ان أي ردّ يجب ان يتقيد بمضمون المقال المردود عليه، ألاّ يقوّل الكاتب ما لم يقله، ولكن عمّار علي حسن لم يلتزم أياً من الأمرين السابقين في رده المنشور بتاريخ 8 تشرين الثاني نوفمبر 2002 على مقال سابق لي، ويتضح ذلك عندما تعرض لفكرة تأثير أسامة بن لادن في مسيرة أيمن الظواهري وهي فكرة لم أناقشها ولم أتعرض لها. أما قول عمّار علي حسن إن أيمن الظواهري زاوج بين "العدو القريب" و"العدو البعيد"، فهو قول لم يقل به الظواهري، بدليل ان أتباعه استنكروا انتقاله من استهداف "العدو القريب" الى استهداف "العدو البعيد" ولم يستنكروا المزاوجة بين "العدو القريب" و"العدو البعيد" التي لم تكن مطروحة أمامهم. وعلى افتراض ان الظواهري طرح المزاوجة بين مقاتلة العدو القريب والبعيد، فهو أمر يؤكد وجهة نظري بأن الانطلاق في تحديد الأهداف لم يكن التحليل الموضوعي للواقع المحيط بمستوياته الثلاثة: الوضع التاريخي، اللحظة الراهنة، والآخر المقصود به هنا الغرب، بل هي الظروف الخاصة للتنظيم، لأن تحديد الأهداف من خلال التحليل الموضوعي للواقع المحيط يجب ان يقود الى اعطاء الأولوية لاستهداف أحد العدوين القريب أو البعيد، لأن هذا الاستهداف يستدعي ترتيبات تنظيمية ومالية واعلامية وسياسية الخ...، وستختلف هذه الترتيبات باختلاف نوع المستهدف "العدو القريب" أم "العدو البعيد"، ولا يمكن الجمع بين نوعين مختلفين من الترتيبات في اللحظة الواحدة. أما اشارة عمّار علي حسن الى تراث الرعيل الأول من قادة تنظيم الجهاد ودوره في بلورة موقف عدائي نحو أميركا، فهو أمر لا يشمل قيادات تنظيم الجهاد، بل يشمل كل ألوان الطيف الإسلامي، لأن تحدي الحضارة الغربية، واستعمار معظم أقطار العالم الإسلامي، وإقامة اسرائيل وتغذيتها المستمرة من فرنسا وانكلترا سابقاً، ثم من أميركا في ستينات القرن الماضي، جعلت كل الجماعات الإسلامية، وليس التنظيمات الجهادية فقط في عداء مع أميركا. لقد تحدث عمّار علي حسن عن الشكل التنظيمي الذي انتهى اليه تنظيماً "الجهاد" و"القاعدة". وإنني اتفق معه في ما ذكره، لكن أرى ان هذه الصعوبات التنظيمية يجب ان تجعل الجماعات الإسلامية أكثر حرصاً على أن ترسم أهدافاً تتناسب مع قواها التنظيمية، لأن أي خسارة لا تنعكس على التنظيم وحده، بل تنعكس على الأمة جميعها، وهو ما يضع فارقاً رئيسياً بين أعمال التنظيمات الإسلامية وغيرها، لأن الأولى تتحرك ضمن مناخ إسلامي موجود وضخم بنته جماهير الأمة على مدار التاريخ السابق، لذلك فإن أي عمل فاشل سيؤدي الى التقليل من هذا الرصيد، في حين ان هذه القاعدة لا تنطبق على التنظيمات الشيوعية أو القومية أو الاشتراكية التي تعتبر ان التجارب الفاشلة لن تؤدي إلا الى خسارة الأغلال والقيود التي في أيدي الجماهير. * كاتب فلسطيني.