يواصل الاتحاد الأوروبي رهانه على المساعي الديبلوماسية لاقناع الإسرائيليين والفلسطينيين بوقف المواجهات والعودة بشكل تدرجي إلى طاولة المفاوضات ويستبعد في الوقت الحاضر اطلاق مبادرة مميزة أو استخدام خيار العقوبات ضد الدولة العبرية بصفتها قوة الاحتلال. وقالت مصادر ديبلوماسية في بروكسيل إن الترويكا الأوروبية ستدعو خلال زيارتها منطقة الشرق الأوسط ابتداء من غد السبت الأطراف المعنية إلى ضرورة التقيد بالآليات الأمنية التي توفرها خطة "تينيت" من أجل الانتقال نحو اجراءات بناء الثقة والعودة إلى طاولة مفاوضات السلام. ويترأس الوفد الأوروبي رئيس الوزراء البلجيكي رئيس القمة، غي فورهوفشتات، ويضم رئيس المفوضية رومانو برودي ووزير الخارجية البلجيكي لويس ميشيل ومنسق السياسة الخارجية الأوروبية خافيير سولانا. وتشك المصادر نفسها في نجاح الجهود الديبلوماسية الجارية جراء تدهور الوضع الأمني، و"تجدد الهجمات الفلسطينية وعمليات الاقتحام من جانب القوات الإسرائيلية وانعدام علاقات الثقة بين الجانبين"، وترى أن مهمة الوفد الأوروبي ستكتسب "طابع الوساطة الديبلوماسية". وينتظر أن يلح رئيس المفوضية الأوروبية، من جهة أخرى، لدى محاوريه الإسرائيليين على أخطار العواقب السلبية الناجمة عن سياسات العقوبات الجماعية التي تنفذها إسرائيل ضد الفلسطينيين. وقال مصدر أوروبي إن تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية يغذي الهجمات على الأهداف الإسرائيلية. وتفرض الدولة العبرية حصاراً مشدداً ضد حركة العمال والنشاط الاقتصادي في أراضي الحكم الذاتي وتحول دون تواصل المبادلات مع كل من الأردن ومصر والسوق الأوروبية. ووافقت المفوضية الأوروبية أمس الخميس على تمديد المعونات المالية لفائدة الفلسطينيين بقيمة 30 مليون يورو، وستنفق بمعدل 10 ملايين في كل شهر من كانون الأول ديسمبر المقبل حتى شباط فبراير 2002. وتمدد هذه المعونة بند المساعدات المالية 10 ملايين في الشهر التي يقدمها الاتحاد لتغطية سير الموازنة العامة الفلسطينية منذ أيار مايو الماضي، وذلك في نطاق جهود الدول المانحة. وبلغت قيمة المعونات التي قدمها الاتحاد منذ انفجار الانتفاضة في خريف العام الماضي إلى 210 ملايين يورو، وتقدم البلدان العربية 45 مليون دولار في الشهر. وتعكس زيارة الترويكا الأوروبية إلى منطقة الشرق الأوسط رغبة زعماء الاتحاد الأوروبي في ضمان استمرار الوجود الأوروبي "بشكل دائم" في الميدان والاضطلاع بدور كان وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين شبهه في مؤتمر صحافي ب"دور رجال المطافئ"، لأن الديبلوماسية الأوروبية تحاول كل يوم وقف التدهور والحؤول دون انهيار الوضع بشكل تام. وتبدأ الترويكا الأوروبية مشاوراتها بلقاء الرئيس حسني مبارك غداً السبت في القاهرة، ثم تنتقل ظهر اليوم نفسه للاجتماع إلى الرئيس ياسر عرفات في رام الله، ثم تعقد محادثات مع المسؤولين الإسرائيليين بعد غد الأحد في القدس الغربية. وستجري محادثات سريعة الاثنين المقبل في كل من عمّان ودمشق وبيروت. وقالت مصادر مسؤولة إن الاتحاد يستبعد خيار اتخاذ العقوبات الديبلوماسية أو الاقتصادية ضد الدولة العبرية "لأنه يهدف ضمان وجوده وابقاء أبواب إسرائيل مفتوحة أمام المبعوثين الأوروبيين وتعزيز جسور تعاونه مع الولاياتالمتحدة في شأن قضايا الشرق الأوسط". ويعتقد المسؤولون في بروكسيل بأن المشاورات التي جرت في الفترة الأخيرة في نيويورك بين الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة وروسيا والأمم المتحدة، وكذلك مع مصر والأردن، تدل على "تنامي الاحساس لدى الأطراف الدولية بأن الوضع قد يستدعي ضغطاً دولياً متزايداً". لكن الجهود الدولية لا تصل اليوم إلى حد الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي، بل إنها تهدف إلى حمل الطرفين على تنفيذ الخطة الأمنية المعروفة بخطة "تينيت" ثم الانتقال لتنفيذ توصيات تقرير ميتشل.