الدكتور ابرهيم يزدي، اول وزير خارجية لايران بعد الاطاحة بنظام الشاه، لكنه فجأة انتقل أو نقل الى جبهة اخرى تصنف في خانة "الغير"، أو "الليبراليين" كما ينعتون في ايران. بعد وفاة زعيم حركة الحرية مهدي بازركان الذي كان أول رئيس وزراء في عهد الجمهورية الاسلامية، تولى يزدي زعامة الحركة، التي لم تحصل على ترخيص رسمي لحد الآن. لماذا؟ وهل هي ضد النظام الاسلامي كما يتهمها البعض، ام تريد الاصلاح من داخله. وكيف تنظر الحركة الى العلاقة مع واشنطن، وكيف يقوم يزدي الاداء السياسي الخارجي لايران طوال عقدين. كل هذا تحدث عنه يزدي في الحوار معه في المقر غير الرسمي لحركة الحرية في طهران. هنا نص الحوار. أين هي حركة الحرية الآن، وما وضعها الرسمي؟ - على رغم مرور 40 عاماً على تأسيس الحركة، فانها ما زالت تعيش اوضاعاً صعبة، فلا نستطيع فتح مكتب علني لنا، ولا إصدار صحيفة باسمنا، وتجمعاتنا ممنوعة - وأعضاؤنا تحت ضغط دائم من قبل القوات الرسمية وغير الرسمية - ومع ذلك فاننا نعمل قدر استطاعتنا. هل انتم تنظيم سري ام ماذا؟ - المسؤولون منقسمون حيال وضعنا الى ثلاثة اقسام. الأول يقول اننا حركة رسمية ولكن ليست قانونية، والثاني يقول اننا حركة قانونية باعتبار اننا نعمل ضمن اطار الدستور والقوانين، والقسم الثالث يقول اننا حركة ليست شرعية وليست قانونية. مضت ثلاث سنوات على مجيء خاتمي الى السلطة ويبدو انه لم يستطع تنفيذ وعده بمنحكم ترخيصاً رسمياً؟ - خلال السنوات الثلاث الماضية، لم تستطع اللجنة الخاصة بمنح التراخيص للأحزاب المعروفة باسم "لجنة المادة 10" لقانون الأحزاب من اداء عملها وفق سياسات الرئيس خاتمي - لكون غالبية اعضاء اللجنة من المحافظين المتطرفين، فهي تتألف من خمسة اعضاء، اثنان منهم من النواب الذين يختارهم البرلمان السابق محافظ واثنان تعينهم السلطة القضائية وهي محافظة ايضاً، ولم يبق الا عضو واحد في اللجنة تعينه وزارة الداخلية. المهم ان هذه اللجنة كانت تحت سيطرة التيار اليميني المتطرف. ولم تمنح ترخيصاً لأي حزب خارج اطار الحكم. ومن هذه الأحزاب حركة الحرية. وبعد تغير ميزان القوى داخل مجلس الشورى، هل تتوقعون الحصول على ترخيص؟ - مع حصول غالبية اصلاحية في البرلمان، نأمل ان يكون النائبان العضوان في لجنة الأحزاب من هذا التيار واعتقد ان ذلك سيتيح غالبية في هذه اللجنة تمكنها منح التراخيص لأحزاب الرأي الآخر، الخارجة عن اطار الحكم. ماذا تعني بالخارجة عن اطار الحكم؟ - الاحزاب الموجودة في ايران اليوم قسمان، الأول احزاب الحكم أو النظام، مثل "جمعية المؤتلفة"، و"مجاهدين انقلاب اسلامي" وجبهة المشاركة. هؤلاء من داخل تركيبة الحكم. بينما لا يحق لاي من التنظيمات المعارضة لهذا الحكم ولتصرفاته وسياساته. ولاية الفقيه وهل تعني بذلك الأحزاب التي ترفض النظام الاسلامي القائم على نظرية ولاية الفقيه. - كلا، فنحن في حركة الحرية - نعتبر الثورة الاسلامية - ثورة اصيلة وشعبية وهي ثورة وطنية وتاريخية. لقد صوتنا الى جانب الجمهورية الاسلامية - ونحن ملتزمون بالدستور، لكننا لا نقبل بالسياسات والممارسات التي جرت خلال السنوات العشرين الاخيرة، لذلك، فالأحزاب الخارجة عن اطار الحكم، لا نعني بها الاحزاب المنفصلة عن نظام الجمهورية الاسلامية، بل الأحزاب المستعدة للعمل في اطار الدستور وخوض النضال السلمي والقانوني، لكنها ليست داخل تركيبة الحكم. لماذا يحجب عنكم الترخيص الرسمي ما دمتم ملتزمون بالدستور؟ - هناك سببان، الأول هي الذريعة المعلنة، والثاني هو دافعهم لمنع الترخيص عنا. فهؤلاء كانوا منذ البداية ضد المتنورين الدينيين، بل هم ضد كل حزب غير منضو تحت لوائهم لكنهم يعلنون ذرائع مختلفة، نأمل في ظل البرلمان الجديد والتغيرات التي ستطرأ على لجنة الترخيص للأحزاب، ان نحصل لحركة الحرية على الترخيص كحق قانوني. لماذا يصنفون حركتكم في خانة "الغير"؟ - يقولون انكم لا تؤمنون بالدستور ونحن نقول إننا ملتزمون بالدستور؟ وما الفرق بين الايمان والالتزام؟ - الايمان ينتج عنه الالتزام حكماً، الا ان الالتزام بالشيء ينطوي على الايمان به بالضرورة. ففي المجتمع المدني يتوجب على الجميع الالتزام بالقانون. وعندما يجري سن القوانين في البرلمان يكون هناك نواب معارضون له وآخرون مؤيدون، واذا ما تم التصويت عنه، وحظي بموافقة الغالبية، فإن على الاقلية الالتزام بهذا القانون بالتأكيد. هذا الالتزام لا ينطوي على الايمان بهذا القانون. هكذا هو حال الاقليات ايضاً داخل المجتمع. فلدينا في ايران اقليات دينية مثل الأرمن واليهود والزرادشت، وهؤلاء لا يؤمنون بالدين الاسلامي ولكنهم جميعاً ملتزمون بالقوانين الاسلامية ونحن نقول ان الاساس في المجتمع المدني هو الالتزام بالقانون، الا انهم يقولون: كلا، عليكم ان تؤمنوا بالقانون والدستور. أي من مواد الدستور لا تؤمنون بها؟ - نحن لا نؤمن بولاية الفقيه بالشكل الذي يقدمه السادة الآن. اي شكل تعني؟ - الولاية المطلقة، التي تسمو على القانون، بحيث يفعل الولي الفقيه ما يشاء ولا يحق لأحد مساءلته، الولي المختار من الله، وخليفة الله، هذه المفاهيم لا نقبلها ولا نؤمن بها، بلى اننا نقول ان في الدستور مؤسسة باسم القيادة، والقائد يتم انتخابه من قبل مجلس الخبراء الذي ينتخبه الشعب ايضاً. صلاحيات الولي الفقيه محددة في الدستور وعليه لا يحق له التصرف وكأن له صلاحيات مطلقة. لكن الدستور الايراني يحدد صلاحيات الولي الفقيه؟ - صحيح، فالمادة 110 حددتها بوضوح ونحن نؤمن بهذه المادة. اذاً فانتم تؤمنون بأساس نظام ولاية الفقيه - ايمان؟ كلا، لا نؤمن - بل اننا نلتزم بذلك فقط؟ هل تريد القول ان صلاحيات الولى الفقيه في الدستور مطلقة؟ - كلا، فهي محددة في الدستور، فمثلاً ينص الدستور على ان القائد يقوم بتعيين رئيس السلطة القضائية لكن لا يحق له انشاء المحاكم الخاصة. بل ان رئيس السلطة القضائية يجب ان يقترح مشروعاً لانشاء هذه المحاكم يقدمه الى البرلمان الذي يتولى المصادقة وتحديد صلاحيات هذه المحاكم. اذاً فانتم تؤمنون بأساس ولاية الفقيه، ولا تؤمنون بممارسات الولي الفقيه الفعلية. - بل لا نؤمن حتى بأساس النظرية، نحن نؤمن بحكومة اسلامية وليس بحكومة رجال دين. هذا الوضع لا نؤمن به. نحن نقول اننا نتبع رأي الشعب، ونلتزم بما تقرره الغالبية. نحن نريد ان يعاملوننا كما يعاملون باقي الاقليات التي لا تؤمن بولاية الفقية. فاليهود الايرانيون لا يؤمنون بالولاية لكنهم ملتزمون بالدستور ويتمتعون بحق الترشح والانتخاب فلماذا لا يعاملوننا مثلما يعاملون اليهود. السياسة الخارجية الايرانية كنت أول وزير خارجية في عهد الجمهورية الاسلامية، كيف تقوم اداء الديبلوماسية الايرانية خلال القرنين الماضيين؟ - برأيي، ان السياسة الخارجية لايران لم تكن ناجحة بدليل انها عجزت على مدى عقدين من الزمن، عن اقامة علاقات سياسية ودية وراسخة مع الدول الأخرى بل تعرضت هذه العلاقات لتقلبات مستمرة. وما السبب برأيك؟ - هناك اسباب عديدة. أحدها، ان الأولويات الوطنية ليست واضحة في الداخل بعد، فلم يجرِ تثبيت وتدوين أولويات مصالحنا الوطنية ولم يجرِ تدوين برامج لذلك، وبرأيي فإن السياسة الخارجية لأي دولة، هي امتداد للسياسة الداخلية. وعندما تكون المصالح الوطنية العامة على الصعيد الداخلي محسومة، فإن السياسة الخارجية والأولويات الوطنية غير واضحة منذ قيام الجحمهورية الاسلامية وحتى الآن. السبب الثاني هو غياب الرؤية الموحدة والمركزية في ادارة السياسة الخارجية، فهناك مؤسسات ومراكز عديدة تتدخل في هذا الأمر، الأمر الذي يشل سياستنا الخارجية. فرئيس الجمهورية يقول شيئاً، فيما يقول مسؤول آخر، شيئاً آخر، ومن الطبيعي ان لا تكون مثل هذه السياسة الخارجية ناجحة في ادائها. هذا اضافة الى اسباب اخرى عديدة. لكن ألا تعتقد ان الديبلوماسية الايرانية حققت نجاحاً ملحوظاً خلال السنوات الثلاث الماضية. - صحيح، شهدت هذه الفترة نجاحاً ملحوظاً لأداء حكومة الرئيس خاتمي على صعيد السياسة الخارجية. فخاتمي جعل من "ازالة التوتر" محور عمل سياسته الخارجية وقد حقق نجاحاً في تطبيع علاقات ايران مع الكثير من الدول خصوصاً الجارة منها. ونجح في ازالة التوتر من علاقات ايران مع الدول الخليجية الى حد كبير وكذلك مع الدول الأوروبية. كما انه طرح نظرية "حوار الحضارات" على الصعيد الدولي، مما أوجد موقعاً دولياً متميزاً لايران. كما ان حديثه الشهير لمحطة سي.ان.ان ساعد كثيراً في ايصال الشعب الأميركي الى فهم أفضل للثورة الاسلامية الايرانية. كل هذه نقاط ايجابية، برأينا على رغم اننا نعتقد ان السياسة الخارحية لايران شهدت فشلاً في بعض المحطات - خلال السنوات الثلاث الأخيرة. اين هي محطات الفشل برأيك؟ - مثلاً في آسيا الوسطى، فشلنا في اقامة علاقات متينة مع دول هذه المنطقة، وكذلك الأمر مع تركيا، حيث تتعرض علاقاتنا معها لتقلبات حادة، على رغم توافر جميع مقومات وعناصر قيام علاقات ودية ومتينة مع انقرة، فلدينا العلاقات التاريخية، والاقتصادية. هل تعتقد ان سبب التقلبات في العلاقات بين ايرانوتركيا، ايراني بحت، ولا وجود لاسباب تركية أو خارجية؟ - هناك اسباب ايرانية، واخرى خارجية طبعاً. انتم في حركة الحرية، كيف تنظرون الى العلاقة بين ايرانوالولاياتالمتحدة؟ - معروف ان الأميركيين هم الذين قطعوا علاقتهم بايران وليس العكس، لذلك فإن على الأميركيين ان يأخذوا المبادرة في اعادة هذه العلاقات. ماذا يتوجب على الأميركيين عمله؟ - المشكلة هي ليست محصورة بحكومتي البلدين، فحتى لو عادت العلاقات الرسمية بين البلدين، فإن المشكلة باقية بين الشعبين الأميركي والايراني. هناك حادثتان تركتا آثاراً سلبية على علاقات الايرانيينبالولاياتالمتحدة. الأولى، التآمر الذي قامت به الولاياتالمتحدة وبريطانيا ضد حكومة مصدق الوطنية عام 1953، وانتهى بالاطاحة بتلك الحكومة وبالديموقراطية التي كانت دخلت مرحلة جديدة في ايران. ولا يمكن لشعبنا ان ينسى ذلك الحدث الذي القى بظلاله على مجمل العلاقات الايرانية - الأميركية. فالشاه هرب من ايران خوفاً من الشعب الا ان الاميركيين والانكليز هم الذين اعادوه بانقلاب عسكري. وظلوا يوفرون له الدعم والحماية طوال 25 عاماً من 53- 1979 - وهم مسؤولون عن كل جريمة ارتكبها النظام البهلوي. أما الأمر الثاني الذي اضر بالعلاقات بين الشعبين فهو عملية احتجاز الديبلوماسيين كرهائن في السفارة الأميركية في طهران تعبيراً عن الاحتجاج على سياسة الحكومة الأميركية ضد ايران الا ان ما حدث كان أكبر من ذلك، فقد احتجز الرهائن مدة 444 يوماً في ايران، وتم حرق العلم الأميركي الذي هو ملك للشعب الأميركي وليس الحكومة. تلك الحادثة خلقت لدى الشعب الأميركي، نظرة سلبية حيال الايرانيين، وأبدى خاتمي اسفه لما نتج عن عملية احتجاز الرهائن خلال حديثه لمحطة سي.ان.ان.. ووزيرة الخارجية الأميركية مادلين اولبرايت أبدت اسفها لمواقف الولاياتالمتحدة حيال ايران. - نعم، وكانت تلك خطوة ايجابية، ويفسرها بعض المحللين الأميركيين على انها بمثابة اعتذار للشعب الايراني وهذا جيد، وبامكانه المساعدة في التطبيع بين البلدين. وبرأيي فان بامكان ايران الدخول في مفاوضات مع اسرائيل، فلدينا عوامل خلاف اخرى مع واشنطن، فالعالم اليوم لا مجال فيه للحرب بل للتفاوض والحوار ولهذا فنحن لا نرى ما يمنع ان تدخل الحكومة الايرانية في حوار مع الحكومة الأميركية من اجل حل الخلافات القائمة، بغض النظر عما اذا كان الحوار سيؤدي الى عودة العلاقات أم لا. المحافظون والاصلاحيون اين يختلف التياران الاصلاحي والمحافظ واين يلتقيان في موضوع الحوار مع واشنطن؟ - لا أرى اي تباين في الموقف بين هذين التيارين في موضوع الحوار مع واشنطن - فالجميع يؤمن بجدوى الحوار غير أن اليمين المحافظ يريد البدء بالعلاقات الاقتصادية تاركاً النقاش السياسي جانباً حالياً، في حين يرى الاصلاحيون وجوب البدء بحل الخلافات السياسية أولاً. ونحن في حركة الحرية نؤمن انه يتوجب البدء بحل المشكلات السياسية والداخلية لنتمكن من الوصول الى صحافة حرة وشفافية في عمل السلطة، وخضوعها لرقابة الرأي العام، قبل اي حوار مع واشنطن لأنه في غياب ذلك ستجرى المفاوضات بشكل سري وسيكون المجال مفتوحاً لتقديم التزامات لا تصب في مصلحة الشعب الايراني. البعض يصنف حركتكم في خانة الحركات الوثيقة الصلة بالغرب والولاياتالمتحدة، ما السبب؟ - من يوجه لنا هذا الاتهام عليه ان يجيب على هذا السؤال هل يقصدون ان من يدرس في الغرب يصبح "تغريبياً"؟ غاندي درس في الغرب - وقادة الشيوعيين درسوا في الغرب. على الجانب الآخر نحن نؤمن بضرورة اقامة علاقات مع الغرب. نقول ان علينا ان نرى اين تكمن مصالحنا؟ فلا يمكن ان نعادي كل ما هو غربي لمجرد انه غربي، الاساس هي مصالحنا الوطنية، نخالف ما يتعارض معها ولو كان غربياً، وكما قلت سابقاً فإن الولاياتالمتحدة هي التي قطعت العلاقة مع ايران. وعندما كنت وزيراً للخارجية في الحكومة الموقتة بعد انتصار الثورة الاسلامية سألت السيد الخميني: هل رأيك ان نقطع العلاقة مع الولاياتالمتحدة؟ فكان ان اجاب بالنفي. من هنا، فإن ما يتهمونا به لا اساس له. نحن مرتبطون بشعبنا، وبلدنا وديننا، ونقبل بكل ما تقتضيه مصالح بلدنا ولا يتعارض مع ديننا. على هذا الأساس، ما هو شكل العلاقة المطلوبة مع الولاياتالمتحدة برأيك؟ - من الطبعي ان اي ايراني لا يمكن ان يقبل بنوع العلاقة، التي كانت قائمة مع الغرب، والولاياتالمتحدة في عهد الشاه. نحن لا نريد مثل تلك العلاقة، لكننا نعتقد ان قوة الدولتين، تحدد شكل العلاقة بينهما. وايران تتمتع بالموقع الجيوستراتيجي، والمنزلة التاريخية ما يمكنها من اقامة علاقات متكافئة مع الدول الغربية كافة، ولا اعتقد أن ايران من الضعف حتى تصبح، في ظل اي علاقات مع الولاياتالمتحدة، تابعة لواشنطن بحيث ستأمر الأخيرة ونطيعها نحن. كلاً لا اعتقد بذلك. يرى البعض انكم تستغلون عباءة خاتمي، للعمل تحتها؟ - صحيح، لأننا جزء من احزاب الثاني من خرداد التاريخ الايراني للانتخابات الرئاسية، ونحن نحمل البرنامج نفسه الذي أعلنه خاتمي، وكنا نطالب به منذ 15 عاماً. الى ماذا كنتم تدعون؟ - الى دولة القانون والمؤسسات، والى العمل في اطار الدستور، واحترام الرأي الآخر، والتعايش والتسامح والتعددية السياسية. وكل هذا نادى به خاتمي ايضاً فإذا كانت هذه محاور تيار خرداد فنحن منه. لكن البعض يتهمكم انكم تستغلون غطاء هذا التيار لتعلنوا معارضتكم لأساس النظام في مرحلة لاحقة، ولهذا فانهم يحاصرونكم ولا يسمحون بتشريع نشاطكم؟ - هذه تهمة تلصق بحركة "الحرية"، ولا اساس لها من الصحة ابداً. فما نريده، هو ما أعلنه الرئيس خاتمي، وعندما رأينا ان مرشحاً للرئاسة يطلق شعارات حركتنا نفسها دعمناه، ثم أننا اعلنا اننا ملتزمون بالدستور ونتحرك في اطاره، ونريد الترشح للبرلمان وفق القوانين، فلماذا يتهموننا بالتخطيط لاطاحة النظام. نحن نريد اجراء اصلاحات من داخل النظام القائم. المتطرفون والمعتدلون كيف ترى الوضع الداخلي لايران في ظل غياب غالبية صحافة الاصلاحيين واعتقال عدد من الصحافيين؟ - بعدما تبين ان التيار اليميني مني بهزيمة كبرى في الانتخابات نفذ هذا التيار سيناريوهات عدة في وقت واحد: الأول، اغلاق الصحف الاصلاحية، والثاني محاولة اغتيال حجاريان وكذلك اعتقال الصحافيين. هدف ذلك كان منع بدء البرلمان السادس عمله. المهم، انتهى ذلك، وبدأ البرلمان عمله الآن الا ان الأجواء السياسية المناسبة لعودة الصحف لم تتوافر بعد: والجميع ينتظر ان يتمكن البرلمان من رفع العقبات أمام الصحافة. الا تعتقد ان تطرف بعض الاصلاحيين، خصوصاً في الصحافة هو الذي قدم الذريعة لخصومهم للتحرك واغلاق الصحف. - هذا صحيح، فداخل الاصلاحيين، هناك تيار متطرف كما هو الحال داخل التيار المحافظ أيضاً، وهؤلاء لم يراعوا قواعد اللعبة المدنية، وكان بالامكان العمل بهدوء أكثر لتحاشي ما حدث. لأي جناح سياسي ستكون الغلبة في المستقبل؟ - ارى ان المستقبل هو للتيار الاصلاحي، لسبب بسيط هو أن هذا التيار ليس ملكاً للنواب الذين وصلوا الى البرلمان، وليس ملكاً لخاتمي، بل هو تيار متجذر في المجتمع، خصوصاً في اوساط النساء والشباب، لذلك فإن هذا التيار سينمو ويتطور على رغم العثرات التي يمكن ان يصاب بها. هل تعتقد ان الاصلاحيين اعتبروا مما جرى لهم؟ - انا اعتقد ان التيارين، الاصلاحي والمحافظ اعتبرا من حوادث السنوات الثلاث الأخيرة، فالمحافظ لم يحقق مراده على رغم كل ما عمله، لذلك فالمرجح ان يتجه الى التهدئة والالتزام بقواعد اللعبة السياسية المدنية. اما تيار الاصلاح، فايقن بعد هذه التجربة ان التطرف لن يوصله الى أهدافه. في ظل النزعة المتطرفة لدى كل من التيارين، الا تعتقد ان وجودهما معاً ضمانة لعدم هيمنة الاستبداد؟ - التياران ظاهرة اجتماعية طبيعية، فنحن لا نعتبر مجتمعنا تعددياً. ونحن نمر بمرحلة تاريخية حساسة يجب ان توصلنا الى الاعتراف بالآخر، وعندها سنتحمل وجود بعضنا البعض، ونتعايش ضمن اختلافنا، بدل ان يسعى كل تيار الى الغاء الآخر. عند ذلك سيكون التسابق هو على خدمة الشعب والوطن وليس مجرد السيطرة.