تعرض الموقعون الفلسطينيون على وثيقة جنيف لضغوط شديدة داخل الاراضي الفلسطينية تراوحت بين التظاهرات والتهديدات بهدف ثنيهم عن التوجه الى سويسرا لاطلاق هذه الوثيقة غير الرسمية التي تثير جدلا واسعا لدى الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي. ورغم ازدياد الضغط على الموقعين من قبل اعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح والشارع غادر نحو 200 من الموقعين على هذه الوثيقة الاراضي الفلسطينية متوجهين الى جنيف ليشاركوا في الحفل الذي سيقام على ضفاف بحيرة ليمان بحضور 700 شخصية من كافة انحاء العالم بينهم الرئيس الامريكي السابق جيمي كارتر. وقال وزير الدولة الفلسطيني بلا حقيبة وعضو المجلس التشريعي قدورة فارس احد الموقعين على الوثيقة لوكالة فرانس برس مساء امس الاحد انه قرر السفر الى جنيف بعد تردد خلال النهار، رغم أنه قال لوكالة رويترز للأنباء أنه بالرغم من دعم الرئيس عرفات لنا الا اننا لن نستطيع المشاركة دون وجود تفويض ودعم كامل من حركة فتح. ودعم الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الذي يتزعم حركة فتح تفاهمات غير رسمية توصل اليها مسؤولون فلسطينيون وقادة من المعارضة الاسرائيلية حول قضايا الوضع النهائي وهي التفاهمات التي تعرف بوثيقة جنيف. لكن رئيس الوزراء الفلسطيني احمد قريع صرح السبت بأن الحكومة الفلسطينية لن تلتزم باية مبادرات غير رسمية او ما وصفه بمبادرات اشخاص. وقال احد قياديي حركة فتح في قطاع غزة لوكالة فرانس برس طالبا عدم الكشف عن اسمه ان الرئيس عرفات يعرف تفاصيل التفاصيل في هذه الوثيقة وهو وراءها، فاذا نجحت سيقوم هو بالتوقيع عليها، واذا فشلت فهو رسميا لم يوافق عليها. وقال القيادي ان ما تقوم به كتائب الاقصى من تهديدات وتشويش ما هو الا موضوع صراع شخصي بين مراكز القوى داخل حركة فتح سواء من قبل اشخاص في اللجنة المركزية لحركة فتح او في القواعد. واستبعد القيادي ان تقوم كتائب الاقصى باية عملية اغتيال او تصفية. وانتقدت الحكومة الاسرائيلية وثيقة جنيف بشدة وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون انها تلحق الضرر باسرائيل. ومن المفترض ان يشارك عن حركة فتح في احتفال رسمي للاعلان عن الوثيقة الوزيران قدورة فارس وهشام عبد الرازق وعضوا المجلس التشريعي محمد الحوارني وحاتم عبد القادر. ومثل خارطة الطريق لاحلال السلام في الشرق الاوسط تتحدث وثيقة جنيف عن دولة فلسطينية الا انها تمضي ابعد من شقيقتها الرسمية بالنص على ازالة اغلب المستوطنات اليهودية بما في ذلك الكثير من اضخم المستوطنات اليهودية على الاراضي الفلسطينية المحتلة كما انها تقر بتقسيم القدس الى عاصمتين. واعتبر يوسي بيلين الذي يعتبر من المعتدلين الاسرائيليين واحد المشاركين في وضع الوثيقة ان المفاوضين الفلسطينيين في محادثات جنيف التي مولتها الحكومة السويسرية وافقوا على التنازل عن حق العودة لنحو 4 ملايين لاجئ فلسطيني. وفي المقابل قبل المفاوضون الاسرائيليون بالمطالب الفلسطينية بالسيادة على الحرم القدسي الشريف الذي يسميه الاسرائيليون جبل الهيكل. وكشف استطلاع للرأي ان اغلبية بسيطة من الاسرائيليين والفلسطينيين يساندون المباديء الاساسية للوثيقة. وقال مسؤولون ان قريع طلب في اجتماع الحكومة امس من الوزراء المشاركين في الوثيقة عدم الذهاب والمشاركة في الحفل الرسمي للاعلان عنها. وقال صخر حبش عضو اللجنة المركزية لحركة فتح لرويترز فتح تعارض وترفض المشاركة او الموافقة على وثيقة جنيف لانها لا تضمن ولا تحفظ الثوابت الوطنية والمباديء التي قامت عليها الحركة. وأضاف كل من يشارك من الحركة في هذا الحفل فهو خارجها ونحن سعداء لان اعضاء فتح قرروا عدم المشاركة. ومضى يقول الاخ ابو عمار يريد فتح ثغرات كي يثبت للعالم ان فرص السلام مازالت ممكنة وهو لن يقبل باية مبادرة لا تضمن ما تقوم عليه حركة فتح واذا وافق على هذه الوثيقة سنكون على اختلاف معه وهذا لن يحدث. ويقول قادة محليون من فتح ان وثيقة جنيف لا تحفظ الثوابت المعلنة لحل القضايا النهائية وابرزها حل قضية اللاجئين تبعا لقرار الجمعية العامة 194 الذي يقر بحق اللاجئين في العودة وكذلك قضايا حق تقرير المصير واقامة دولة فلسطينية بعد الانسحاب الكامل من كافة الاراضي المحتلة عام 1967 وان تكون القدس عاصمة ابدية للدولة الفلسطينية. واتهم لاجئون فلسطينيون في الاراضي المحتلة وفي الشتات القائمين على وثيقة جنيف باسقاط حق العودة وعدم ازالة كافة المستوطنات من الاراضي الفلسطينية. وفي الاردن رفض تجمع فلسطيني امس الأول وثيقة جنيف واصفا اياها بانها مخالفة للقانون الدولي ولا تمثل رأي الشعب الفلسطيني. وفي بيان قال الناطق الرسمي باسم المكتب الدائم لمؤتمر حق العودة سلمان ابو ستة ان الوثيقة مخالفة للقانون الدولي وللحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني وان الموقعين عليها لا يمثلون الشعب الفلسطيني. وسيحضر نحو 300 من السياسيين والمثقفين والفنانين الاسرائيليين والفلسطينيين المناسبة التي سيتحدث فيها ايضا الرئيس الامريكي الاسبق جيمي كارتر. في الوقت نفسه نالت حملة عامة يتزعمها احد قادة الامن الاسرائيليين السابقين مع احد السياسيين المعتدلين الفلسطينيين دفعة قوية مع جمع اكثر من 150 الف توقيع لمساندة تسوية تشبه اتفاقية جنيف. وكان قدروة فارس قد اعلن لرويترز عدوله عن السفر بسبب الاعتراضات الداخلية المتزايدة على هذه الوثيقة، لكنه عاد وقرر السفر بناء على طلب من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. وقال لفرانس برس ان الرئيس عرفات ايدنا منذ البداية وطلب مني السفر، وقد غادر معظم الموقعين على الوثيقة. واتهم قدورة فارس اللجنة المركزية لحركة فتح بانها تتحدث بلسانين. وصرح قبلا للاذاعة الاسرائيلية العامة ما زلنا على قناعتنا بان هذه المبادرة جيدة لكن لا يمكننا التوجه الى جنيف من دون دعم حركتنا. وانتقد فارس حملة التحريض على مبادرة جنيف حتى داخل قيادة فتح كبرى الفصائل الفلسطينية. وقال عضو المجلس التشريعي حاتم عبد القادر لوكالة فرانس برس لن اغادر لانه لا يوجد لدي تفويض من حركة فتح. وقال مصدر امني فلسطيني أن عيارات نارية أطلقت ليل الجمعة السبت باتجاه منزل الوزير الفلسطيني السابق ياسر عبد ربه في رام الله، وهو احد مهندسي وثيقة جنيف الاساسيين. وقال متحدث باسم كتائب شهداء الاقصى في جنين لوكالة فرانس برس أمس انهم منعوا قياديين من حركة فتح في منطقة جنين من السفر الى جنيف للمشاركة في اطلاق الوثيقة. وقد تظاهر مئات الفلسطينيين بدعوة من القوى والفصائل الوطنية والاسلامية عند معبر رفح الحدودي جنوب قطاع غزة صباح الاحد لمنع سفر الوفد الفلسطيني من غزة الى جنيف. ووقعت مشادة بين المتظاهرين وبعض المشاركين في الوفد الفلسطيني المتوجه الى جنيف. وبدأت الحكومة الاسرائيلية حملة من اجل حض الاسرة الدولية، لا سيما الولاياتالمتحدة، على الامتناع عن دعم مبادرة جنيف، خطة السلام غير الرسمية التي وضعتها شخصيات اسرائيلية وفلسطينية. وحذر مسؤول اسرائيلي الولاياتالمتحدة من دعم مبادرة جنيف. واكد المسؤول في رئاسة الحكومة الاسرائيلية الذي رفض الكشف عن هويته ان مثل هذه الخطوة لا يمكن الا ان تشجع الارهاب وتلحق الضرر بخارطة الطريق. ويخشى شارون خصوصا ان يستقبل وزير الخارجية الامريكي كولن باول في الايام المقبلة في واشنطن المهندسين الرئيسيين لهذه الخطة، الاسرائيلي يوسي بيلين والفلسطيني ياسر عبد ربه كما افادت وسائل الاعلام الاسرائيلية. ولم يتأكد في واشنطن مبدأ عقد مثل هذا اللقاء الذي سيشكل اختراقا دبلوماسيا لهذه الخطة التي وصفها شارون الخميس بانها مضرة ومحرجة. من جهتهما اكد بيلين وعبد ربه لوسائل الاعلام ان لقاء مرتقبا سيعقد في الايام المقبلة مع مسؤولين امريكيين.