سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عاليه وبحمدون وصوفر تستفقد مصطافيها اللبنانيين وسط زحمة الخليجيين . قرى الاصطياف عاد إليها روادها العرب بأعداد كبيرة وأملها في نجاح الموسم المقبل بعد ترميم عشرات الفنادق
تشهد قرى الاصطياف اللبناني لا سيما عاليه وبحمدون وصوفر وحمانا تحسناً ظاهراً في حركتي السياحة والاصطياف، مستعيدة بعضاً من دورها الذي اشتهرت به قبل الحرب اللبنانية. لكن ما يلفت ساكني تلك القرى ومضيفيها ان حركة الاصطياف تقتصر هذه الأيام على الرعايا العرب والسياح الخليجيين، من دون ان يشارك فيها اللبنانيون انفسهم ولا سيما سكان مدينة بيروت الذين لم يكن يستهان بحركة السياحة الداخلية التي كانوا يوفرونها. وفي المقابل يلاحظ البيروتيون ان بيروت لا ترتاح من قاطنيها إلا نهاية الأسبوع، "لأن الناس استعاضوا بالمكيفات عن الاصطياف". ناجية سيدة بيروتية. طوال عمرها كانت تحلم بأن تتزوج رجلاً مسقط رأسه خارج بيروت، وله قرية يذهب اليها مصطافاً بداية كل موسم. فالسيدة التي لا قرية لها، وفّقت بما حلمت به، لكن توفيقها لم يكن محظوظاً كفاية لأن الرجل الذي تزوجته ابن "ضيعة" لا يذهب الى ضيعته، ويفضل البقاء في بيروت على الذهاب اليها، خياره فوّت عليها حلم الذهاب الى الضيعة كما كان يفعل كثيرون من ساكني بيروت، اصطيافاً أو لقضاء عطلة نهاية الأسبوع. وأمثال زوج السيدة من المقيمين في بيروت كثيرون للغاية، وهم يؤثرون البقاء فيها طوال أيام السنة على الذهاب الى قراهم، لا سيما أولئك الذين جاؤوا من القرى البعيدة والنائية، اضافة طبعاً الى سكان بيروت الأصليين. فزحمة بيروت لا تتغير غالب أيام الأسبوع، على رغم أنه لم تعد هناك منطقة في لبنان متعلقة في وجه اللبنانيين من دون أن يسعهم الوصول إليها أو العودة اليها، لا سيما بعد تحرير الجنوب. والزحمة هذه تختفي فقط كل نهاية أسبوع. "حين يخرج من بيروت نحو 300 ألف من سكانها"، كما قال عضو مجلس بلدية بيروت الدكتور محمد خير القاضي. فبيروت التي يقطنها نحو مليون نسمة 800 ألف عدد أهلها الأصليين، يدخلها يومياً نصف مليون مواطن ليغادروها بعد الظهر. "أهلها لم يعودوا يصطافون، بسبب الضائقة الاقتصادية التي حدت من هذه الحركة مستعيضين عنها، بسبب تغير المناخ العالمي، بالمكيفات"، بحسب القاضي، مؤكداً ان "نصف البيروتيين كانوا يصطافون قبل الحرب". أما قرى الاصطياف القريبة من بيروت، التي يربو عددها على 30 قرية تمتد من المتن الأعلى الى جرود بحمدون وضهور عاليه، فتشهد حركة اصطياف لافتة هذا الموسم، إذ لا يخفى على المار في شوارعها وبخاصة في عاليه وبحمدون، زحمة الناس الذين تستقبلهم عشرات المقاهي والمطاعم، وبعضها يتبع سلاسل شركات عالمية. فالصبية التي جلست في كشك للارشاد السياحي نصبته بلدية عاليه في ساحة المدينة، تؤكد مرور عشرات الزوار والسياح بها يومياً. وهم يتوقفون عندها سائلين عن أماكن السهر والمطاعم والمقاهي، وايضاً عن الطرق، مشيرة الى ان سائليها من كل الجنسيات لكن غالبيتهم كويتيون وسعوديون وإماراتيون. وهي ترفق أجوبتها بكتيب سياحي تقدمه ويتضمن كل المعلومات عن مدينة عاليه، وما تحويه من مطاعم وفنادق وشقق مفروشة ومؤسسات تجارية ايضاً، وهي موجودة في موقع على الانترنت عنوانه www.aley.net. وما حدا بالبلدية الى ابتكار هذا الكشك الوحيد من نوعه في المنطقة، هو غياب السياسة الاعلامية السياحية وعدم وجود مكتب يمكن السائح الاتصال به قبل مجيئه. وتأمل البلديات من وزارة السياحة استدراك هذا الخلل والقيام بحملة دعائىة لقرى الاصطياف "التي لم ندخلها حتى في منشور سياحي". وقال رئيس بلدية محطة بحمدون اسطه أبو رجيلي ان "الاصطياف مخزون لبنان. وإذا كان لدى العرب نفط فنحن نفطنا الهواء النقي، لذا فعلى الدولة ان تتبع سياسة اصطياف وسياحة وان تقدم كل ما يلزم لراحة المصطاف واطمئنانه في ربوع لبنان". وهذا ما أكده بدوره رئىس بلدية عاليه وجدي ابو مراد، قائلاً: "علينا أن نعرف كيف نتعاطى مع السياح والمصطافين، والشعب يحتاج الى توجيه وعلى الدولة ان تضع خطة لهذا الأمر وان تقوم بحملات توعية". وإذا كان هذا رأي المسؤولين، فان بعض المصطافين العرب الذين التقتهم "الحياة" في ساحة بحمدون جالسين على مقعد على الرصيف في فيء شجرات معمرة، وآخرين جلسوا في المقاهي المحاذية، لم تكن لديهم أي شكوى من أي نوع، لا بل على العكس عبروا عن سعادتهم وحبهم للبنان وشعبه "الطيب". غزو... كويتي فهم جميعاً يقصدون بحمدون وعاليه من القرى المجاورة حيث ينزلون، ويختارون الجلوس في المقاهي في ساحات البلدتين ومطاعمهما ويلتقون بعضهم بعضاً، وغرضهم أيضاً ما يتوافر لهم فيهما من متطلبات الإقامة. إذ فيهما مصارف ومراكز تجارية ومكاتب سفريات وشركات طيران. وقال محمد الهولان، وهو كويتي، إنه يأتي للاصطياف في لبنان منذ بداية التسعينات، وانه اشترى منزلاً بعد انتهاء الحرب في حمانا ويأتي كل عام مع عائلته ليمضوا هنا نحو ثلاثة أشهر. وعن سبب اختياره لبنان قال: "لو رأيت أفضل منه لما جئت اليه. فهنا لا يزعجني أحد فالشعب طيب". وهذا ما أكده مرزوق الشعلان الذي كان في صحبته. وقال: "لا يروق لنا سوى لبنان فالدول الأوروبية لا نفهم لغتها ولا يفهمون علينا، اما اللبنانيون فهم مضيافون وألسنتهم طيبة، اضافة الى ان لبنان آمن ولا مشكلات فيه". وعن عدد الكويتيين المصطافين قالا: "نصف الكويت هنا، أناس يذهبون وآخرون يأتون إذا أحصوا يبلغ عددهم مئتي ألف، وهناك كل يوم طائرتان بين لبنانوالكويت". ويقول الهولان: "هذه المنطقة انتم اللبنانيون تسمونها بحمدون، ونحن نسميها الكويتية". ويعتبر رفيقهما الثالث حمد الفريح ان كل الخدمات مؤمنة و"كل شيء تمام". ويومئ بيده يميناً ويساراً مشيراً إلى "بنك الكويت الوطني"، وشركة "الاسماء" الكويتية و"مكتب للخطوط الجوية الكويتية"، ومكتبات وصحف كويتية "وكل ما يلزم". وإذا كان هذا رأي المصطافين، فإن أهالي المنطقة يعتبرونهم شركاءهم في قراهم. وقال بعض الأهالي: "نحن واياهم أهل، وعلى أي حال فأهل بحمدون لا يملكون في بلدتهم أكثر مما يملكه الكويتيون". ومعظم المصطافين العرب يملكون منازل في مناطق الاصطياف وتبلغ نسبة ملكيتهم 25 في المئة، بحسب أبو رجيلي. وعن عدد المصطافين قال احد ابناء بحمدون إنه "يتجاوز الآلاف وهم من كل الجنسيات العربية أي سعوديون واماراتيون لكن معظمهم من الكويتيين. وكثيرون منهم أصبحوا يأتون بسياراتهم المحملة". وهذا ما أشار اليه رئيس بلدية عاليه مؤكداً أن "هذا المشهد لم نره منذ العام 1975". وأجمع عدد من أصحاب المحال التجارية في سوق بحمدون على أن "حركة السياحة عظيمة". وفي عاليه قال بعضهم مستحسناً زخم الحركة الاقتصادية في المنطقة: "ما هذه النعمة التي لم نرَ مثلها منذ سنوات؟". وعما تستفيد منه المنطقة مادياً قال أبو رجيلي ان "مردود الاصطياف قبل الحرب كان يدخل الى الخزينة 28 في المئة أما اليوم فالدخل لا يزال صفراً. والمصطاف يدفع مالاً ويأخذ ذكريات وصحة. اعطونا القليل وخذوا الكثير". ويقول إن "الموسم ناجح جداً جداً، وهذا ما اعطانا املاً بعودة المنطقة، خصوصاً ان الاقبال العربي شديد للغاية". وىؤكد مراد أن حركة السياحة والاصطياف في عاليه "في تطور مستمر منذ سنوات عدة لكن الفترة الماضية لم تشهد الحركة التي تضج بها عاليه هذا الموسم". أما، صوفر وهي طالما اقترن اسمها باسماء جاراتها من القرى ويفاخر أهلها بأنها المقر الصيفي للسفارة الفرنسية، فلا تدب فيها حركة اصطياف ظاهرة. وإذ عزا بعض سكانها السبب الى عدم عودة مهجريها بعد، فإن رئيس بلديتها الدكتور غسان شيّا يؤكد ان المصطافين في صوفر ومنذ زمن، يقصدون الهدوء. ومصطافوها من مالكي القصور أي من الطبقة التي لا تنزل إلى السوق وتحدث زحمة، بل يقتصر نشاطهم على ممارسة رياضة المشي على الكورينش الذي يطل على وادي لا مارتين "وهو من المناطق النادرة في لبنان". وأضاف: "نحاول الحفاظ على طابعها ونرفض المشاريع السكنية لتبقى منطقة هادئة". وعلى رغم ذلك فإن الناس يعزون عدم الحركة في سوق البلدة بمرور الطريق الدولية في وسطها ما يحول دون توقف السيارات وحركة الناس، ويعولون على انهاء اعمال الاوتوستراد العربي، اذ ستحول السير من وسط البلدة الى طرفها وتالياً يمكن الافادة من السوق تجارياً في شكل اكبر، ما يمكن السيارات من التوقف، وكذلك المشاة من التجول في امان أكبر. ويقيم معظم السياح في منازل يملكونها او يستأجرونها، فإن فنادق المنطقة تعمل ايضاً على رغم ان معظمها لم يرمم بعد. ففي عاليه 27 فندقاً يعمل منها خمسة فقط هي "رون بوان" و"صبح" و"المغتربين" و"الرياض الجديد" و"عاليه الكبير"، أما الفنادق الجديدة فهي "هاي لاند" و"الاستراحة" و"الشلبي". أما بحمدون ففيها 35 فندقاً تضم 1700 غرفة، رمم منها ثلاثة فقط، هي "فور بوينتس - شيراتون" هاتفه 260300-05-961، و"الشيخ" 262900-05-961 و"كارلتون". وكذلك صوفر فيها فندقان هما "شاتو برنينا" و"غران اوتيل" والأخير لا يعمل. لكن غياب الفنادق لا يحول دون اقامة المصطاف اذ ان هناك وحدات سكنية كثيرة في كل القرى يؤجرها أصحابها في الموسم الذي يمتد من 15 تموز يوليو الى مطلع أيلول سبتمبر من كل عام. وأشار ابو رجيلي الى ان ايجار الوحدة يتفاوت بين ألفي دولار وسبعة آلاف دولار. أما الفنادق فيتفاوت ايجار الغرفة المفردة لليلة الواحدة بين 60 دولاراً و130 دولاراَ. وعلى رغم هذا الواقع الجيد فإن ما يبدو واضحاً هو عدم اكتمال عملية ترميم المنازل المتضررة او اعادة اعمارها، اذ لا تزال بعض آثار الحرب واضحة على كثير من المباني. وفي هذا الاطار أخذ الصندوق المركزي للمهجرين مبادرة ترميم واجهات المباني والفنادق في بيروت وفي قرى الاصطياف عموماً. وقال رئيسه شادي مسعد ل"الحياة": "الصندوق يسهم إلى حد كبير في تحصين العودة وتنمية المناطق السياحية لإعادة الوجه السياحي الى بلدات وقرى الاصطياف مثل عاليه وبحمدون وسوق الغرب وصوفر وحمانا وفالوغا وضهور الشوير والقليعات". وأضاف: "على رغم ان العودة تتم بفاعلية، فان الحركة الاقتصادية لم تبلغ الحد الذي نتماناه بعد، وبالتالي فإن تحريك القطاعين الاقتصادي والسياحي في قرى العودة يسهم الى حد كبير في تثبيت المقيم والعائد بأرضه. وتأسيس قطاع سياحي نشط في بلدة ما، يعني توفير فرص عمل وتالياً دورة اقتصادية ضمن البلدة الواحدة ومحيطها". وتابع يقول: "بعد بيروت انطلقنا الى بلدات الاصطياف أي عاليه وبحمدون ومحطة بحمدون وصوفر وسوق الغرب لترميم واجهات 776 مبنى بكلفة 23 بليون ليرة، على أن يمتد العمل إلى بلدات بمكين وريفون ورشميا وضهور الشوير والشويفات والعيرون الدوار". واعتبر ان "ترميم الواجهات وازالة آثار الحرب عنها يعطي ردود فعل جيدة لأن العمل سريع جداً، مع مراعاة خصوصية التراث المعماري اللبناني في كل شارع على حدة". وعن الفنادق قال ان ترميم واجهاتها يدخل ضمن اطار ازالة التشوه في المدن والبلدات، أما ترميمها من الداخل، ولأننا نريدها ان تعود الى عملها، قررنا تقديم مساعدة قيمتها 5 ملايين ليرة لكل غرفة في الفندق، مشيراً الى وجود نحو 20 فندقاً في بحمدون وفندقين في صوفر وخمسة فنادق في عاليه وفندقين في حمانا فالوغا، وفندقين في سوق الغرب وفندقين في القليعات ونحو خمسة فنادق في ضهور الشوير، وتشكل هذه الفنادق نحو 2500 غرفة. وأكد وضع آلية للتنفيذ تقوم على دفع بدلات الترميم على مرحلتين، تدفع الثانية بعد انجاز المرحلة الأولى والتأكد منها. وعن تاريخ بدء هذا المشروع، قال: "بدأنا معالجة الطلبات والدفع سينطلق في أيلول سبتمبر". وأكد ان المساعدات ستدفع سواء كان مالكو الفنادق أشخاصاً أم شركات، ومن دون تمييز بين أجانب أو لبنانيين أو عرب وهم يملكون معظم فنادق بحمدون وكانوا معنا في قوة حين كان لبنان مزدهراً والحرب تركت آثارها علينا جميعاً، فبالتالي على الدولة اللبنانية ان تكون الى جانب الأخ العربي في هذا الموضوع". أما في بيروت فمعظم الفنادق رمم وبعضها قيد الترميم، وهناك فنادق لم ترمم بعد، وبخاصة في منطقة الفنادق في عين المريسة حيث هناك 18 فندقاً سيرمم الصندوق واجهاتها في المرحلة الأولى. وعن الانتهاء من هذه الأعمال قال مسعد: "نعمل على انهاء ملف المهجرين في شكل كامل بعد سنة من الآن، ونحن قادرون على ذلك ادارياً وفنياً ومالياً في المبدأ اذا توافرت الأموال وهو العامل الوحيد الذي قد يؤخرنا". وأشار الى ان هناك فنادق رممت على نفقة اصحابها وهي تعمل الآن. وساق مثالاً على ذلك فندق "شيراتون" في بحمدون الذي أعيد ترميمه ويعمل فيه 60 شخصاً من البلدة، وهذا يعني ان 60 عائلة انتقلت الى الاقامة فيها. وفتحت مطاعم يعمل فيها أيضاً أشخاص من البلدة. أرقام... للاتصال أرقام فنادق ومطاعم في عاليه وبحمدون وصوفر تمكنت "الحياة" من الحصول عليها في حين لم تتوافر ارقام لمطاعم وفنادق أخرى: "فور بوينتس - شيراتون" 260300-05-961، و"الشيخ" 900 262-05-961 و"شاتو برنينا" 201013-01-961. ومطاعم: "ستار بوكس كافي" رقم هاتفه 262677-05-961، و"كنتاكي فرايد تشيكن" هاتفه 260943-05-961، و"أبو خضر" هاتفه 700 262-05-961، و"تراس عاليه" 557371-05-961. يمكن الدخول الى موقع: www.aley.net والحصول على معلومات من رئيس اتحاد بلديات الجرد غسان شيا على العنوان الآتي: [email protected]