يخوض المحامون المصريون اختباراً صعباً اليوم خلال انتخابات مجلس نقابتهم التي تعطلت لأكثر من خمس سنوات، وحذرت السلطة من استغلال الانتخابات لارتكاب ما يخالف القانون، ونشرت مئات من رجال الأمن قرب أماكن الاقتراع. لكن تحالف جماعة "الإخوان المسلمين" مع المرشح الحكومي على مقعد النقيب السيد رجائي عطية قلل من احتمال تعرض محامي "الإخوان" لمضايقات أثناء عملية الاقتراع. اتخذت السلطات المصرية اجراءات أمنية مشددة لتأمين انتخابات نقابة المحامين التي تجرى في كل المحافظات المصرية وسط اهتمام سياسي وشعبي كبير كونها تجرى بعد أكثر من خمس سنوات، عطلت خلالها كل النقابات المهنية التي تتمتع فيها جماعة "الإخوان المسلمين" بحضور قوي. وحذرت السلطة من أي محاولة لاستغلال مناخ الانتخابات للخروج عن القانون، وشددت على أن الشرطة "لا علاقة لها بالعملية الانتخابية، لكنها ستعمل على فرض النظام". وأفادت مصادر مطلعة أن وزارة الداخلية وضعت خطة أمنية بدأت تنفيذها أمس بنشر مئات من الضباط وأفراد الشرطة حول الأماكن التي ستتم فيها عملية الاقتراع، وشوهدت سيارات مصفحة وقوات أمن تحيط بمقر النقابة العامة للمحامين في شارع عبدالخالق ثروت وسط القاهرة ودار القضاء العالي، حيث مقر النقابة الفرعية في العاصمة وكذلك قرب المحاكم حيث ستجرى عملية الاقتراع في غرف المحامين، إضافة إلى مقرات النقابات الفرعية في المحافظات. وعقد رئيس اللجنة القضائية المشرفة على انتخابات النقابات المهنية المستشار علي عبدالشكور اجتماعاً أمس مع القضاة ورؤساء المحاكم رؤساء اللجان الانتخابية تمت خلاله مناقشة اجراءات الانتخابات والضوابط التي تكفل عدم الاخلال بها. وتسلم القضاة صناديق زجاجية ستتم عملية الاقتراع فيها، اضافة الى البطاقات الانتخابية التي ستسلم للناخبين بعد ختمها بالخاتم الرسمي للدولة. ووفقاً للقانون فإن عملية فرز الأصوات لن تتم قبل حصر أعداد من أدلوا بأصواتهم للتأكد من أن نسبة الحضور على مستوى جميع المحافظات تتخطى ال50 في المئة ممن سددوا اشتراكات عضوية النقابة حتى نهاية العام الماضي، وفي حال عدم اكتمال العدد تؤجل الانتخابات لتجرى السبت المقبل وبحضور ثلث العدد. وأعلن عبدالشكور أن عدد المحامين المسجلين في النقابة يبلغ 113 ألفاً و700 محام وأن عدد الذين يحق لهم الإدلاء بأصواتهم وصل الى 86 ألفاً و700 محام. وذكر أن اللجنة ستظل تتلقى طلبات تسديد الاشتراكات حتى بدء عملية الاقتراع. وأشار إلي أن محاميي القاهرة وحدهم يبلغ عددهم حوالى 30 ألفاً، ما يشير إلى أن الاقبال على الاقتراع في القاهرة يحدد بدرجة كبيرة ما إذا كانت الجمعية العامة ستكتمل أم لا. وحتى مساء أمس تسلم حوالى 17 ألف محام في العاصمة بطاقات الانتخاب الخاصة بهم ما يعكس اقبالاً كبيراً. وسيتنافس عشرة من كبار المحامين على مقعد النقيب أبرزهم المرشح الحكومي عضو مجلس الشورى رجائي عطية، والمرشح الوفدي أحمد ناصر، والمرشح الناصري سامح عاشور والمرشح المستقل بهاء الدين أبو شقة. ويتنافس 208 محامين بينهم أربع سيدات على 24 مقعداً مخصصة لمجلس النقابة أبرزهم محامي الجماعات الاسلامية منتصر الزيات الذي يخوض الانتخابات مستقلاً. وظلت النقابة مصدراً لقلق الحكومات المصرية المتعاقبة، واتخذ الرئيس السابق انور السادات قراراً بحل مجلسها وتشكيل لجنة لإدارتها رداً على نشاطها المعارض لاتفاق كامب ديفيد، إلا أن القرار ألغي بحكم قضائي. ولم تدخل النقابة في صدامات حادة مع السلطة طوال عقد الثمانينات، إلا أن سيطرة "الاخوان" على مجلسها في التسعينات تسببت في مواجهات متبادلة بين الطرفين وصلت الى الذروة في نيسان ابريل العام 1994 حين خرج المحامون في تظاهرة من مقر النقابة العامة وسط القاهرة استجابة لنداء من مجلس النقابة للاحتجاج على وفاة المحامي عبدالحارث مدني بعد اعتقاله. ورفض المحامون الامتثال لطلب السلطة فض التظاهرة التي كان مقرراً ان تتجه الى قصر عابدين الرئاسي، فأطلقت الشرطة القنابل المسيلة للدموع عليهم. وبدا أن الحكومة المصرية لن تسمح بتكرار الأمر مرة أخرى، ووجدت ضالتها في تيار من المحامين يعارض سيطرة "الاخوان" على النقابة، فلجأ هؤلاء الى القضاء للمطالبة بفرض الحراسة على النقابة مستغلين تفجر الخلافات بين فريقين من اعضاء مجلسها مثل الأول الغالبية وضم المحامين المنتمين الى "الاخوان"، وضم الثاني اعضاء في تيارات سياسية مختلفة، وعطل العمل السياسي من خلال النقابة تماماً لسنوات حتى قضت محكمة النقض في ايلول سبتمبر العام 1999 برفع الحراسة عن النقابة وتشكيل لجنة قضائية لإدارتها تتولى الإعداد للانتخابات. وبدا أن كل الاطراف المشاركة في انتخابات المحامين استوعبت الدرس فالاخوان تفادوا استفزاز الحكومة والقوى السياسية الاخرى فقبلوا ترشيح ثمانية فقط من عناصرهم بل إنهم أبرموا تحالفاً علنياً مع المرشح الحكومي لمقعد النقيب.