تتضافر الجهود مدعومة بتحرك سوري مباشر من اجل اعادة ترميم الوضع الحكومي لتعذر اجراء تغيير وزاري حاضراً لضرورات اقليمية ومحلية. فاستمرار الوضع الحكومي على حاله، سيجعل مهمة الحكومة التي تمثل قريباً امام المجلس النيابي لمناقشة الموازنة اكثر صعوبة في مواجهة سعي بعض النواب الى إدخال تعديلات تزيد من النفقات بما يهدد صدقية الحكومة والتزامها بتعهداتها في مقابل افادتها من التسهيلات المالية لمؤتمر "باريس -2" بغية اعادة هيكلة خدمة الدين العام وخفض العجز في الموازنة. فمن غير الجائز القول ان الحكومة باقية وقادرة على تثبيت هيبتها التي اهتزت ما لم يُصَرْ الى احياء التضامن الوزاري والاقلاع عن تظاهر بعض الوزراء ضد حكومتهم. وفي هذا السياق يأتي تأكيد رئىس الجمهورية اميل لحود في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء، بأن الحكومة باقية، لاعطاءها جرعة سياسية تبقى مشروطة بتوفير الحد الادنى من التضامن وبعودة بعض الوزراء عن احتجاجهم على الموازنة بعدما وافقوا عليها في مجلس الوزراء. وعزا أحد الوزراء استبعاد التغيير الى صعوبة التفاهم على البديل والتوافق على اسماء المرشحين على رغم ان الرئاسة محسومة للرئىس رفيق الحريري، اضافة الى ان دمشق لا تحبذ في ظل الخلاف، الخوض في مغامرة التأليف ما دامت غير مضمونة النتائج ويمكن ان تجر الى مشكلة، ناهيك عن ان التماسك الحكومي اصبح مطلوباً حالياً اكثر من اي وقت مضى. وقال: "ان دمشق وان كانت تدعم اي توافق رئاسي يستعجل تبديل الحكومة، فهي في المقابل لا تشجع على الاقدام عليه، اذا كان سيؤدي الى ازمة سياسية لبنان في غنى عنها الآن، نظراً الى حاجته الماسة الى تحصين ساحته استعداداً لمواجهة مرحلة ما بعد شن الحرب على العراق". وأوضح الوزير: "ان النتائج السياسية لهذه الحرب لن تظهر قبل نيسان ابريل المقبل، ما يستدعي الانتظار الذي يفرضه أيضاً الوضع السائد في اسرائىل في ظل الاستعدادات لخوض الانتخابات المبكرة من جهة وحتى معرفة رد الفعل الاميركي على نتائجها للتأكد من الخطوات التي ستنتهجها الادارة الاميركية وبالتالي مصير العملية السلمية". واعتبر ان كل هذه الاسباب تفرض التحرك لاعادة الاعتبار الى الحكومة لتكون قادرة على تجاوز امتحان الموازنة بنجاح، مؤكداً ان دمشق بادرت الى التحرك بهدوء لرأب الصدع بعد الخلافات على الموازنة. ورأى ان الحكومة في حالها الراهنة باتت غير قادرة على المثول امام المجلس النيابي اذا لم يعمل على اعادة رص صفوفها، بتحرك سوري لئلا يؤدي الوضع الراهن الى فتح المزيد من الثغرات التي تتيح للمعارضة ولبعض الموالين شل قدرتها على التكيف مع مقتضيات "باريس -2". وكشف الوزير عن "محاولات جادة" لترتيب العلاقة بين الحريري ورئىس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، مشيراً الى عدم وجود صعوبة في التوفيق بينهما، لان الجدول الرقم 9 في الموازنة خالٍ من معظم ما يثيره الاخير. وإذ راهن الوزير على الرعاية السورية لإعادة ترتيب العلاقة الحريرية - الجنبلاطية اعتبر ان لا مصلحة للإطاحة بتحالفهما الذي يفتح الباب مجدداً أمام لقاء "قرنة شهوان" للتخلص من الحصار السياسي المفروض عليه، من خلال العودة الى التحرك تحت عنوان دعم المطالب الاجتماعية. وشدد على حاجة الحكومة الى إحداث صدمة سياسية "لا تتأتى إلا بتفاهم الرئيس نبيه بري والحريري وجنبلاط المدعوم بالمفاعيل السياسية لغسل القلوب بين الرئاستين الاولى والثالثة، لا سيما انه يؤمن للحكومة رافعة لا تضمن تعويمها وخروجها من جلسة الموازنة أكثر تماسكاً". ولم يستبعد الوزير ان يؤدي الافراج عن التشكيلات الديبلوماسية المجمدة، الى إحداث واحدة من الصدمات الضرورية التي تسمح بالتغلب على النقاط العالقة التي كان اشار اليها نائب رئىس مجلس الوزراء عصام فارس عندما تحدث عن خلاف على سفيرين او ثلاثة والمقصود بها السفارات اللبنانية في باريس وواشنطن والأمم المتحدة. وخلص الوزير الى ان غسل القلوب بين لحود والحريري هو الآن على محك اصدار التشكيلات والمناقلات الديبلوماسية، التي لا يجوز ان تبقى مجمدة، إضافة الى انه يجب ان يعمم لإشعار جميع الوزراء من دون استثناء انهم يشاركون في اتخاذ القرارات التي تصدر عن مجلس الوزراء مجتمعاً.