حققت الاتجاهات القومية انتصاراً كبيراً في انتخابات رئاسة جمهورية صربيا اول من امس، ما جعل فوز الرئيس اليوغوسلافي فويسلاف كوشتونيتسا يكاد يكون مؤكداً في الجولة الحاسمة التي تجرى في 13 تشرين الأول اكتوبر الجاري، بفضل اصوات اصحاب هذه الاتجاهات. وأظهرت النتائج شبه النهائية التي اعلنتها اللجنة المشرفة على الانتخابات امس، ان كوشتونيتسا رئيس الحزب الديموقراطي الصربي - قومي معتدل حصل على 31 في المئة من اصوات المقترعين، في مقابل 27 في المئة لمنافسه نائب رئيس الحكومة الاتحادية ميروليوب لابوس موالٍ للغرب ومدعوم من جانب رئيس الحكومة الصربية زوران جينجيتش الذي حل في المرتبة الثانية. واللافت ان رئيس "الحزب الراديكالي الصربي" فويسلاف شيشيلي المدعوم انتخابياً من الرئيس السابق سلوبودان ميلوشيفيتش الذي حل في المرتبة الثالثة، فاق كثيراً ما كان متوقعاً له، بحصوله على 23 في المئة من الأصوات. واعتبر المراقبون ان شيشيلي أفاد كثيراً من التعاطف مع ميلوشيفيتش الذي وفره استئناف محاكمته في لاهاي والذي تزامن مع الانتخابات، اذ استغل شيشيلي ذلك بمهارة من خلال تقديم رسالة التأييد الخطية التي بعثها ميلوشيفيتش له، الى وسائل الإعلام. وأشار المحللون في بلغراد الى ان النتيجة التي افرزتها الجولة الأولى، اوحت ان كوشتونيتسا سيحصل في الجولة الثانية على ما لا يقل عن 60 في المئة من الأصوات، على اعتبار ان اصوات المرشحين التسعة الذين خرجوا من المنافسة، ويبلغ مجموع اصواتهم نحو 42 في المئة، ستؤول الى كوشتونيتسا، لأنها كانت من نصيب المرشحين القوميين واليساريين الذين هم اقرب الى كوشتونيتسا القومي من لابوس الموالي للغرب. وجاءت غالبية اصوات لابوس من الأقليتين: الهنغارية في مقاطعة فويفودينا والبوشناقية في منطقة السنجاق، في حين ان كوشتونيتسا حصل على المرتبة الأولى في بلغراد والمناطق الريفية الصربية، بينما حظي شيشيلي بمعظم اصوات الذين اقترعوا في كوسوفو وجنوب صربيا. وفسر المحللون هذا بأنه دليل الى ان الاتجاهات القومية لا تزال مسيطرة على مواقف غالبية الصرب، واستطلاع واقعي لميزان القوى في صربيا بعد إطاحة ميلوشيفيتش. واعتبر كوشتونيتسا النتيجة "مؤشراً الى الاستياء الشعبي من الأساليب المخالفة للقوانين التي مارستها السلطات الصربية الداعمة للمرشح لابوس، والتي ادت الى زيادة تردي الأوضاع الاقتصادية وتدني مستويات المعيشة لغالبية المواطنين". ودعا الناخبين الى مواصلة مشاركتهم في الجولة الثانية "لأن صربيا بحاجة ماسة الى تحقيق برنامجه في دستور جديد ورئيس مؤثر وقوانين حديثة وانتخابات برلمانية مبكرة". ووصف كوشتونيتسا الصرب، بأنهم "لا يزالون محافظين على قيمهم وتقاليدهم وسيادتهم وكرامتهم، واختيار زعمائهم من بين الأوفياء لمبادئهم". واعترف لابوس بأن النتيجة ليست في مصلحته، معتبراً ان السبب في ذلك "يعود الى انه كان في مواجهة حادة مع عشرة مرشحين، كلهم على الضد من نهجه "الإصلاحي". وحذر الناخبين من مغبة الاستمرار في موقفهم "الذي سيجعل صربيا تعود الى الوراء، فتخسر الإصلاحات التي بدأت فيها وتفقد المجالات الدولية التي توافرت لها، وتتراجع عن الموقع القيادي في البلقان الذي اخذت في العودة إليه". ومن جانبه، اعتبر زوران جينجيتش الذي تدعم حكومته الصربية لابوس ان النتيجة التي جاءت بها الجولة الأولى من الانتخابات لم تكن متوقعة، وأعرب عن امله في ان يغير الكثير من الناخبين مواقفهم "وأن ينظروا بجدية الى مصلحتهم ومستقبل بلادهم". وأثنت الصحف الألبانية الصادرة في بريشتينا على المقاطعة الواسعة من سكان كوسوفو لانتخابات صربيا. وقالت صحيفة "كوخاديتوري" امس "ان كل سكان كوسوفو اكدوا رفضهم لهيمنة بلغراد عليهم، باستثناء اقلية صربية ليست ذات شأن في تقرير مستقبل الإقليم".