القيادة تهنئ الرئيس جوزيف عون بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية وأدائه اليمين الدستورية رئيسًا للجمهورية اللبنانية    بعد 13 جولة انتخابية.. جوزيف عون رئيساً للبنان    "يلو 16".. نيوم والعدالة في قمة الدوري    اشتراط 30 يومًا كحد أدنى في صلاحية هوية مقيم لإصدار تأشيرة الخروج النهائي    زيلينسكي يطالب بنشر قوات في كييف.. وأوروبا: مستعدون للدعم عسكرياً    أمانة الشرقية تكشف عن جهودها في زيادة الغطاء النباتي للعام 2024    البطي يتصدر قائمة The Elite Builders كقائد مؤثر في قطاع التطوير العقاري    فليك يُعلن التحدي قبل نهائي السوبر الإسباني    نائب وزير الخارجية يستقبل سفير جمهورية تركيا لدى المملكة    الأرجنتيني فارغاس ينضم إلى صفوف الفتح حتى عام 2026    وصول الطائرة الإغاثية السعودية الثامنة إلى مطار دمشق الدولي    10 فائزين بجائزة الأميرة صيتة بنت عبدالعزيز للتميز في العمل الاجتماعي    إحصائيات الخدمات الصحية لمستشفى القويعية لعام 2024م: أرقام تبرز الكفاءة والإنجاز    حساب المواطن: إيداع 3.1 مليار ريال مخصص دعم شهر يناير    المرور السعودي: استخدام الجوال يتصدّر مسببات الحوادث المرورية في جازان    فن "صناعة الأبواب والنقوش الجصية" لا زال حاضرًا في الذاكرة    «الإحصاء»: ارتفاع مؤشر الأنشطة النفطية 3.8%.. و«غير النفطية» 2.4%    النفط يهبط مع مخاوف الطلب وارتفاع الدولار والتركيز على سياسات الطاقة القادمة    استشهاد 19 فلسطينيًا في غزة    إطلاق كائنات مهددة بالانقراض في محمية الإمام تركي بن عبدالله    وفاة رجل بسرطان من تبرُّع.. هل تنتقل الأمراض النادرة عبر عمليات الزرع ؟    نائب أمير تبوك يطلع على مؤشرات أداء الخدمات الصحية    مواجهتَا نصف نهائي كأس الملك.. الاتحاد أمام الشباب والقادسية ضد الرائد    مشعبي يطالب بإيقاف أفراح «الكأس» والتركيز على «الدوري»    الرماح والمغيرة يمثلان السعودية في رالي داكار 2025    من أنا ؟ سؤال مجرد    النقش على الحجر    أمير القصيم يتسلم التقرير الختامي لفعالية "أطايب الرس"    هوبال    رابطة العالم الإسلامي تُدين وترفض خريطة إسرائيلية مزعومة تضم أجزاءً من الأردن ولبنان وسوريا    ما ينفع لا ما يُعجب    الأردن يحكم بالسجن على ثلاثة متهمين في قضية «حج الزيارة»    ولي العهد عنوان المجد    345.818 حالة إسعافية باشرها "هلال مكة" 2024    أمير المدينة يرعى المسابقة القرآنية    طالبات من دول العالم يطلعن على جهود مجمع الملك فهد لطباعة المصحف    أمانة مكة تعالج الآثار الناتجة عن الحالة المطرية    المملكة تحافظ على صدارتها بحجم الاستثمار الجريء    67 % ضعف دعم الإدارة لسلامة المرضى    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة ينجح في استئصال جزء من القولون مصاب بورم سرطاني بفتحة واحدة    قطاع ومستشفى تنومة يُفعّل حملة "التوعية باللعب الالكتروني الصحي"    تحرير الوعي العربي أصعب من تحرير فلسطين    التأبين أمر مجهد    الاتحاد والهلال    أمير المدينة يطلع على مشاريع تنموية بقيمة 100 مليون ريال    تطوير برنامج شامل للحفاظ على المواقع والمعالم التاريخية    إنتاج السمن البري    أسرتا الربيعان والعقيلي تزفان محمد لعش الزوجية    دكتور فارس باعوض في القفص الذهبي    على شاطئ أبحر في جدة .. آل بن مرضاح المري وآل الزهراني يحتفلون بقعد قران عبدالله    اطلع على إنجازات معهد ريادة الأعمال.. أمير المدينة ينوه بدعم القيادة للمنظومة العدلية    عناية الدولة السعودية واهتمامها بالكِتاب والسُّنَّة    مجموعة (لمسة وفاء) تزور بدر العباسي للإطمئنان عليه    القيادة تعزي رئيس جمهورية الصين الشعبية في ضحايا الزلزال الذي وقع جنوب غرب بلاده    يهرب مخدرات بسبب مسلسل تلفزيوني    قصة أغرب سارق دجاج في العالم    تعزيز الذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي    أمير المدينة يتفقد محافظة العيص    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مخاطبة مجلس الشورى قبل الانتخابات الرئاسية . الديموقراطية الدينية في إيران تؤدي الى حكم القانون وتكريس الحريات وقوة الحضور 2 من 2
نشر في الحياة يوم 02 - 05 - 2001

من النقاط الايجابية للحكومة الجديدة عند تشكيلها، ان غالبية الأمور كانت تسير في شكل طبيعي ومنها توافر المواد الأولية للكثير من السلع الضرورية داخل ايران، وكان هناك نشاط واضح وقيم في مجال البناء. ولكن، في الوقت نفسه، كانت المشكلات كثيرة، فالمصادر كانت قليلة والقطاع الخاص لم يكن نشطاً، وبالتالي كان يجدر بنا تفعيل النشاط الاقتصادي الحكومي للوصول الى الازدهار الاقتصادي، لقد كنّا في أمسّ الحاجة الى رساميل الآخرين وازدادت ديون ايران الخارجية، وكان علينا في اعقاب "الثاني من خرداد" تسديد مبالغ مستحقة كبيرة.
في مثل هذه الظروف اجريت انتخابات "الثاني من خرداد" 23 أيار/مايو. لقد كانت ديوننا الخارجية كبيرة وكان التضخم مرتفعاً، فمعدله بين عامي 1993 و1995 حوالى 30 في المئة، مع ان التضخم بلغ 20 في المئة عام 1996. وقد ظهرت آثار الركود الاقتصادي عام 1995 بسبب وجود المشكلات.
وعلى رغم ان ارتفاع اسعار النفط عام 1996 قد عوض ذلك الى حد ما، لكن هذه الآثار ظهرت من جديد وبرزت الى العلن بوجه أكمل عام 1997. ان مجمل الانتاج القومي قد تضاءل، وكان ضمان حجم رأس مال القطاع الخاص ضئيلاً أيضاً، كما كان عجز النظام الضرايبي وكذلك عجز نظام الضمان الاجتماعي. وأيضاً ضمان العدالة الاجتماعية أوجد مشكلات، ثم السقوط الكبير لأسعار النفط والجفاف المتوالي، ودخول جيش من طالبي العمل منذ عام 1996و1997 الى سوق العمل، والضرورة الملحة للاستجابة لهذه الطلبات في بلد يكون معدل العمل خلال الخطة الثانية 270 أو 280 الف شخص.
هذه هي صورة اجمالية عن الواقع الدولي والاقتصادي والسياسي والثقافي حين تولت الحكومة مسؤوليتها. في مثل هذه الظروف كانت المبادئ والبرامج المعروضة شاهداً على الاصلاحات داخل النظام. كانت واقعية وملائمة لمتطلبات البلاد حين عرضت جوهر ذلك في خطاب القسم. ومن اجل تقويم عمل الحكومة يجب الأخذ في الاعتبار هذا الواقع والوعود التي قدمتها الحكومة وتقويم ذلك على هذا الأساس.
يهمني ان أثير انتباه الشعب الى نقاط اعتبرها من اهم المحاور في الوعود التي قطعتها الحكومة الايرانية... النقطة الأولى: الاعتماد على الدستور وتطبيق مواده ومضامينه وهذا هو أهم المحاور التي اعتمدها رئيس الجمهورية. صحيح ان الدستور هو من وضع البشر، والمشاركون في أعمال مجلس الخبراء من العلماء والكبار لم يكونوا قد صوتوا بالاجماع على جميع مبادئه بل برزت اعتراضات على بعض مبادئ ومعايير الدستور. من الممكن ان يقول البعض ان الدستور له بعض النقائص والعيوب أو يجب اضافة اشياء اليه وهذا الأمر طبيعي، اذ ان الدستور قد تنبأ بذلك. ولكن، عندما تتم المصادقة على الدستور، فإنه يصبح اساساً للنظام ومعاهدة تنظم حياة الشعب واداة تدار بها الحياة من جانب الحكومة أو الشعب. لقد انتصرت الثورة الاسلامية اثر مشاركة الشعب، وممثلو الشعب هم الذين دونوا الدستور، وهذا هو أساس النظام العام.
ما نريده نفعله، سواء كان الحفاظ على ديننا أو في مجال الحكومة والمجتمع، اذ ان الله هو الذي يحافظ على الدين "أنا نحن نزلنا الذكر وأنا له لحافظون". والآن إذ أقمنا نظاماً اجتماعياً دينياً، واردنا ان نحافظ على هذا النظام، فإن الدستور قد ضمن ذلك، هل نريد الحرية؟ الحرية وحقوق الشعب ضمنهما الدستور. على الحكومة ان تكون مسؤولة تجاه الشعب. هذا أيضاً جاء في الدستور. الحكومة تحت اشراف الشعب، هذا ما ذكره الدستور. الحكومة تنطلق من الشعب، فأركان الحكومة من الرأس الى القاعدة مبنية على رأي الشعب، وهذا ما صرح به الدستور. اذا لم يقبل الشعب وجود الحكومة، ولم يرغب باستمرارها، فقد بيّن الدستور طريقة التغيير السلمي للسلطة. يجب الحفاظ على حرمة الأشخاص، فكل الذين يعيشون في ايران، المسلمين منهم أو غير مسلمين، لهم حقوق، الزم الدستور رعايتها من قبل الجميع. الدستور هو أساس النظام وميثاق وحدتنا الوطنية، وعلى هذا فإن أي تحرك يجب ان يظل في اطار الدستور وعلى اساسه. وهناك محتويات كثيرة جداً لم تطبق بعضها، وبعضها لم ينفذ بصورة صحيحة أو نفذ بصورة سيئة، كثير منها قد نفذ، ولكن، علينا ان نسعى لكي نقر هذا الأساس في المجتمع ونقدر في ظل ذلك ان يكون لنا نظام تتوافر فيه المعنويات والحرية والاخلاق والتقدم. يجب تنفيذ كل محتويات الدستور.
النقطة الثانية: الاعتماد على حرمة الأفراد وضمان الحرية والحقوق الاساسية لأبناء الشعب.
من مصائبنا التاريخية انه طوال التاريخ لم يحسب للشعب أي حساب، اذ ان الشعب كان يرضخ لحكومات سلطوية كانت تفرض ارادتها من جانب واحد على الشعب. ومن مفاخر الثورة الاسلامية انها أعطت الحق للشعب بان يقرر مصيره بيده سواء اردنا أم ابينا، واليوم الاتجاه السائد عالمياً ان حكومة الشعب هي المبدأ الحاسم. كل الشعوب وكل الحكومات تتبنى هذه الأفكار، طبيعي ان كثيراً من الحكومات تقف في وجه هذا المطلب، ولا يمكننا القول في هذا العصر بان حكم الشعب امر سيئ، هذا ما تريده البشرية جمعاء، ومطلب كل انسان عادي ان يأخذ مصيره بيده. ان الاسلام قبل بذلك وان امير المؤمنين علي بن أبي طالب طرح شعارات لمصلحة ابناء الشعب وهو في قمة السلطة، ليس كمثقف يريد الوصول الى السلطة بل عندما وصل الى سدة الحكم، قال إن الناس لهم الحق على الوالي ومن هذا الحق حرية النقد والنصيحة. فالثورة كانت نهاية عهد استبداد أسود، وهذا ما سمعناه على لسان الإمام الخميني: "المعيار هو رأي الشعب"، سلطة الشعب هي مطلب العصر، وليس امامنا أي خيار غير هذا، ولا أقصد بذلك اي طريقة حقوقية واعتبارية، اذ لا سبيل أمامنا من الناحية المنطقية والعقلية والدينية الا قبول حكم الشعب، الحكم الديموقراطي الديني، وعلينا جميعاً ان نقبل بذلك. وفي ظل الثورة الاسلامية سنحت لنا الفرصة ان تكمل اسلامية الثورة جمهوريتها، واذا ما سرنا نحن في هذا الطريق الثوري سيراً صحيحاً نكون قدمنا نموذجاً كبيراً للعالم الاسلامي وللعالم الثالث.
لقد حظي الاعتماد على الدستور خلال السنوات الأربع الماضية بمكانة مرموقة داخل المجتمع، فأصبح الاتجاه نحو العمل بالقانون مرتكزاً داخل المحاكم وأجهزة الأمن والشرطة وكل أجهزة النظام، والاحتكام الى الدستور أساساً. ومن الممكن ان تكون احداث قد وقعت خلال السنوات الثلاث الماضية ولم تكن تحظى بموافقتي وموافقتكم، ولكن، نرى ان هناك خطوة مباركة هي العمل على اظهار الالتزام بالقانون في الأعمال، اذ ان كل محكمة وكل مسؤول وكل منظمة تقوم بعمل ما، تسعى الى تطبيق ذلك العمل وفقاً للقانون، وهذه خطوة مهمة وثقافة اصبحت اساساً يلتزم به الجميع. فتشكيل لجنة مراقبة الدستور ومتابعته خطوة مهمة اخرى انجزت، هذه اللجنة قامت بدراسات جيدة وانجزت أعمالاً قيمة، ومن الطبيعي ان ما قلته مرة من ان امكانات رئيس الجمهورية في القيام بمسؤولياته في تنفيذ الدستور ضئيلة. يجب تقويم نجاح أو عدم نجاح رئيس الجمهورية في تنفيذ الدستور والحيلولة دون خرق مواده، مع الاهتمام بالامكانات والصلاحيات المتوافرة. لقد انجزت أعمال، ولا يجرؤ احد اليوم في المجتمع ان يقول ان القانون هو "واجهة"، واذا صرح بذلك يكون قد حشر نفسه في الزاوية. للأسف نرى اليوم وجود العنف والتطرف في المجتمع، ولكن، ذلك موضع سخط الجميع. ربما كان العنف والتطرف بين شريحة من المجتمع يعد عملاً محموداً وقيماً، لكنه اليوم موضع سخط المجتمع ويعتبر مذموماً.
ان طرح هوية نظام الجمهورية الاسلامية باعتبارها نموذجاً يحتذى به في العالم الاسلامي يعتبر من الأعمال والخطوات التي انجزت. هناك حركات متطرفة ظهرت في العالم الاسلامي باسم الدفاع عن الاسلام تعارض أي نوع من الحريات والفكر والتقدم. ونرى نماذج منها حتى الآن، وفي المقابل يستنتج البعض بأن اقامة نظام شعبي تتطلب وضع الدين جانباً. آثار هذين الاتجاهين موجودة في ايران. لدينا افراد يقفون على طرفي نقيض لكنهم يتفقون في شيء واحد هو ان الدين والحرية لا يتوافقان. ان الجمهورية الاسلامية تعتبر نموذجاً يحتذى به، وفي امكان الدين والحرية ان يسيرا جنباً الى جنب وهذا ما تتطلبه الظروف. المجتمع الاسلامي يفخر بماضيه وتاريخه، فإذا لم يكن نظامه الديموقراطي قائماً على الهوية التاريخية والثقافية فإن بناءه سيكون رخواً ينهار تباعاً.
الجمهورية الاسلامية تجربة عملاقة يمكن ان يبنى عليها بناء ثقافي وديني وتاريخي شامخ، ويمكن تطوير الحرية والديموقراطية والفكر بما يتلاءم مع التقدم. طبيعي انه لا يمكن الادعاء فقط، فإذا كنا نريد ان يكون لنا داخل ايران نموذجاً يحتذى به، فعلينا ان نتحمل كل متطلباته وأن نحافظ على الحرية ونحترم الدين بكل واقعية، وأن نرى الدين وهو يتلاءم مع حقوق الأفراد وحريات المواطنين، والحرية تتلائم مع المعايير والثقافة الاسلاميين. الجمهورية الاسلامية جاءت من اجل اظهار هذا النموذج.
هل ان مشاركة المواطنين مشاركة نشطة زادت خلال الثلاثة أو الأربعة أعوام الماضية أم نقصت؟ الصحافة لعبت دوراً مهماً في رفع مستوى المواطنين وتعريفهم بحقوقهم، واليوم يطالب الشعب بحقه وهذا شيء قيم وجميل.
عقد الكثير من المحاكمات بصورة علنية جعلت كثيراً من القضايا تتوضح وتظهر الى العلن، حيث لم تعد هناك محاكمات تجرى في قاعات مغلقة لا يعرف ماذا يجري بداخلها. هناك بعض المحاكمات تجرى بصورة غير علنية، فعلينا ان نعمل على جعلها علنية كما يؤكد القانون مثل الصحافة والقضايا السياسية. يجب ان تكون المحاكم علنية وبحضور هيئة المحلفين، علينا ان نعمل على سد هذه النواقص والثغرات في المستقبل. المواطنون يتعرفون على حقوقهم وأن يعرفوا حدود الحكومة وصلاحياتها. هذه قضية مهمة. وعلى رغم الخطوات المتطرفة "العنيفة" والأحادية الجانب فان عدد التجمعات القانونية آخذ في الازدياد، فغالبية أبناء المجتمع تقريباً كانت تندد بالعنف والتطرف. وعدد التجمعات من الناحية الكمية والنوعية آخذ في الازدياد، والتنافس السياسي الحرفي والعلمي والثقافي والفني في تصاعد أيضاً، تؤكد الاحصاءات عن ذلك في التقارير المنشورة. وهناك التطور النوعي في التعامل مع المتهمين العاديين، وأعتقد انه حصل تطور خلال السنوات الثلاث أو الأربع الماضية في السجون والمحاكم، مع ان القضايا لم تكن بالشكل المطلوب بالنسبة الينا بسبب وجود غموض واختلاف في وجهات النظر في القضايا الثقافية والسياسية، وأنا أطالب مجلس الشورى الاسلامي ان يقدم مشروع قانون بهذا الشأن مع التدقيق فيه ومراعاة مصالح البلاد، حتى نجد إن شاء الله الحلول القانونية لاصلاح الأمور.
المشاركة الواسعة: عليكم ان تقارنوا الانتخابات الرئاسية وانتخابات المجالس البلدية والقروية وانتخابات مجلس الشورى الاسلامي وحتى انتخابات مجلس الخبراء بالانتخابات السابقة المشابهة لها. الانتخابات الجديدة كانت اكثر مشاركة وأقوى، وهي اظهرت ان المواطنين يعتمدون على حقهم وأصواتهم وهم حاضرون بقوة في الساحة السياسية. المجالس البلدية والقروية مهمة في حد ذاتها، والانتخابات التي جرت في هذا الصدد اذهلت العالم حيث كتب المحللون بصراحة انها كانت انموذج التنمية في العالم الثالث ويجب ان يستمد من حركة الجمهورية الاسلامية. المؤسسات المدنية، التخصصية والعلمية والتعليمية، ازدادت وهناك احصاءات في هذا المجال، كما حصلت تطورات في مجال الاحزاب ولكن، اعتقد ان ذلك ليس كافياً بعد فلدينا مشاكل في هذا المجال، لدينا 82 مجموعة وحزباً تتمتع برخص رسمية بينما كان لدينا في خرداد 1376 أيار 1997 39 مجموعة، فالنمو جيد. علينا ان نتعامل مع الأحزاب بصورة جادة، فإذا قبلنا بالديموقراطية والحرية علينا ان نفسح في المجال لكي تبرز الاتجاهات المختلفة وتمارس نشاطاتها وهي تشعر بالأمن والحرية والوضوح. طريق تقدم ورقي المجتمع هو ان نحول العصابات غير المعروفة وغير المسؤولة الى احزاب ومجموعات معروفة تتحمل المسؤولية. يجب ان نخطو نحو اعطاء الاحزاب المجال لكي تنظم نفسها وتعمل بصورة قانونية وأن تصدق نفسها وأن نصدق دور الاحزاب لأن العصابات غير المسؤولة تقوم بما تشاء لأنها غير معروفة تسعى لاخفاء نفسها تحت عناوين المؤسسات والاجهزة المختلفة وتثير مشاكل في المجتمع.
الانفتاح الثقافي والعلمي في البلاد والتغطية الواسعة لبرامج الاذاعة والتلفزيون والبرامج ومحطات التلفزيون والارسال وكذلك الصحافة تدل كلها على تطور المجتمع وتحوله. انني آسف لأن بعض الصحف التي بدأت عملها ونشاطها أيام الحرب تغلق الآن في عهد الانفتاح السياسي والاجتماعي، فوجود الصحافة الحرة له تبعات ومشكلات ومن الممكن ان تستغل هذه الصحافة، وهو سر تقدم المجتمع.
علينا ان ندرك اننا نمر بمرحلة عابرة وعلينا ان نواجه هذه المشاكل ونحلها بالصبر والحكمة، لا أن نرفض هذه المشاكل كاملة، ظناً منا اننا وضعنا حداً لها، خصوصاً ان مطالب المجتمع لا تزال مطروحة.
اعلن من هنا عدم رضاي عن اغلاق صحيفة بذريعة اهانة رئيس الجمهورية، انا لم أكن راضياً من هذه المعاملة. انني لا أتدخل في عمل المحاكم والمراجع القضائية. وأقول في حديثي مع الآخرين انه عندما نقبل بالديموقراطية، فان ذلك من شأنه فصل السلطات، فلا يحق لي التدخل في شؤون السلطات الأخرى، وأعتبر ان تدخل سلطة في سلطة أخرى، وخصوصاً تدخل السلطة التنفيذية في عمل السلطات الأخرى هو بداية الديكتاتورية. انني أعلن عدم رضاي عن هذه الخطوة ولا ادري في أي مادة من القانون يكون عقاب إهانة رئيس الجمهورية، اغلاق الصحيفة نعم، إهانة القائد ومراجع الدين يكون هذا عقابها، ولكن القانون كما أتذكر لا يصرح بإنزال العقاب في من يهين رئيس الجمهورية، إذا وجه الشخص نقداً أو رسم كاريكاتوراً ووصفنا عمله بالإهانة، فإن ذلك يعرض امن الصحافة للخطر. وباعتباري مواطناً أطلب تشكيل محكمة بأسرع وقت وبصورة علنية وبحضور هيئة محلفين وأن تصدر المحكمة حكمها بهذه الطريقة.
أردت أن أتحدث عن تطوير الأمن، وأطرح هنا نقطة عن إصلاح وزارة الأمن، وأعتقد أن هذا العمل مهم جداً. فوزارة امننا هي المؤسسة الأمنية التي تقع تحت أشراف الحكومة. وهي سند مهم للبلاد، خصوصاً بعد أن طورت عملها وأصبحت أكثر منطقية. صحيح ان تلك الغدة السرطانية تفتحت في هذه الفترة، وتباطأت حركتها بعد إصراري والمساندة الحاسمة للقائد المعظم، ولكن، المهم ان نتابع ونعرف هل أن هناك فكراً شبيهاً لهذه الغدة في الجمهورية الإسلامية والنظام ومجتمعنا؟ إذا استمر هذا الفكر من الممكن ان تتفتح هذه الغدة، إذاً يجب ان نحارب هذا الفكر.
وعلى المستوى الدولي، يمكنني ان أقول بكل جرأة وطمأنينة ويقين أن كل إيراني يعيش في ايران والعالم يشعر بالفخر والاعتزاز، وهذا أمر مهم، ففي بداية الثورة كانت هذه الحال موجودة ونرى اليوم انها تجددت. واليوم نرى أن ايران بأسلوبها وطريقتها، خصوصاً خلال السنوات الثلاث الماضية تمكنت من ان تطرح انموذجاً مناسباً للعالم الإسلامي بحيث انها تبغي الحرية والدين معاً.
تحسين وتطوير العلاقات مع جيراننا وكذلك مع جميع اوروبا والصين واليابان وروسيا، مع المحافظة على المبادئ والوجود الفاعل في الأوساط الدولية، والكل يؤكد أنه أثناء رئاسة ايران للمؤتمر الإسلامي، أن هذا المؤتمر كسب سمعة وكان له تأثير أكبر على المستوى العالمي. لهذا السبب فإننا حصلنا بسهولة على رئاسة المجموعة 77، مع اننا كنا نواجه مشكلات جمة في الأوساط الدولية. كما أننا حصلنا على عضوية في المجالس والأوساط المختلفة، خصوصاً عضوية اللجنة التنفيذية لليونيسكو وذلك للمرة الأولى. وكذلك حوار الحضارات الذي تطرحه ايران الإسلامية والشعب الإيراني الشريف معتمداً على الثورة وماضي ايران الثقافي، حيث محاولة تغيير العلاقات القائمة على أساس التفرقة والدموية والظلم خلال القرن الماضي. وهذا المبدأ الحوار سينال قبول المفكرين، والمسلمون يشعرون بالفخر. هذا المبدأ وآثاره وانعكاساته في العالم لاقى ترحيباً كبيراً من المسلمين والمفكرين السياسيين، والأجهزة الرسمية الإيرانية، ولا ضير في ذلك لكني اعلم أن المواطنين يؤيدون ذلك.
ان تعزيز الأمن القومي في الوضع الذي تعيشه ايران زاد بشدة، خصوصاً بعد العدوان الذي واجهته ايران، لقد كنا على أعتاب عام 1997 نواجه تهديداً عسكرياً، واليوم اصبح أي عدوان على الجمهورية الإسلامية الإيرانية مكلفاً كثيراً جداً في وجود الأساليب والخطط نفسها ومن دون التنازل عن المبادئ والمصالح. فالسياسة الفاعلة والعميقة والمسالمة للجمهورية الإسلامية الإيرانية قللت بشدة من تبرير وجود القوات الأجنبية في الخليج الفارسي. عليكم ان تقارنوا اليوم وجود القوات الأجنبية وتبرير وجودها مع الوضع قبل أربع سنوات!
عانينا نقائص في مختلف المجالات، ولكن على رغم وجود هذه النواقص فإن أعمالاً كبيرة أنجزت في المستوى الدولي من الناحيتين الاقتصادية والسياسية، وهي تعتبر مهمة، لكنها ليست من أهم مكاسبنا، فالمكاسب الأهم التي حققناها هي حصول تطور وتحول في المواطن الإيراني، فالأشخاص اليوم اكثر ذكاء، ويعرفون أكثر، وهم أكثر بحثاً وتنقيباً وأكثر طرحاً للأسئلة، وأصبحوا أكثر معرفة بقوتهم، أصبحوا مشاركين يدركون جيداً قدر وقيمة رأيهم، وفي الوقت نفسه يعرفون العقبات والمشكلات ويتحملون كل ذلك برحابة صدر. وهذا التحول الروحي في الإنسان الإيراني هو التحول نفسه الذي أوجدته الثورة، وكان منطلقاً لحركات أكبر وسيكون كذلك، إذ إن الحكومة ورئيس الجمهورية ومجلس الشورى الإسلامي والمجالس المحلية و البلدية جزء صغير من هذه الحركة الكبيرة. وهؤلاء الناس وهذه الحركة وهذا الوعي يمكن ان تخلص البلاد من الحركات الملتوية والخطرة والسريعة، وهذا ما حصل خلال الثورة وخلال الحرب المفروضة. ومثلما اجتيزت الأزمات خلال السنوات الثلاث الماضية، ومن بينها مسلسل الاغتيالات، الأزمة المؤلمة المتمثلة بالهجوم على الحي الجامعي، والأزمة القبيحة المتمثلة بالاضطرابات في الشوارع، ففي جميع المشكلات والأزمات نرى الشعب يجتازها، ومن هنا يجب أن أشكر جامعيينا الأعزاء بسبب وعيهم ودرايتهم وذكائهم وحكمتهم، إذ إنهم على رغم ما تحملوه من عذاب وقلق وجفاء، تحركوا الى الأمام بكل دراية وهداية واعتدال وواجهوا التطرف والإفراط من دون ان ينسوا مطالبهم واتجاههم.
يشعر المرء الإيراني، وخصوصاً الجيل الصاعد، بالاعتزاز والقوة. هذه القوة التي تجلت في الثورة وغيرت نظام التبعية الى نظام ديموقراطي ديني تمكن خلال الحرب المفروضة من صنع كل هذه المفاخر والملاحم، واليوم نرى القوة والإيمان يدعوان الى مجتمع حر وبنّاء، يرعى القانون.
هذه الحركة لم تكن وليدة عمل الحكومة بحيث تتوقف حركتها عندما تتغير الحكومة، إننا جميعاً تحولنا الى أناس آخرين، وهذا التغيير حصل في جميع المجالات وإن شاء الله سيكون هذا التحول وهذه القوة أساسيين لاستقرار النظام القانوني الحر والديموقراطي، ويكون سنداً لحركة الإصلاح الاقتصادي والإداري العظيمة. وهذه من الأعمال المهمة التي تقف شامخة امام حكومتنا ونظامنا.
أظهر هذا الشعب في مختلف المراحل انه يتعامل مع القضايا بروح واقعية، وأنه يسير نحو تحقيق اهدافه والأهداف التي جاءت من أجلها الثورة خطوة خطوة، ان ما يبقى ويكون منطلقاً نحو القوة هو الشعب الإيراني الشريف والعظيم والثوري والمؤمن والتواق الى الحرية والاستقلال، والذي يقف الى جانب هذا الشعب ويحقق طموحاته، سيبقى أينما كان، ونحمد الله ان هناك مجالاً كبيراً لمن يريد خدمة هذا البلد.
* رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية. والنص ترجمة مجازة لخطابه الأخير أمام مجلس الشورى في طهران.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.