الهلال يتعادل إيجابياً مع السد ويتأهل لثمن نهائي "نخبة آسيا"    في دوري يلو .. تعادل نيوم والباطن سلبياً    اتحاد الصم يشكل منتخباً نسائياً    اكتشاف كوكب عملاق خارج النظام الشمسي    أنشيلوتي: الإصابات تمثل فرصة لنصبح أفضل    الزلفي في مواجهة أبها.. وأحد يلتقي العين.. والبكيرية أمام العربي    الأسبوع المقبل.. أولى فترات الانقلاب الشتوي    «شتاء المدينة».. رحلات ميدانية وتجارب ثقافية    مشاعر فياضة لقاصدي البيت العتيق    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    أكد أهمية الحل الدائم للأزمة السودانية.. وزير الخارجية: ضرورة تجسيد الدولة الفلسطينية واحترام سيادة لبنان    بايدن: إسرائيل ولبنان وافقتا على اتفاق وقف النار    7 آلاف مجزرة إسرائيلية بحق العائلات في غزة    شركة ترفض تعيين موظفين بسبب أبراجهم الفلكية    حوادث الطائرات    حروب عالمية وأخرى أشد فتكاً    التصعيد الروسي - الغربي.. لعبة خطرة ونتائج غير محسوبة    سمو ولي العهد: سنواصل تنويع وتوسيع اقتصاد المملكة وتعزيز مكانتها الرفيعة    الرياض الجميلة الصديقة    سيتي سكيب.. ميلاد هوية عمرانية    المملكة وتعزيز أمنها البحري    طائرة الأهلي تتغلب على الهلال    كيف تتعاملين مع مخاوف طفلك من المدرسة؟    حدث تاريخي للمرة الأولى في المملكة…. جدة تستضيف مزاد الدوري الهندي للكريكيت    الفيصلي يحتاج وقفة من أبناء حرمة    مبدعون.. مبتكرون    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    كثفوا توعية المواطن بمميزاته وفرصه    الجموم بمكة المكرمة تسجّل أعلى كمية لهطول الأمطار ب (22.8) ملم    ملتقى الميزانية.. الدروس المستفادة للمواطن والمسؤول !    معاطف من حُب    الدكتور عصام خوقير.. العبارة الساخرة والنقد الممتع    جذوة من نار    لا فاز الأهلي أنتشي..!    «إثراء» يُعيد وهج الحِرف اليدوية بمشاركات دولية    رياض العالم وعالم الرياض    هؤلاء هم المرجفون    اكتشاف علاج جديد للسمنة    السعودية رائدة فصل التوائم عالمياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء الخميس المقبل    «التعليم»: 7 % من الطلاب حققوا أداء عالياً في الاختبارات الوطنية    حملة على الباعة المخالفين بالدمام    «السلمان» يستقبل قائد العمليات المشتركة بدولة الإمارات    مناقشة معوقات مشروع الصرف الصحي وخطر الأودية في صبيا    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة يناقش تحديات إعادة ترميم الأعضاء وتغطية الجروح    مركز صحي سهل تنومة يُقيم فعالية "الأسبوع الخليجي للسكري"    "سلمان للإغاثة" يوقع مذكرة تفاهم مع مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية    نوف بنت عبدالرحمن: "طموحنا كجبل طويق".. وسنأخذ المعاقين للقمة    هيئة الموسيقى تنظّم أسبوع الرياض الموسيقي لأول مرة في السعودية    الجدعان ل"الرياض":40% من "التوائم الملتصقة" يشتركون في الجهاز الهضمي    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    الأمير محمد بن سلمان يعزّي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ محمد عبدالعزيز الصباح    نوافذ للحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أول رئيس لجامعة دمشق وأول وزير تعليم عال غير "بعثي". هاني مرتضى ل "الحياة": قرارات الغاء "الكاكي" والتدريب وتعليم "القومية" لم تتخذ بضغوط خارجية
نشر في الحياة يوم 04 - 11 - 2003

رفض وزير التعليم العالي، رئيس جامعة دمشق، الدكتور هاني مرتضى وضع التغييرات الاخيرة التي جرت في سورية مثل إلغاء لون "الكاكي" في المدارس وتدريس مادة "القومية الاشتراكية" والتدريب العسكري في الجامعات والسماح بتأسيس جامعات خاصة، في اطار الاستجابة ل"ضغوطات خارجية".
لكن مرتضى قال في حديث الى "الحياة" ان الغاء التدريب العسكري في الجامعات الحكومية استهدف ابعاد "المظاهر العسكرية عن الجامعات لأن الجامعات هي مؤسسات مدنية انشئت للعلم والتعليم" من دون ان يعني ذلك الغاء "عسكرة الجامعة"، لافتاً الى وجود "معسكرات خاصة لتدريب" الطلاب خارج الحرم الجامعي.
وسأل مرتضى "اين الثرى من الثريا؟" بعدما قال انه لا يرى "مجالاً على الإطلاق للمقارنة بين سورية والعراق، فبلدنا متوازن بحكم سليم ولم يكن فيه تطرف كما كان في العراق". وإضاف ان حزب البعث "سيبقى الحزب الحاكم في سورية لأنه الحزب الوحيد الذي استطاع أن يحقق الاستقرار على مدى السنين".
والدكتور مرتضى هو اول رئيس جامعة غير "بعثي" كما انه اول مستقل يتسلم حقيبة التعليم العالي منذ وصول البعث الى الحكم عام 1963. وقال: "عندما تقرر القيادة السياسية تعيين وزير للتعليم العالي غير حزبي معناه أنها أعطته السلطة المطلقة باتخاذ كل الإجراءات اللازمة لتطوير وتحديث التعليم العالي من دون أي حدود من الناحية السياسية".
في هذا الموسم افتتحت للمرة الاولى جامعات خاصة في سورية، ماذا يعني ذلك؟
- منذ تسلم حزب "البعث" الحكم في سورية، برز توجه قاطع نحو تنمية التعليم عموماً والتعليم العالي خصوصاً. فأعطي عناية فائقة ورصدت له مبالغ كبيرة، وتوسعت الجامعات وأنشئت معاهد لتستوعب أكثرية خريجي البكالوريا. وعرف ذلك ب"سياسة الاستيعاب" وبالفعل أعطت هذه الطريقة نتائج مجزية. كان هناك بطء في التعليم العالي وشعرت القيادة بضرورة استيعاب أكبر عدد من الطلبة لتخريج الكفايات المناسبة باختصاصات مختلفة. ووصلنا إلى مرحلة في سورية غطينا فيها جزءاً كبيراً من حاجاتنا.
وبدأ يُعاد النظر بنوعية هؤلاء الخريجين، فما يحدث عندما نأخذ أعداداً هائلة هو ان النوعية تتأثر بشكل أو بآخر على رغم جميع الاحتياطات التي أخذناها: ذهب عدد كبير من الموفدين إلى الخارج ليعودوا أساتذة وتدرب الكثير من الفنيين وأنشئت مستشفيات تابعة لكليات الطب. ومع ذلك بدأنا نشعر بوجوب التأكيد على النوعية. فقرر مجلس التعليم العالي إعادة النظر ب"سياسة الاستيعاب" وتحديد عدد الطلاب المقبولين في بعض الكليات العلمية والبدء بتنزيل نسبة القبول بين 5 و10 في المئة لرفع نوعية الخريجين والوصول الى درجة عالية من الكفاية.
لا شك في أن أغنى دول العالم لا تستطيع أن تواكب زيادة عدد السكان والبالغ في سورية نحو 3,4 في المئة سنوياً، وتؤمن تعليماً عالياً مجانياً كما نفعل، علماً ان السكن مجاني، والكتب يحصل عليها الطالب بأسعار رمزية وهذا شكل عبئاً كبيراً على الدولة. ووصلنا إلى مرحلة وجدنا فيها أن لا بد من أن نحمل جزءاً من هذا العبء إلى الطبقة القادرة التي تستطيع أن تدفع ثمن ثقافتها وانتسابها إلى الجامعات والى الطلاب العرب الذين يأتون ويدرسون مجاناً فهؤلاء أينما يذهبون يدفعون أقساطاً فلماذا في سورية لا يدفعون؟
درسنا الموضوع ووجدنا انه إذا قمنا بتطبيق ما يسمى ب"التعليم الموازي" وأخذنا نسبة مئوية من المقاعد الجامعية لا تتجاوز 10 في المئة، لوفرنا دخلاً للجامعة ودعمناها مالياً للعمل على تطويرها.
ماذا عن التعليم الخاص؟ هناك من يعتقد ان موافقة الحكومة على الترخيص للجامعات الخاصة كانت إقراراً ب"فشل" التعليم العام، وهناك من يقول انها جاءت لتخفيف العبء عن القطاع العام ودعمه. أي رأي تؤيد؟
- أبداً. السبب ليس فشل التعليم العام. لا يستطيع القطاع الخاص أن يعلو على القطاع العام في التعليم. واعتقد أن ذلك مرفوض شكلاً ومضموناً لمليون سبب وسبب: أولاً، مهما كان التعليم الخاص مدعياً، فإن الهدف الأساسي هو تحقيق الربح بينما التعليم العام لا ينظر إلى الربح على الإطلاق. فالدولة تضحي بمبالغ هائلة للتجهيزات والأماكن مقابل أن تخرج طلاباً لديهم كفاية عالية. والتعليم الخاص لا يستطيع أن يفعل هذا، ما يحد من قدرته على منافسة التعليم العام. ثانياً، ان التعليم الخاص يعتمد بنسبة 80 في المئة على أساتذة الجامعات الحاليين، فكيف يمكن أن يعلو على التعليم العام؟ ثالثاً، لا يستطيع التعليم الخاص أن يطرق بعض الاختصاصات المتميزة كالطب والصيدلة وطب الأسنان لأنها تحتاج إلى مختبرات متميزة ومستشفيات وهذا ليس بالسهل بالنسبة لمؤسسة خاصة.
وتقدم الجامعات الخاصة اختصاصات دقيقة تحتاج تميزاً، وتأتي بخبراء من الخارج ويمكن أن تخدم البلد من حيث فرص العمل وتلبية رغبة بعض الطلاب بالتعلم في الجامعات الخاصة. هؤلاء الطلاب كنا نخسرهم لمصلحة الأردن ولبنان وأوروبا.
لدينا أربع جامعات في سورية وهي جامعات كبيرة، ولكن إذا كانت سورية ستغطي التعليم الجامعي في شكل جيد فهي تحتاج إلى 4 أو 5 جامعات أخرى بالقدرة نفسها على الاستيعاب وهذا غير ممكن لعدم قدرة الدولة على تحمل اعباء نفقات التعليم العالي. فيصبح من المنطقي أن نسمح للقطاع الخاص بأن يساعد القطاع العام بشكل سليم خصوصاً ان هناك فئات قادرة على دفع التكاليف.
هل تعتقد ان سورية تأخرت بالسماح بافتتاح جامعات خاصة؟
- لماذا تأخرنا؟ لأننا درسنا جميع الضوابط لئلا نقع في مطبات ويصبح التعليم تجارة؟ لدينا أمثلة على ذلك في لبنان والأردن. وكرئيس جامعة أعلم مدى قدرة هذه الجامعات على اعطاء تعليم جيد، إذ ان 5 أو 6 منها فقط تحقق الشروط المقبولة للتعليم العالي. فليس المهم أن نعطي شهادة جامعية وإنما أن نضمن أن هذه الشهادة تؤهل حاملها للعمل ضمن الاختصاص الذي درسه.
ما هي المطبات التي خفتم منها؟
- المطبات هي أن ينشأ عدد من المؤسسات الخاصة هدفها الربح فقط، فتكون الكفايات التي تدرس ليست على مستوى جيد، والأماكن غير مناسبة ولا تحقق شروط التعلم بمكتبة أو كومبيوتر. هناك الكثير من المعطيات التي يجب أن تتوافر في الجامعة، وكان المسؤولون على درجة من الوعي لدرس هذه الأمور خلال سنتين أو ثلاث. نظمنا مؤتمراً كبيراً عن الجامعات الخاصة ودعينا رؤساء جامعات من الأردن ولبنان وأميركا وحدثونا عن كل النواحي الجيدة والسيئة للجامعات الخاصة والمطبات التي يجب أن نتحاشى الوقوع فيها إذا أردنا أن نفتتح جامعات خاصة.
رُخّص لأربع جامعات الى الآن؟
- نعم. وهناك اثنتان في طريقهما إلى الترخيص.
هناك 23 طلباً؟
- نعم 23 طلباً. لكن توجهي الآن كوزير تعليم عال أن نتريث لمدة سنتين على الأقل لنقوّم خبرتنا في هذه الجامعات الست ونكتشف إذا كانت هناك أي أخطاء لنصححها قبل ان نعطي تراخيص أخرى.
بعض هذه الجامعات سيدرس باللغة الإنكليزية، وربما يكون هناك مدرسون أجانب. هل تعتقد أن هذا سيحدث تحولاً جذرياً في عقلية الطلاب؟
- لا. في جامعاتنا وفي سياستنا عموماً نؤكد على ضرورة تعلم اللغة الأجنبية. وأصبح هناك توجه في سورية منذ سنوات عدة على التأكيد على تعلم اللغة الأجنبية في شكل سليم بعدما أهملناها لسبب أو لآخر. وانتقل تعلم اللغة إلى المدارس من السنة السادسة الابتدائية إلى السنة الرابعة. ونأمل بأن يبدأ من السنة الأولى. وهذا التوجه نعمل به. هناك توجه آخر وهو أن ندخل احدى المواد في الدرجة الجامعية الأولى بلغة أجنبية، لكننا نتريث لعدم توافر الكوادر المؤهلة. نحن مؤمنون بضرورة تعلم وتعليم لغة أجنبية لأنها الوسيلة الوحيدة للتطور واستعمال الانترنت والكومبيوتر والمراجع العلمية. كما لا يمكن أن نهمل لغتنا العربية التي نصر على أن الدراسة عموماً يجب أن تكون بها.
قيل ان سورية اكتشفت فجأة في مسيرة الانفتاح عدم وجود خبراء قادرين على التعاطي مع الدول الحليفة الجديدة في اوروبا الغربية. هل كان ذلك فعلاً احد اسباب تأسيس جامعات خاصة بلغات اجنبية وتوقيع اتفاقات مع جامعات غربية؟
- توقيع اتفاقات مع جامعات مختلفة إن كانت شرقية أو غربية ليس جديداً. كنت عميد كلية الطب لعشر سنوات قبل أن أصبح رئيس جامعة دمشق، كان لدي اتفاقات مختلفة مع جامعات أجنبية عدة منها في أميركا. وهناك جامعات فرنسية وبريطانية إضافة إلى جامعات مختلفة من الدول الشرقية إذ لدينا عدد من خريجينا من دول شرقية.
هل هناك تقديرات لعدد خريجي الجامعات الشرقية؟
- على الأقل أكثر من نصف عدد أساتذتنا خريج دول اوروبا الشرقية وتشمل ألمانيا الشرقية وروسيا وبلغاريا ورومانيا، إذ في فترة مضت كان هناك اتفاق خاص مع ألمانيا الشرقية وأرسل عدد كبير من أساتذة الجامعات للتأهل هناك. وهؤلاء يشكلون رقماً لا بأس به.
تتكلم عن الآلاف؟
- يبلغ عدد الأساتذة الموجودين والمؤهلين في الجامعات الأربع نحو ستة آلاف. وهناك ستة آلاف آخرون يشاركون في التدريس، ليسوا أساتذة وليس لهم صفة اعضاء هيئة تدريس بل هم أساتذة محاضرون أو أساتذة تعليم عال. لديهم مؤهلات علمية لكنهم لم يعينوا كأعضاء هيئة تدريس.
يعني هناك نحو ستة آلاف مؤهلين في ألمانيا الشرقية!
-لا، عددهم نحو ثلاثة آلاف.
هل توافق على النظرية القائلة ان الخبراء أو الأساتذة الذين يجب أن يفاوضوا الأوروبيين لا يوجد بينهم لغة مشتركة؟
- اننا نصر على تعلم لغة أجنبية أخرى كالانكليزية او الفرنسية. وفي جامعة دمشق استطعت أن أقنع جميع الأساتذة بتعلم لغة أجنبية باعتبار لدينا معهد تعليم لغات في الجامعة يستطيعون الانتساب إليه مجاناً. لدي الان 500 أستاذ من خريجي الدول الشرقية يتكلمون الإنكليزية بطلاقة. ومن الآن إلى سنتين لن يكون هناك أستاذ في جامعة دمشق لا يتكلم الإنكليزية وسيطبق ذلك على الجامعات الأخرى.
غير "بعثي"
أنت أول رئيس جامعة غير"بعثي" وأول وزير تعليم عال غير "بعثي"، ما هي المعاني السياسية لهذا الأمر؟
- عندما تقول أول رئيس جامعة غير "بعثي" فإن كل التصور أن هذا حصل بالنقلة النوعية آخر سنة أو سنتين بالتبدلات السياسية التي حصلت. هذا الكلام غير صحيح، لأنني عينت رئيس جامعة غير بعثي من أيام الرئيس الراحل حافظ الأسد. قبل وفاته بسنة صدر مرسوم بتعيني. كان هناك توجه لدى الرئيس الراحل بتطوير البلد بجميع كفاياتها بصرف النظر عن توجههم السياسي وأعتقد أن وضعي مثال. وهناك الكثير من المناصب في الدولة شغلها اشخاص غير "بعثيين". فالموضوع موضوع كفاية وتطوير بلد. السياسة شيء وتوجه الحزب والقيادة شيء. لأن لهم عملاً سياسياً. أما الأعمال العلمية والإدارية فيمكن أن تستفيد من كل الكفايات الموجودة في البلد وهذا كان توجه الرئيس الراحل قبل وفاته بسنة أو سنتين عندما أصدر قرار تعييني، علماً أن رئاسة مؤسسة تعليمية كان متوقعاً أن يتولاها دائماً إنسان حزبي. فهذا الموضوع اخترق من أيام الرئيس الراحل واستمر فيه الرئيس بشار الأسد الذي يؤمن إيماناً مطلقاً في أن العلم هو الذي يبني البلدان والسياسة لها دور في حماية الأمن القومي وتطوير البلد من الناحية السياسية. ويجب أن يستعمل العلم لخدمة هذا النظام.
صدر أخيراً القرار 408 عن القيادة القطرية بإعطاء الأولوية للخبرة على حساب الانتماء الحزبي. هل هناك خطوات أو قرارات أو توجيهات تتعلق بتعزيز هذا الاتجاه في القطاع الجامعي؟
- في الحقيقة لا يحتاج الامر إلى خطوات أو قرارات أبداً. عندما تقرر القيادة السياسية أن تعين وزيراً للتعليم العالي غير حزبي معناه أنها أعطته السلطة المطلقة باتخاذ كل الإجراءات اللازمة لتطوير وتحديث التعليم العالي من دون أي حدود مرسومة له من الناحية السياسية ابداً.
هل نستطيع أن نقول إن لديك السلطة المطلقة لتطوير التعليم العالي بصرف النظر عن الانتماءات السياسية للأساتذة والطلاب؟
- تماماً. عندما أجريت تعيينات لم أنظر إلى الناحية السياسية على الإطلاق، أخذنا الأكفأ للإدارات الجامعية من عمداء ووكلاء. وكان هناك تعاون مطلق من قبل مكتب التعليم العالي الحزبي بالنسبة لهذا الموضوع ولم نغير اسماً واحداً. وهذا دليل على أن التوجه من الطرفين السياسي والعلمي متفقان على أن الكفاية هي التي تعلو وليس أي عوامل أخرى.
في أي سياق تضع الخطوات الأخرى المتعلقة بإلغاء مادة "القومية" أو إلغاء التدريب العسكري الجامعي؟ هناك من قال انها إنهاء ل"عسكرة الجامعة"؟
- هو ليس إنهاء لعسكرة الجامعة. لأن أي شيء تمارسه لسنوات تقوّمه وتدرس نتائجه: هل له مردود إيجابي ومجزٍ أم لا؟ قوّمت الناحيتان. مادة "الثقافة القومية الاشتراكية" رأوا أنه يُفضل أن تنزل هذه المادة إلى المراحل الثانوية حيث يتأسس توجه الطالب السياسي ويبنى بناء سليماً قبل دخوله الجامعة. اما التدريب العسكري فقوم أيضاً ورأينا أننا نبذل جهداً كبيراً ونأخذ ساعات من الطالب الذي يجب أن يذهب للدراسة في مواده الاختصاصية من أجل توفير ستة أشهر من خدمته العسكرية مستقبلاً. رأينا أنه إذا أراد أن يقوم بهذا العمل فليكن ذلك في الصيف خلال عطلة الشهرين فتجرى معسكرات خارج الجامعة تعطي هذا التدريب مع بقاء الإعفاء بحذف ستة اشهر من خدمة العلم لتصبح سنتين من دون التأثير على دراسته الجامعية ونبعد المظاهر العسكرية عن الجامعات لأن الجامعات هي مؤسسات مدنية خلقت للعلم والتعليم.
اذاً، المقصود إلغاء المظهر العسكري للجامعة ؟
- الكلمة ليست سليمة. عوضاً عن قول إلغاء عسكرة الجامعة فليقولوا نقل التدريب العسكري إلى الأماكن المخصصة له عوضاً أن يكون في الجامعة.
هل تجدون رابطاً بين إلغاء "الكاكي" لطلاب المدارس واستبداله بلون آخر وإلغاء التدريب الجامعي؟
- في الحقيقة لا يوجد رابط. كل قرار يطبق يجب إعادة تقويمه. ربما لم نقوم نتائج قراراتنا لفترة طويلة وعندما اعدنا تقويمها وجدنا أن طلاب المدارس لا يرغبون بهذا اللون. ولكننا أبقينا على اللباس الموحّد لأننا بذلك نوفر الكثير من الناحية المادية على الأهل. دعنا نأخذ أكثر الدول غنى كأميركا مثلاً، ماذا يرتدون في جامعاتهم والمدارس؟ يلبسون الجينز وال"تي شرت". نحن وصلنا إلى قناعة بأنه إذا أردنا أن نعطي الحرية دعونا نعطيها عبر القليل من المرونة أي أن يكون لدى الطالب اللباس الموحد لكن ليس لدينا أن نفرض اللون أيضاً. بالفعل القيادة اقتنعت بهذا الموضوع.
بالنسبة الى إلغاء مادة "القومية"، هناك من ربطها بنوع من إعادة صوغ لدور حزب "البعث"!
- لا أنظر إلى الموضوع من هذا القبيل. لا يعاد النظر بموضوع سيطرة حزب "البعث" أو قدرته. حزب "البعث" لا يزال الحزب الحاكم في سورية وسيبقى الحزب الحاكم لأنه الحزب الوحيد الذي استطاع أن يحقق الاستقرار على مدى السنين. واستطاع أن يطور سورية زراعياً وعلمياً واقتصادياً بشكل جيد جداً. إذا كان هناك بعض الأمور التي يجب إعادة النظر فيها لمصلحة الوطن ومصلحة الحزب فلم لا! وهذا ما صنعته القيادة السياسية ونبع منها وليس من الخارج.
أي انه ليس بسبب ضغوط خارجية ولا بسبب ما حصل في العراق؟
- أبداً. بدأت التعديلات في سورية والتغييرات قبل حدوث حرب العراق، ولم نأخذ أي إجراء بعد حرب العراق.
قصداً لئلا يقال انها تجرى تحت الضغط ورداً على ما حصل في العراق!
- لا. كنا اتخذنا الإجراءات المقتنعين بها وبدأنا تطبيقها. وإذا كانت هناك إجراءات نريد أخذها سنستمر فيها بصرف النظر عن حرب العراق او سيطرة أميركا علىه. لا أرى مجالاً على الإطلاق للمقارنة بين سورية والعراق. أين الثرى من الثريا؟ سورية بلد متوازن بحكم متوازن ولم يكن هناك تطرف كما كان في العراق، والحكم هنا يمثل رغبات الغالبية العظمى من شعبها. لا يمكن ان نقيم هذه المقارنة.
هناك انتقادات معينة لطريقة تعاطي بعض الأستاذة في الجامعة مع الطلاب. وربما هناك كلام أن لكل مادة ثمناً، وان لكل أستاذ ثمناً، باعتباركم أصبحتم وزيراً للتعليم العالي هل اتخذتم إجراءات رادعة تتعلق برفع أجور الأساتذة، ثم إجراءات رادعة لمنع اي خرق للأخلاقيات؟
- قبل ان اجيبك عن السؤال، دعني آخذ الموضوع في شكل عام. أين، في العالم كله وفي اكثر الدول تقدماً الجامعة التي ليس لديها أخطاء واختراقات من قبل بعض الأساتذة؟ هذا غير موجود. استطيع ان اقول لك انه في بعض الجامعات اللبنانية والمصرية والأردنية والاميركية والفرنسية، هناك تجاوزات واخطاء لبعض الاساتذة. هؤلاء غير منزلين ولا أنبياء. انا لا استطيع ان اتحكم بضمير كل استاذ. كل استاذ لديه نقطة ضعف قد تستغل في وقت من الاوقات. هذه الأخطاء موجودة. ما مدى استفحالها في جامعاتنا؟ في الحقيقة لا تتجاوز حالات فردية. وانا اوقفت بعض الاساتذة عن التدريس في جامعة دمشق. هناك اجراءات ضمن قوانين تنظيم الجامعات يحاكم الاستاذ على أساسها في مجلس التأديب او يسرح او يحاسب ضمن الانظمة والقوانين... فهذا يمكن ان يحصل.
ربما تدني رواتب الاساتذة هو السبب؟
- نحن في صدد معالجة الوضع الاقتصادي للاستاذ. الوضع الاقتصادي في سورية كان دائماً يمر بمشكلات عزلة من قبل بسبب تأثير سياسة اسرائيل على الولايات المتحدة والان يحاربوننا بالطريقة نفسها وهو ثمن لا بد أن ندفعه بسبب موقفنا القومي. لكن هذا لا يمنعنا من محاولة معالجة المشكلة الاقتصادية لأساتذتنا. ونحن نعمل عليها بالفعل وهناك بعض التسهيلات التي نعطيها لهم. ونحن في صدد معالجة الرواتب لنكون في موقع او موقف قوي نستطيع فيه تحسينها ونتخلص من الضغط السياسي والاقتصادي المفروض علينا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.