هذه رواية خليجية للكاتبة (عائشة جاسم الطنيجي) رواية حب تصنف من دنيا عجائب القرن الواحد والعشرين حيث طغت المادة على الأحاسيس النبيلة واختفت العواطف وصودرت المشاعر الحلوة الفياضة.. رواية فاتنة فيها حنين وفرح وشجن وألم وعتاب على استحياء وشوق لا يحتمل التأجيل ولا يعترف بفراق ولا هجران وحزن صاف كنسيج كمنجات قادم من نافذة نصف مفتوحة.. رواية تحمل الكثير من الدفء.. يرقص فيها الصيف ويتعطر فيها الخريف وينام الشتاء على بريق من زخات المطر الخليجي.. في عبارتها هديل الحمام وشكاية الكروان وزلزلة قلب في ساعة صفو ورعشة اوراق ورد في لحظة حنان.. أحياناً تحس برعشة برد في عز الصيف وتمر بك نسمة حر في عز البرد الرواية من عطر عود خليجي أصيل وليس عطراً صناعياً.. خليط من رائحة تراب (ابوظبي) المبتل بأهازيج اصوات البحارة العميق حيث تسكن (هي) و(دبي) المدينة التي يتثاءب الضوء على جفونها وتنفذ الابتسامة من سمائها وتقف بصدر رحب للحزين والمحروم تفتح مصرع الاحتواء للأحزان.. تترصدك بالفرح وتمتص آلام عينيك وتسكبها على مياه الخليج لتتبدد حيث يسكن (هو) و(هي) امرأة لا تقاتل من اجل المساواة مع الرجل تعلن بأعلى صوتها برب الرجال والنساء والأطفال انها انثى تحتاج الى رجل تؤكد انها كائن ضعيف تحتاج الى حبيب ليكملها ليشاركها ليتقاسم معها اي شيء وكل شيء تقول (كيف لكائن ان يتساوى مع كائن آخر يمكن ان يقتله برحيل) اما هو فرجل اسمه مطر وهو اسم الرواية رجل بدوي تقول عنه.. احببت رجلا لم يأت على ذوقي لم يكن كاتباً أو رساماً أو ممثلا أو موسيقاراً رجلا من بيئة بدوية بعيدة عن معظم صور الفن لا يحب فيروز ولا يقرأ لسركون بولص ولم يحدث ان استشهد يوما بأقاويل فولتير أو أدونيس وكافكا.. مكتبته لا تحتوي علة روايات احلام مستغانمي أو على دواوين نزار قباني.. مجموعة اقراصه المدمجة في درج سيارته لا تحتوي على معزوفات شوبان وموزارت لا يحب الرسم والرسامين لا يعرف عن رسمة الجيوكندا التي يسميها (الخنسة) لا يعرف اندريه ريو ولا وديع سعادة ولا عمر خيرت.. لا يملك احساساً ثقافياً برمزية رمادية في تويتر رجل يكره السياسة وقاطع صحف الخليج والاتحاد والبيان منذ احرق بوعزيز نفسه في تونس ورغم ذلك احببته.. احبت (مطر) وكانت متيقنة بأنها تورطت في شيء لا تجيد التعامل معه وأنها ستنال من الحزن ما يعادل ضعف ما تناله من السعادة ولكنها لم تبال.. تقول (تخيل ان تنتظر المطر سنوات وحين يهطل المطر تحتمي منه بمظلة) أليس ذلك غباء؟ في مكان آخر من الرواية تقول له (ياه يا مطر من تراه هذا الذي اسماك به أكان يدري بأنك ستبللني عشقاً؟ وتحيي روحي التي اضناها جدب الروح؟ وقحط العاطفة مبكرا؟ أكان يدري بأنك ستطفئ داخلي حرائق الفضول التي ما دريت باشتعالها داخلي قبلك تجاه ذلك الشيء المسمى حباً، وتضعني في منتصفه تماماً، دون مظلة أو سقف احتمي تحته؟ يشبهك تماماً اسمك يا مطر.. يشبهك وما كان ينبغي لهم ان يسموك بغيره).. تكتب له بصوت الأنوثة الخالصة كلمات محلاة بالسكر والبرق.. تقرأها فيتدفق العطر في الورق ويسبح الكون في ماء الورد ويوشوش الرمال الصدف ويتلألأ ويسري الدفء في نسغ الشجر تقول (لقد كنت عاشقة والعاشق ضعيف والضعيف طفل والطفل تواق بطبعه الى تصديق الخرفات.. لأن الواقع اكثر جفافاً من قدرته على الاستيعاب.. لقد اصبحت قدري الذي شطر عمري الى شطرين رغماً عني فأصبح كل شيء عندي سنين ما قبل محبتك والسنين التي قضيتها معك وبعدك هي سنينك انت لأني حين احببتك لم يعد ثمة شيء يخصني اصبح فجأة كل شيء يخصك انت وملكك انت.. وكان هذا خطئي الأكبر.. أو ربما لم يكن!) وتستمر الرواية مليئة بأجمل ما في الحب من حب.. والذي يرحل في النهاية ككل شيء دون عودة وتبقي الذكريات كجروح خالدة.. وحصاد من ابناء من ألم ومنتوجات من دمع وليكون نصيبنا من كل ذلك رواية امرأة خانتها الأقدار فوجدت شطآنها خالية من حبيبها ولتواصل الكتابة لتمنحنا ادباً ممتعاً دامعاً.. رواية جميله كالغيم.. كالندى.. كالياسمين.. كأصابع المطر.. فيها الحزن مثل المياه الجوفية.. ويبقى في النهاية افضل الكتاب هم الموجوعون.. المحزونون.. وحدهم الفاشلون في الحب يكتبون اعظم الروايات.. الناجحون في الحب هم بين احضان العشق ليس لهم وقت للكتابة مثلي!!