ابتدأت في حاضرة الفاتيكان صباح امس أعمال "قمة الكرادلة الاميركيين" والتي تناقش إحدى أعقد المشاكل التي تهدد الكنيسة الكاثوليكية وحضورها في صفوف المسيحيين في العالم، وهي مشكلة "التحرشات الجنسية" التي اتهم بها عدد كبير من الرهبان العاملين في الأبرشيات الكاثوليكية في الولاياتالمتحدة. وانفجرت الفضيحة عندما حكمت احدى محاكم بوسطن بالسجن على راهب اعترف بسلسلة من الاعتداءات والتحرشات الجنسية طاولت عدداً من الأحداث كانوا يرتادون الكنيسة ومدارسها الكهنوتية، ما أدى الى خلق حال من التردد والقلق لدى أوساط واسعة من العائلات الاميركية والتي بدأت بالامتناع عن ارسال أبنائها الى الكنيسة بمفردهم. والى التحرش الجنسي يناقش الكرادلة ملف الفضائح الناتجة عن حالات الشذوذ الجنسي المنتشرة في كثير من المدارس الكهنوتية الاميركية، ما أدى بالعديد من الرهبان الشباب الى الابتعاد عن السلك الكهنوتي. ولاحظ رئيس مجلس الأساقفة الاميركان الكاردينال ويلتون غريغوري "ان عدداً من الشباب الذين كانوا يرغبون بدخول الكهنوت ارتعبوا من البيئة التي تفوح منها رائحة الشذوذ الجنسي في بعض المؤسسات الدينية". داعياً الى "كفاح حقيقي من اجل الحيلولة دون وقوع الرهبان الكاثوليك في براثن الشذوذ الجنسي". وبلغت هذه الفضيحة من الضخامة والخطورة حداً حمل البابا يوحنا بولس الثاني الى استدعاء الكرادلة ال13 وعقد القمة والخروج بقرارات لوقف النزيف، سواء في سمعة الكنيسة الكاثوليكية الاميركية أو في حضورها بين المؤمنين، وكما كان مقرراً افتتح البابا الاجتماع بنفسه وألقى خطاباً شديد اللهجة والقوة اكد فيه ان "لا مكان في الكنيسة لمن يلحق الأذى بالشباب"، معتبراً ان ما تعانيه الكنيسة الكاثوليكية الاميركية "حالة معقدة وصعبة للغاية"، مشيراً الى انه "كالعديد من رجال الكنيسة اشعر بالألم الشديد عندما اسمع ان رهباناً يفترض بأن تكون مهمتهم الاساسية مساعدة البشر للوصول الى الرب، أقدموا على أفعال تسببت في عذابات وفضائح للعديد من الشباب". وقال البابا: "ان الكنيسة بأسرها معرضة الى الشكوك والمخاوف بسبب ما أقدم عليه بعض أفرادها". ويبدو ان جملة البابا "لا مكان في الكنيسة لمن تسبب في إلحاق الأذى بالشباب" تحولت لدى أساقفة الولاياتالمتحدة الى ما يشبه "الفرمان" البابوي الذي ينبغي ان يتم تنفيذه بحذافيره، على نحو يبدو معه الكرادلة الاميركان مصرين على تجاوز أحد مرتكزات الديانة الكاثوليكية، أي "الغفران بعد الاعتراف بالذنب والتكفير عنه". اي انهم مصرون على "طرد" من تلطخ بهذه "الاعمال المشينة" من الكنيسة. ويبدو ذلك واضحاً من الموقف الذي أعلنه الكاردينال غريغوري: "نحن نناقش الآن مبدأ التسامح في درجة الصفر"، اي عدم التسامح مطلقاً. وأضاف غريغوري: "هناك نقاش حول الموضوع واعتقد بأننا سنخرج بقرار جماعي"، ملاحظاً "ان الاعتداء على الاحداث والتحرش بهم ليس مقتصراً على الكنيسة فحسب، بل هو وضع سائد في المجتمع الاميركي". وكانت الفضيحة انفجرت في 5 كانون الثاني يناير الماضي عندما قضت محكمة في بوسطن بالسجن عشر سنوات على الراهب جون جيوغهان لادانته بالاعتداء الجنسي على 130 حدثاً والتحرش العام 1991 بحدث آخر. وقد دفع هذا الحكم الى كشف 450 اعتداء في منطقة بوسطن وحدها، ما أدى الى توقيف 62 راهباً ورجل دين يعملون في 17 أبرشية في الولاياتالمتحدة.