ربما كان يوم الجمعة 23/9/2011 أهم يوم في تاريخ الأممالمتحدة فغالبية عظمى من شعوب العالم انتصرت لشعب فلسطين، وأعلنت أنها تؤيد عضوية كاملة لدولة فلسطين المستقلة في المنظمة العالمية. اسرائيل ستحاول إحباط قرار الغالبية، والولايات المتحدة ستحاول الالتفاف حوله، إلا أنهما لن تمنعا النتيجة الحتمية غداً أو بعد غد. حضرت كل دورة سنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة منذ سنة 33 سنة، وأنا أتكلم عما أعرف، وأقول أنني لم أسمع أبداً تصفيقاً دام أكثر أو كان أعلى مما إستقبل به الرئيس محمود عباس، أي فلسطين، أو مثل الذي وُدِّع به وأعضاء الوفود وقوفاً يصفقون ويهتفون كأن العضو الجديد بلدهم هم. هم صفقوا وهتفوا عندما أشار الى خطاب ياسر عرفات في الجمعية العامة سنة 1974 وقوله «لا تسقطو الغصن الأخضر من يدي». وهم صفقوا عندما قال إن هدف الشعب الفلسطيني إقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس فوق جميع الأراضي التي احتلتها اسرائيل في حزيران (يونيو) 1967. وصفقوا عندما قال إن شعبنا سيواصل مقاومته السلمية للاحتلال الاسرائيلي. وصفقوا عندما قال إن هناك مَنْ يعتقد أننا شعب فائض عن الحاجة في الشرق الأوسط، أو أن هناك في الحقيقة دولة ناقصة ينبغي المسارعة في إقامتها. وصفقوا وهتفوا عندما أشار الى الربيع العربي وقال: دقت أيضاً ساعة الربيع الفلسطيني. ساعة الاستقلال. وصفقوا طويلاً وهتفوا ووقفوا عندما نقل عن محمود درويش قوله: واقفون هنا، قاعدون هنا، دائمون هنا، خالدون هنا، ولنا هدف واحد واحد واحد... أن نكون. وصفقوا عندما شكر الأمين العام بان كي مون لقوله قبل أيام إن الدولة الفلسطينية كان يجب أن تقوم منذ سنوات. وصفقوا عندما قال إنه حان الوقت بعد عقود طويلة من التهجير والاحتلال الاستيطاني والعذابات المستمرة أن يعيش الشعب الفلسطيني حراً فوق أرض وطن سيد مستقل. ووقف ممثلو شعوب الأرض وهتفوا وصفقوا وقاطعوا أبو مازن قبل أن ينهي قوله إنه قدّم الى الأمين العام للأمم المتحدة طلب إنضمام فلسطين في حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشريف دولة كاملة العضوية في الأممالمتحدة. اليوم المبارك الجمعة 23/9/2011 كان عرس فلسطين في الأممالمتحدة، وقد ردت الجلسة لي ثقتي بالنفس البشرية، فقد كان واضحاً أن شعوب العالم لا تقبل الظلم وأنها تجرؤ على الوقوف ضده حتى لو حاولت اسرائيل والولايات المتحدة وقف عجلة التاريخ. مجرم الحرب بنيامين نتانياهو تبع أبو مازن بعد قليل ليكذب دفاعاً عن آخر دولة نازية جديدة وعنصرية في العالم، ولم أتحمل رؤيته فخرجت من القاعة، إلا أنني سمعت بعد ذلك تصفيقاً فعدت مستغرباً لأجد أن المصفقين هم الضيوف من الاسرائيليين بين المتفرجين وأعضاء وفد اسرائيل، وهو مباشرة أمام الوفد اللبناني حيث جلست. واستغربت أن جالسين في مقاعد دولة نورو، في المحيط الهادئ، يصفقون ثم اكتشفت انهم اسرائيليون احتلوا مقاعد دولة أخرى كعادتهم. غلبني البكاء وأنا أسمع خطاب أبو مازن وحاولت ألا يراني أحد، إلا أن شباب بعثة لبنان والصبايا طيبوا خاطري. ووجدت أن سفير لبنان نواف سلام يبكي أكثر مني، وكانت زوجته الصحافية والمؤلفة أختنا سحر بعاصيري معنا والكاميرا بيدها فالتقطت لنا صوراً كثيرة. وعندما غالبت إحراجي من البكاء ووقفت وجدت أن عيوناً كثيرة اغرورقت بالدموع، ولم يكن كل الباكين عرباً أو مسلمين. كان يوم إنتصار فلسطين على الهمجية الاسرائيلية، وأبو مازن وضع نتانياهو في مزبلة التاريخ حتى قبل أن يفتح فمه بالكذب. مبروك لفلسطين والفلسطينيين. مبروك لنا جميعاً. [email protected]