "رفضها ومقاومتها كل الاتفاقات والتفاهمات التي تجري حالياً للالتفاف على قضيتنا وعلى رأسها ما يسمى اتفاق جنيف المشؤوم". مؤتمر شعبي في غزة الى ذلك، تنظم القوى الوطنية والاسلامية واللجان الشعبية للاجئين والهيئات والمؤسسات والنقابات والاتحادات ومختلف الهيئات والفعاليات وشخصيات وطنية واسلامية مؤتمراً شعبياً في مدينة غزة اليوم للتعبير عن رفض غالبية الشعب الفلسطيني "وثيقة جنيف". وسيلتئم المؤتمر الحاشد في مركز رشاد الشوا الثقافي في المدينة قبل الظهر حيث سيتحدث امامه عدد من الشخصيات البارزة، وسيخرج بوثيقة مضادة ل"وثيقة جنيف" او على الاقل ببيان صحافي يعبر عن راي نحو 100 اتحاد وهيئة ومؤسسة ومنظمة اهلية ومجتمعية تمثل طبقات وشرائح المجتمع الفلسطيني المختلفة.