نشرت "الحياة" في 18 تشرين الأول/ 2002 تحت عنوان الغول الأسود... الغول الأبيض، للكاتب العراقي أحمد الحلي، مقالاً تناول فيه نتيجة الاستفتاء الذي قامت به "الرأي العام" الكويتية في حوادث الحادي عشر من ايلول سبتمبر 2001 وهو اسفر عن ان أكثر من 70 في المئة ممن شملهم الاستفتاء يرون ان اسامة بن لادن بطل. وما فاجأ الكاتب العراقي، على حد قوله، انه كان يحسب ان الشعب الكويتي الشقيق على مستوى عال من الوعي السياسي. وسرد المواقف الاميركية من دولة الكويت الشقيقة، ابان حرب الخليج الثانية في 1991. أذكر الكاتب العربي العراقي بمن اعطى الضوء الاخضر الى صدام بدخول الكويت، وحرضه على الاحتلال، ولم يحاول التدخل الا بعد ان فات الفوت، ودخلت القوات العراقية الكويت، مع ان الرئيس الاميركي بوش ابلغه النظام العراقي ان الازمة قد تأخذ شكلاً آخر يصل الى احتلال الكويت، والسيطرة على آبار النفط فيها. ولكن أميركا لم تسمع ولم تستجب، إلا بعدما فات الأوان. فصرخ جورج بوش الأب وقال كلمته الشهيرة: America always must come First. وبلغت به الشهامة ان ارسل قواته فوراً، ومن دون سابق انذار للخليج لتحرير الكويت لا غير، وحررت الكويت. نعم حررت الكويت، ولكن بمساعدة 32 دولة اخرى اشتركت في الطلعات الجوية، الى مشاركة القوات العربية في العمليات البرية. ولا تزال اميركا تحاول جاهدة تحرير آبار النفط من العرب انفسهم، وتبسط نفوذها عليها، لئلا يحدث ما حدث في حرب اكتوبر 1973. وأذكر الكاتب الكريم بأن أميركا، عندما حصلت الهجمات على نيويورك وواشنطن، سارعت الى كيل الاتهامات للعرب والمسلمين، و"القاعدة" من دون دليل ملموس وقاطع. وسارعت اميركا الى مسح جبال افغانستان بقنابلها الفراغية، وغيرها بحثاً عن بن لادن، وقتلت آلاف الابرياء. وقد يكون بن لادن اعترف بمسؤوليته عن الحوادث، ولكنني اذكر الكاتب العراقي بأن القانون الدولي ينص على انه ليس بالضرورة ان يكون الاعتراف دليلاً كافياً للادانة. سيدي الكريم، ان بغداد ليست كابول ثانية. واذا كانت كابول نزهة للأميركيين، فبغداد جحيماً على المنطقة بأسرها، وعلى شعوبها وحكامها. ان اميركا تسعى من وراء اسقاط نظام صدام الى حكم بغداد، والسيطرة على منابع النفط، وتهميش الدور السعودي، وفتح جبهة غربية على ايران، على غرار الجبهة الشرقية من افغانستان، لتصبح ايران محاصرة بين فكي كماشة. ان نتيجة الاستفتاء الذي اجرته "الرأي العام" الكويتية لا تزوير فيه لغاية في نفس يعقوب، بل هو محصلة افعال اميركا على مدى المئتي عام الماضية، أي تاريخ اميركا، ومن حقد الشعوب. وقادتها ينظرون الى مصلحة اميركا على انها في الحرب لا في السلم. وعلى مدى المئتي عام السابقة لم تمر 10 سنوات إلا وأقحمت اميركا نفسها في حرب جديدة، وتسلب موارد الشعوب. جمهورية مصر العربية - حسن العايش سعودي مقيم