الى الصديق الشاعر السفير أمين أسبر - 1 - أفوّضُ أمري الى اللّهِ أصعدُ معراجَ روح رأت موتَها قبل أن يرتديها غبارُ المدينةِ يختارها زمنٌ ومكانٌ بلا رغبةٍ ويكون لها جسدٌ ولسانٌ وعينان، كانت ترى، وتنوح، وتشكو رأتْ كائناً يتحرك فوقَ هديرِ التراب ويحملها بين جنبيه يجري بها تارةً في حرير من الضوء مغمورة بظلال من العطر يجري بها تارة في كهوف من الرعب مبتلة بصقيع من الخوف شاردةً ذاهلةْ. - 2 - أفوّض أمري الى اللّهِ أصعدُ منتشياً في ارتعاشِ القصيدة أخلع عني - في عجلٍ - جسداً أرهقتني مخاوفهُ ونوازعهُ أوجعتني انطفاءاتُه حينَ يعشق أبهةَ الحزن حين يداري مغامرةً لا تليقُ بهِ يا رفيقَ طفولتنا وصبانا ومأوى الكهولةِ يا أنتَ يا جسدي كيف أغلقتَ نافذةَ الروح أطفأتَ أعذبَ ما فيك أغمضتَ قلبكَ في خندقٍ مفعمٍ بالغوايةٍ القيت كنزَ هواك وفي غسقٍ لا قناديلَ في سقفهِ تتخبطُ، تقتاتُ أحلامَك الفاشلةْ. - 3 - أفوّض أمري الى اللّهِ أسألهُ عن عدوٍ من الناسِ كان صديقي وأسألهُ عن صديقٍ من الناس كان عدوي وعن كتب كنتُ أقرؤها فيزيد بفضلِ القراءة جهلي وعن بلدٍ كنتُُ أحسبهُ وطني وأرى فيه أهلي وجدران بيتٍ عتيق يسيِّجهُ الشوقُ والحزنُ عن طفلةٍ كنتُ أعشق عطرَ جدائلها وأرى في ابتسامِتها عالماً فاتنَ القسمات وأسأله أين - بعد الذبول - يروح الجمالُ وأين مصير العيون التي كان في طرفها حورٌ يقتلُ العاشقين؟ وماذا جرى عند سقف الزمان لنرجسِ أحلامِنا وعواطفنا الذابلة؟! - 4 - أفوض أمري الى اللّه لم يبقَ ظلٌ، ولا طللٌ كانت الأرضُ ساقطةً والفضاءُ غريباً ولا نبضَ للكائنات كأني الوحيدُ الذي نسيتْهُ قرونٌ من الموت اخفتهُ في كهفها الكلمات ولم يدرِ ان القيامةَ قامتْ وأن جميع الخلائق في قبضةِ الأبديةِ ويلاه... إني أفوّضُ أمري الى اللّهِ أقرعُ أبوابَهُ بدموعٍ تكسَّرَ مرمرُها في محيطٍ من الظلمةِ القاتلةْ.