القيادة تهنئ الرئيس جوزيف عون بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية وأدائه اليمين الدستورية رئيسًا للجمهورية اللبنانية    بعد 13 جولة انتخابية.. جوزيف عون رئيساً للبنان    "يلو 16".. نيوم والعدالة في قمة الدوري    اشتراط 30 يومًا كحد أدنى في صلاحية هوية مقيم لإصدار تأشيرة الخروج النهائي    زيلينسكي يطالب بنشر قوات في كييف.. وأوروبا: مستعدون للدعم عسكرياً    أمانة الشرقية تكشف عن جهودها في زيادة الغطاء النباتي للعام 2024    البطي يتصدر قائمة The Elite Builders كقائد مؤثر في قطاع التطوير العقاري    فليك يُعلن التحدي قبل نهائي السوبر الإسباني    نائب وزير الخارجية يستقبل سفير جمهورية تركيا لدى المملكة    الأرجنتيني فارغاس ينضم إلى صفوف الفتح حتى عام 2026    وصول الطائرة الإغاثية السعودية الثامنة إلى مطار دمشق الدولي    10 فائزين بجائزة الأميرة صيتة بنت عبدالعزيز للتميز في العمل الاجتماعي    إحصائيات الخدمات الصحية لمستشفى القويعية لعام 2024م: أرقام تبرز الكفاءة والإنجاز    حساب المواطن: إيداع 3.1 مليار ريال مخصص دعم شهر يناير    المرور السعودي: استخدام الجوال يتصدّر مسببات الحوادث المرورية في جازان    فن "صناعة الأبواب والنقوش الجصية" لا زال حاضرًا في الذاكرة    «الإحصاء»: ارتفاع مؤشر الأنشطة النفطية 3.8%.. و«غير النفطية» 2.4%    النفط يهبط مع مخاوف الطلب وارتفاع الدولار والتركيز على سياسات الطاقة القادمة    استشهاد 19 فلسطينيًا في غزة    إطلاق كائنات مهددة بالانقراض في محمية الإمام تركي بن عبدالله    وفاة رجل بسرطان من تبرُّع.. هل تنتقل الأمراض النادرة عبر عمليات الزرع ؟    نائب أمير تبوك يطلع على مؤشرات أداء الخدمات الصحية    مواجهتَا نصف نهائي كأس الملك.. الاتحاد أمام الشباب والقادسية ضد الرائد    مشعبي يطالب بإيقاف أفراح «الكأس» والتركيز على «الدوري»    الرماح والمغيرة يمثلان السعودية في رالي داكار 2025    من أنا ؟ سؤال مجرد    النقش على الحجر    أمير القصيم يتسلم التقرير الختامي لفعالية "أطايب الرس"    هوبال    رابطة العالم الإسلامي تُدين وترفض خريطة إسرائيلية مزعومة تضم أجزاءً من الأردن ولبنان وسوريا    ما ينفع لا ما يُعجب    الأردن يحكم بالسجن على ثلاثة متهمين في قضية «حج الزيارة»    ولي العهد عنوان المجد    345.818 حالة إسعافية باشرها "هلال مكة" 2024    أمير المدينة يرعى المسابقة القرآنية    طالبات من دول العالم يطلعن على جهود مجمع الملك فهد لطباعة المصحف    أمانة مكة تعالج الآثار الناتجة عن الحالة المطرية    المملكة تحافظ على صدارتها بحجم الاستثمار الجريء    67 % ضعف دعم الإدارة لسلامة المرضى    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة ينجح في استئصال جزء من القولون مصاب بورم سرطاني بفتحة واحدة    قطاع ومستشفى تنومة يُفعّل حملة "التوعية باللعب الالكتروني الصحي"    تحرير الوعي العربي أصعب من تحرير فلسطين    التأبين أمر مجهد    الاتحاد والهلال    أمير المدينة يطلع على مشاريع تنموية بقيمة 100 مليون ريال    تطوير برنامج شامل للحفاظ على المواقع والمعالم التاريخية    إنتاج السمن البري    أسرتا الربيعان والعقيلي تزفان محمد لعش الزوجية    دكتور فارس باعوض في القفص الذهبي    على شاطئ أبحر في جدة .. آل بن مرضاح المري وآل الزهراني يحتفلون بقعد قران عبدالله    اطلع على إنجازات معهد ريادة الأعمال.. أمير المدينة ينوه بدعم القيادة للمنظومة العدلية    عناية الدولة السعودية واهتمامها بالكِتاب والسُّنَّة    مجموعة (لمسة وفاء) تزور بدر العباسي للإطمئنان عليه    القيادة تعزي رئيس جمهورية الصين الشعبية في ضحايا الزلزال الذي وقع جنوب غرب بلاده    يهرب مخدرات بسبب مسلسل تلفزيوني    قصة أغرب سارق دجاج في العالم    تعزيز الذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي    أمير المدينة يتفقد محافظة العيص    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مخاطبة مجلس الشورى قبل الانتخابات الرئاسية . تغير القيم في إيران يمكن استيعابه لئلاّ يطرحه أعداء نظامها 1 من 2
نشر في الحياة يوم 01 - 05 - 2001

خطابي الرسمي الأول بعد مراسم القسم القيته هنا في مجلس الشورى في 4/8/1997، وكان في الواقع عصارة عهد قطعته للشعب الإيراني الشريف، والأهم من ذلك عهدي مع الله سبحانه وتعالى للقيام بالمسؤولية والخدمة العظيمة التي وضعها الشعب على عاتقي. واليوم، عندما اعود الى ذلك الخطاب أؤكد استمرار التزامي بفحواه ويشكل ذلك تجسيداً لمعتقداتي ودليلاً الى مسؤولياتي، وأرى اليوم وانا على اعتاب الأشهر الأخيرة من المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقي انه من الأنسب ان احضر مرة أخرى الى بيت الشعب لأخاطب الشعب الشريف والعظيم المتفاني والصامد العزيز، من خلالكم أيها النواب.
خطاب 4/8/1997 يشكل عهداً محوره الأساسي ادارة أمور البلاد في اطار الدستور الذي يعتبر الانجاز الكبير للثورة الاسلامية وميثاقنا الوطني. في هذه الفترة اعتبرت الثقة التي منحني اياها الشعب الرأسمال الأكبر في مسؤولياتي. ومن الواضح ان اكون على علم ودراية بالمشكلات التي يعاني منها الشعب والتي أدخلت الحزن الى قلبي. اعلم ان قسماً كبيراً من أبناء الشعب يمر بظروف صعبة وان موائدهم متواضعة وانهم يسعون كثيراً لكنهم يحصدون قليلاً، وان آثار ضعفنا والمشكلات والعقبات والضغوط والنواقص تنعكس في البداية على هذه الشريحة من المجتمع. من الطبيعي ان يتحمل الجميع المشكلات التي نواجهها وان نسعى جميعاً لمواجهتها، يجب ان نكدّ كثيراً لانجاز الأعمال العظيمة، الم يتحمل قائدنا الكبير الآلام والمصاعب؟ الم يتحمل مسؤولو البلاد الضغوط والمشاق؟ علينا ان نتحمل وبصبر. وأنا خادمكم الصغير كذلك، وأنا مثل الجميع اعاني معاناة الشعب وأسعى لحل مشكلات هذا البلد. اعترف بأنني لم أصارح الشعب الشريف بجميع المعاناة والمشكلات التي تواجهني، لكن ذلك ليس بسبب مصالحي الشخصية، بل من أجل المصالح الوطنية.
لا يحق لأي مسؤول خدوم ان يهدد البلاد بأزمة بطرح معاناته ومشكلاته، بل عليه ان يسعى للحيلولة من دون تحويل المشكلات الى أزمات، واذا واجه أزمة فعليه تحمل ذلك كي لا تصيب تلك الأزمة الشعب.
سأقدم في أقرب فرصة تقريراً تحريرياً وافياً الى القائد الكبير للثورة الإسلامية ولنواب الشعب والشعب الإيراني الشريف والى الرأي العام، ومن هنا أطالب بتواضع واخلاص جميع أصحاب الفكر والمخلصين وكل من يعمل لسمو الإسلام ورفعة ايران، سواء كانوا من أنصار الحكومة أم من المنتقدين الأعزاء، أن يبرزوا الجوانب السلبية لهذا التقرير.
السؤال المطروح، وهو صحيح وفي محله: ماذا قدم رئيس الجمهورية؟ لعل السؤال الأصح الذي يجب ان يطرح هو: ماذا قدمنا جميعاً؟ ان هدف طرح هذا الموضوع هو طرح الأفكار والآراء حتى تُدرس وتُقوَّم المواقف والبرامج بشكل أفضل، هل ان ما حصل في 23/5/1997 هو حدث نابع من أحاسيس عابرة يزول بأحاسيس أخرى أم هو ناجم من واقع؟ لو أنعمنا النظر الى هذا الواقع على رغم اختلاف وجهات النظر لتمكنا من ان نبحث عن الحلول المناسبة وان نعكس هذا الواقع الذي اعتقد انه كان سائداً آنذاك. ان الثاني من خرداد 23/5/1997 هو حدث ناجم من ذلك الواقع. طبيعي ان تعرفوا ايها الأعزاء ويعرف جميع ابناء الشعب الإشاعات التي كانت سائدة قبل وصولي الى الحكم، التي كانت تقول ان وصول فلان الى سدة الحكم سيؤدي الى سقوط الإسلام والثورة والأمن في البلاد.
من الضرورة ان أذكر هنا عناوين المراكز التي كانت تروج لهذه الاشاعات، لكني لا أود ان اذكرها، وليس من الصعب معرفتها ومعرفة المنابر والأجهزة والمؤسسات التي استغلوها لبث وترويج هذه الاشاعات. لكن ابناء الشعب سلكوا واختاروا طريقاً آخر، وهذا الاختيار لقي كذلك دعم قائد الثورة وتأييده. ان هذه الأمواج تجددت بعد فترة قصيرة، وسعت عناصر من خلال رسم صورة حالكة لكل شيء، وبتعبيري "احراق مركز تجاري كبير للوصول الى منديل صغير"، وظهرت هذه الأمواج مرة أخرى في شكل نشط وفاعل في المجتمع.
هناك تحديات اعتقد انه من الممكن ان نواجهها، وأطالب جميع عقلاء القوم وعقلاء المجتمع الذين ينتمون لشتى التيارات والمجموعات ان يدعوا للوسطية والعقلانية والمنطق.
ان التحدي هو طرح الأمور على ان ما يجري هو نزاع بين المدافعين عن الثورة والمناهضين لها. ويجب الا ينكروا بأن أبناء الشعب والمواطنين قاطبة وجميع العقلاء والذين يعانون، يطالبون بإصلاحات معقولة في اطار الدستور، والا يحاولوا من خلال تقسيم المجتمع الى قطبين ان تتهيأ الظروف للتشدد والتطرف. ان الافراط أو التفريط خطران يهددان المجتمع. الأول يؤدي الى ظهور حركات متطرفة تحت غطاء معايير مقدسة وقيِّمة وتأخذ مثلاً صبغة اسلامية وثورية ومدافعة عن الحرية واحترام حقوق الشعب، والخطر الثاني الذي هو أخطر من الأول يتمثل في تكوين هذه الحركات داخل المؤسسات والأجهزة الحكومية المسؤولة وهي التي في الحقيقة يجب ان تقدم خدماتها الى أبناء المجتمع وان تضمن مصالحهم، وبالتالي نجدها توجه ضرباتها الأساسية الى النظام والشعب. والمثال على ذلك ما حصل في موضوع مسلسل الاغتيالات ووجود تلك المجموعة داخل الجهاز الأمني وتوجيهها ضرباتها الأولى للجهاز الخدوم والمتفاني في وزارة الأمن، ومن ثم الى النظام والشعب، وقد تمكنا بمساعدة الباري عزّ وجلّ من صدها.
الموضوع الآخر الذي يجب ان أؤكد عليه هو قصورنا، ان الحكومة التي تعتبر معنية بالوصول الى التطور السياسي لم تسنّ قوانين دقيقة. اننا لم نوضح بعد مفاهيم شاملة ودقيقة للموافق والمؤيد والمعارض والارهابي والمعاند للنظام ولم نرسم حدوداً لذلك، وهذا العامل أدى الى تردي الأوضاع. فمثلاً، في ما يخص الموافق والمؤيد، ما هي الامكانات التي يجب ان يحظى بها؟ لا نعني ان الموافق يقول ما يحلو له ويفعل ما يريد، وكما هو في مصطلح اليوم ان يستفيد من جميع الامكانات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وفي المقابل يجب الا يقمع كل معارض وألاّ يغلق فمه بأنواع الحجج وشتى السبل.
في المجتمعات المتقدمة، لا يكون المعارض حراً فحسب، بل يجب ان تضمن الحكومة حرياته، وفي المقابل يجب صد كل من تسول له نفسه تخريب الأوضاع وكذلك المعاندين والذين يسعون لقلب النظام، وذلك وفقاً للقانون. أرجو ان نوفق في سن مشاريع قرارات لتوضيح هذه الأمور.
اذا كنت أؤكد على وجهة نظر وفكرة: فإن هذه النظرة لم تعد اليوم نظرة شخص واحد، انها تستقطب القبول والتأييد والدفاع عن الرسالة الثورية والوطنية والتاريخية. ان هذا الموضوع هو الواقع، واعتقد ان هذا السبيل يمكن ان يقدم دعماً كبيراً لرقي ايران وتقدمها. أقولها بصراحة: لم اطمح الى اية مسؤولية، ولم تفلح أية ضغوط لثنيي عن نظرتي وعقيدتي حول الأمور. في الوقت نفسه أتقبل برحابة صدر اي منطق، وأستفيد من الكثير مما يطرح، وطالما توجد هذه الفكرة والنظرة فإن الضغوط المتنوعة لن تجبرني على التراجع. وأقولها لكي أريح الجميع، ان الذين ينظرون الى السياسة من جانبها الأخلاقي والثقافي، لا يكترثون للحكم و"البقاء في السلطة بأي ثمن"، اعتقد ان الشعب كذلك يطالب بهذا ويحترم من يحمل هذه الفكرة. من الطبيعي ان أوافق على السير بخطى ثابتة الى الأمام طالما يريد الشعب ذلك وطالما انا واثق من مقدرتي على ذلك، ولم أكن مثالياً مفرطاً في التفاؤل بحيث أظن انني سأحقق جميع الأهداف خلال ليلة وضحاها، يجب ان تتوافر مقومات الرقي والتقدم وألاّ تغلق العقباتُ جميعَ السبل، سأكون في خدمة الشعب طالما يريد ذلك وطالما اشعر بأنني قادر على السير الى الأمام على رغم المشكلات، ولو لم يتيسر لديَّ هذا الشعور فانني كنت أفضل ان اقدم خدماتي للشعب والثورة في منصب آخر.
من الطبيعي ألاّ تنصبّ الأهمية على الشخص. المهم هو مصالح النظام والمجتمع.
ما أشعر بأنه من مطالب الشعب ومن مقتضيات المرحلة الراهنة هو اننا لم نملك خياراً آخر سوى اقامة نظام ديموقراطي ديني، وهو ما دعت اليه الثورة الاسلامية. يجب ان نوفق وأن نهيئ مقتضيات وأسباب ذلك. ان الشعب وقف بصلابة امام المشكلات والأزمات.
لكي نعرف من اين جئنا وأين نقف وبالتالي نضيء الدرب نحو المستقبل، يجب ان نعرف الحقائق. وانظر الى هذه الحقائق بنظرة تحليلية فاحصة، وآمل ان نصل الى علاج لجميع المعاناة والمشكلات. هناك ابحاث ودراسات كثيرة - أجريت في مركز البحوث في مجلس الشورى الاسلامي وفي مراكز أخرى - تؤكد ان الأوضاع في أعقاب "الثاني من خرداد" شهدت تغييرات واضحة، وان التوجه نحو القيم في المجتمع شهد نمواً كبيراً، واتجهت النظرة نحو النقد، لكن الموضوع المهم في هذه الأبحاث هو الاهتمام بمعايير جديدة في اطار القيم الدينية للثورة الاسلامية والمفاهيم التي طرحتها الثورة. من هذا المنطلق، فإن "الثاني من خرداد" ادخل القلق الشديد في قلوب الاعداء، وفي اعتقادي ان طرح اعداء الثورة موضوع "فتنة خاتمي" طرح ذكي، فقد شعروا بان المجتمع في أمس الحاجة الى التغيير وانهم كانوا يأملون بأن يأتي التغيير من خارج النظام، وانهم احسوا بان "الثاني من خرداد" جذب الحركة العظيمة المطالبة بالاصلاح والتغيير نحو النظام وأهدافه، وهذا الأمر بالذات بدّد آمال اعداء الشعب الإيراني.
فإلقاء نظرة عابرة على الاحصاءات والأرقام الحاضرة يوضح كيف كانت الأوضاع في ايران في اعتاب "الثاني من خرداد". سأوضح باختصار المؤشرات الرئيسية:
1- ان التركيبة السكانية لإيران في تلك الفترة أحدثت تطوراً عظيماً، فقد تضاعف عدد سكان ايران في عام 1997 مقارنة باوائل الثورة، وهذا يعني بأن 70 في المئة من أبناء المجتمع ولدوا بعد الثورة "الاسلامية" وانهم ترعرعوا داخل نظام الجمهورية الاسلامية. ان ما يعرف ب"الثورة السكانية" في علم الاجتماع قد تحقق في ايران، وفي دورة قصيرة، تغير المجتمع نحو مجتمع آخر.
2- نمو المدن وتطورها، فلأول مرة في أعقاب "الثاني من خرداد" تغيرت التركيبة السكانية وأصبح سكان المدن أكثر من سكان القرى والأرياف حيث أصبح 61 في المئة من السكان يعيشون في المدن، إن الاهتمام بالعيش في المدن يتطلب توجهات ومطالب خاصة، علماً ان الثورة نفسها تتطلب خدمات خاصة.
في هذه الفترة، حصل تغيير كبير في التربية والتعليم والثقافة العامة، فقد ازداد عدد الطلاب من حوالى 7 ملايين طالب في بداية الثورة الى 19 مليون طالب. وازداد عدد الطلاب الجامعيين الى مليون و250 الف طالب عام 1997، وان هناك اكثر من 3 ملايين طالب جامعي انهوا دراساتهم. وارتفع معدل المتعلمين من 47 في المئة في أول الثورة الى 79 في المئة. وفي المدن بلغ معدل المتعلمين 86 في المئة، وارتفع معدل النساء غير الأميات من حوالى 30 في المئة الى 74 في المئة.
الموضوع الآخر هو التطور الذي طرأ على التشكيلة الطبقية للمجتمع، فقد ارتفع معدل استهلاك الطبقة المتوسطة التي تسكن المدن وتطورت ونمت اسواق الاستهلاك، وتطور الى جانب ذلك قطاع الخدمات وظهرت طبقة كبيرة من الوسطاء في التجارة والاقتصاد، وبالتالي ظهر شكل جديد من الحصول على الثروة في المجتمع، فقد ظهر أشخاص يدخرون باقل الجهود والامكانات وبأقل مدة ممكنة ثروات طائلة، وهذه الظاهرة أدت الى تشاؤم الكادحين والصناعيين في المجتمع وسخطهم. التغييرات الطبقية والميل نحو الاستهلاك والحصول على الثروات من دون بذل الكثير من الجهد، هي من التغييرات التي شهدها مجتمعنا بعد الثورة.
التغيير في تشكيلة المجتمع ونظرته الفكرية والسكانية والطبقية أدى الى حصول تغيير في نظام القيم الحاكم في مجتمعنا، بما في ذلك، التغييرات في المجموعات التي تعتبر مصادر يرجع اليها، أي ان مجتمعنا التقليدي كان يكن احتراماً خاصاً لمراجع معينة يتخذها قدوة. ولاتزال موجودة تلك المجموعات التقليدية التي تعتبر مراجع.
هناك مجموعات فكرية جديدة حاضرة اليوم في المجتمع، ويمكن التأكيد أن دور المثقفين والجامعيين في التأثير في المجتمع ازداد كثيراً، وأعتقد انه في ظل هذه الظروف احست شرائح كبيرة من المجتمع أنها قادرة على طرح مطالبها في شكل شعارات ومواقف طرحت في "الثاني من خرداد". ان ما طرح هو عبارة عن: الوسطية وتثبيت النظام والتشديد على الدستور كمبدأ ومرجع لادارة المجتمع والاهتمام بحقوق الشعب وحرياته وتحقيق العدالة الاجتماعية.
أعتقد ان ما حصل ويحصل لم يشكل خطراً على الثورة، بل هو فرصة كبيرة لها. ولو اعتبرنا ان ما حصل هو الاصلاح بعينه كما اراه أنا، فهناك مجموعتان تقفان في طريق الاصلاح، الأولى هي المجموعة التي تعارض أي تطور ولا يمكنها ان تتصور اي تحول وتغيير، وعناصر هذه المجموعة تصر على اتباع سبل متصلبة ومتشددة. والمجموعة الثانية هم الذين يحاولون نتيجة اغراض أو جهل ربط كل تطور في المجتمع بعوامل خارج النظام، وفي الحقيقة يعتبرون اي تغيير بداية لتغيير النظام والثورة. ان الاصلاح في الحقيقة لا ينسجم مع تطلعات هاتين المجموعتين، وتطلعات هاتين المجموعتين كذلك لا تنسجم مع الاصلاح الحقيقي لدى الشعب الايراني. ولكن، ماذا يريد الشعب وماذا طالب في البداية؟ وهنا اؤكد مجدداً أن رأي الشعب هو واضح في ما يخص التطور السياسي، أي الاهتمام بحقوق المواطنة ورفض النظرة الأمنية في المرافق العامة، خصوصاً في المجال الثقافي والسياسي والتي تؤكد اتخاذ سبل لمراقبة العلاقات الاجتماعية. هذه السبل هي التي تزيد من السخط وعدم الرضا خصوصاً لدى الطبقة الدنيا من المجتمع، وتؤدي الى عدم الاكتراث بتطور الثقافة الاسلامية والايرانية. كذلك اتخاذ استراتيجية المنع عوضاً عن المناعة، وتوجيه الضربات لحدود العلم والثقافة ببث دعايات يومية وبصورة مفرطة تؤدي الى ظهور أزمة هوية بين قيم الحكومة وقيم المجتمع، ونتيجة لعدم الاهتمام بهذا الواقع تظهر الخلافات بين الأجيال، بين الجيل الذي له نظرته الخاصة والجيل السابق له، وبالتالي ظهور انقسامات في الخطاب الوطني وولادة ثقافتين. أقول انه لو قررنا ان نكون متشائمين، ولو اتهمنا الاعداء بالسعي لاسقاط النظام، لماذا يجب الاّ نربط رفض قبول هذه الحركة والوقوف امام التغييرات الحقيقية التي يطالب بها الشعب الايراني بالاعداء؟
وفي ما يخص الأوضاع على الساحة الدولية في أعقاب "الثاني من خرداد"، ان ثورتنا سلكت طريقاً وعراً، اذ ظن الكثير أن هذه الأمواج ستنتهي مع نهاية الحرب، خصوصاً بعد الهجوم العراقي على الكويت فتتنفس الجمهورية الاسلامية الصعداء، ولكن للأسف، بعد فترة قصيرة لم يتحقق هذا الأمر، واشتدت الضغوط على الشعب وعلى الحكومة الايرانية حيث شهدت ايران في أواسط عام 1996 وأوائل عام 1997 واحدة من أشد الأزمات على الصعيد الدولي، أي اتهام الشعب الايراني وحكومته برعاية الارهاب بصورة مفرطة وظالمة، وفتحت ملفات عجيبة في مناطق مختلفة من العالم ضد الثورة والنظام الايراني، وقد تقلص نفوذنا في المؤسسات الدولية في شكل كبير، وفرض علينا الحظر الشامل من جانب الولايات المتحدة، كما فرض على الآخرين الالتزام بهذا الحظر، واشتدت الضغوط على الجمهورية الاسلامية وارتفعت نسبة مخاطر النشاطات الاقتصادية في ايران فوق ست درجات. والمثال في هذا الصدد هو عدد السياح الأجانب الذين زاروا ايران، فقد انخفض عام 1996 وأوائل عام 1997 بشدة. طبعاً، كانت هناك بعض النشاطات المشبوهة التي اعطت الفرصة للاعداء لبث الدعايات المغرضة ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية. أما الوضع الاقتصادي في أعقاب وصول حكومتي الى سدة الحكم، فقد كانت هناك محاولات قيمة خلال فترة الحرب أو بعدها.
* رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية. والنص ترجمة مجازة لخطابه الأخير أمام مجلس الشورى في طهران.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.