يواجه الرئيس الأوكراني ليونيد كوتشما حملة واسعة تطالب باستقالته بعد كشف تسجيلات صوتية توحي بأنه أوعز بقتل صحافي معارض وحصل كوتشما على دعم قوي من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي زاره وعقد معه سلسلة محادثات أمس، تكللت بتوقيع 16 وثيقة مشتركة، بينها اتفاقات لتطوير التعاون الصاروخي. وعلى رغم ان زيارة بوتين كان مخطط لها سلفاً، فانها اكتسبت أهمية خاصة منذ ان بدأت في العاصمة كييف حملة واسعة تحت شعار "أوكرانيا بلا كوتشما" واستثمرت القوى المعارضة تسجيلات صوتية يفهم منها ان رئيس الدولة هدد بتصفية الصحافي غيورغي غونغادزه الذي قتل في ما بعد. وتحالفت القوى اليسارية واليمينية لاسقاط كوتشما. وأعلن الزعيم الاشتراكي الكسندر موروز الذي يعد الأوفر حظاً لخلافة كوتشما ان الحملة ستنتهي في أيار مايو ب"تغيير النظام ورئىسه". ومعلوم ان كييف اتبعت سياسة اقتصادية مشابهة لنهج "الاصلاحات" في روسيا، ولكن نتائجها الكارثية كانت أسوأ بكثير مما في جارتها السلافية، بسبب افتقار اوكرانيا الى الخامات وخصوصاً النفط والغاز. وحاولت كييف التقرب من الغرب وانتسبت الى برنامج "الشراكة من اجل السلام" مع حلف الأطلسي وشاركت في مناورات للحلف، ما أثار حفيظة موسكو. إلا ان الأوكرانيين شعروا اخيراً ان الغرب لا يمكن ان يعوضهم عن روسيا التي يصل حجم التبادل التجاري معها الى عشرة بلايين دولار تقريباً. وبدأ كوتشما تقاربه مع روسيا في عهد الرئيس فلاديمير بوتين واعتبر ذلك واحداً من اسباب تأييد الغرب للمعارضة وخصوصاً جناحها الليبرالي الذي يقوده "من خلف الكواليس" رئيس الوزراء الحالي فيكتور يوشكنو. وتستفيد المعارضة من استياء شعبي واسع يفاقمه تردي الأوضاع الاقتصادية وانتشار الفساد والرشوة والجريمة. الا ان الدعم الروسي يمكن ان يغدو طوق النجاة لكوتشما، اذ ان بين سكان أوكرانيا البالغ عددهم 52 مليوناً، زهاء 11 مليون روسي، اضافة الى ان موافقة موسكو على جدولة ديون ببليوني دولار وتقديمها تساهلات في بيع الغاز لأوكرانيا يمكن ان يحقق انفراجاً موقتاً في الأزمة الخانقة التي تعانيها كييف. وفي المقابل فإن الرئيس المحاصر بالمعارضة اليسارية واليمينية سيكون مستعداً لتقديم تنازلات مهمة للكرملين سواء في المجال الاقتصادي عشية حملة خصخصة واسعة تقبل عليها أوكرانيا، أو في الميدان السياسي حيث تأمل موسكو ان تحد كييف من تطلعاتها لتعزيز العلاقة مع الأطلسي. وأسفرت زيارة بوتين عن توقيع 16 وثيقة منها خمسة اتفاقات للتعاون الفضائي وأخرى لانتاج صواريخ في مصنع "يوجماش" الأوكراني الذي كان الأضخم في الاتحاد السوفياتي وفيه صنعت صواريخ "اس اس 18" و"اس اس 24" التي ما زالت في الخدمة. وحرص الرئيسان على تأكيد الجانب "العملي" للقاءاتهما التي عقدت في مدينة دنيبروبتروفسك بعيداً عن تظاهرات المعارضة في كييف، إلا ان قادة الاحزاب المناوئة لكوتشما اعتبروا الزيارة تدخلاً في الشأن الداخلي لأوكرانيا. وفي موسكو، اشار نائب رئيس مجلس الدوما النواب فلاديمير لوكين الى ان تطور الأوضاع لغير صالح كوتشما، يعطي خصوم روسيا في أوكرانيا حجة قوية للابتعاد عن موسكو.