اقترح أحد الكتاب اللبنانيين قبل فترة منع النساء من قيادة السيارة للتخلص من مشاكل السير. والاقتراح يجد صداه في مصر والكويت وأميركا وبريطانيا وعدد من بلاد العالم، لشيوع انطباع له صفة اليقين بأن النساء يربكن حركة السير بسبب انشغالهن في تعديل "المكياج" وإشباع فضولهن في مراقبة "الفاترينات"، والكلام عبر أجهزة الهاتف المحمول، وربما تجهيز صينية المحشي. المرأة في السعودية لا تقود السيارة، ومع ذلك تمارس الإرباك ذاته لحركة السير من دون "محشي"، وإنما من خلال توجيه القيادة من المقعد الخلفي وإصدار الأوامر للسائق في شكل متواصل، إلى درجة أن السائق الأجنبي في السعودية تحول في بعض الحالات إلى آلة يتم التحكم بها من المقعد الخلفي، من دون أن يكون له أي دور في توجيه المركبة. وشهدت الشوارع في المدن السعودية حوادث مفجعة سببها قيادة النساء من المقعد الخلفي. ولك أن تتخيل حال السير في السعودية إذا سُمح للمرأة مستقبلاً بقيادة السيارة وانتقلت إلى المقعد الأمامي وأصبحت تحرك السيارة بيدها بدلاً من لسانها. لا شك أن السعوديين سيحققون مكاسب اقتصادية هائلة من وراء تمكين المرأة من القيادة، أهمها التخلص من السائقين الأجانب الذين يبلغ عددهم أكثر من 650 ألفاً، وتزيد أجورهم على 11 بليون ريال سنوياً تشكل أكثر من 18 في المئة من إجمالي التحويلات الأجنبية للخارج، البالغة 60 بليون ريال سنوياً، فضلاً عن أن الأسرة السعودية ستوفر تكاليف السائق البالغة 5،27 ألف ريال سنوياً، وسيتخلص المجتمع من الآثار الاجتماعية والأمنية المترتبة على وجود السائقين الأجانب بهذا العدد. الأكيد أن السعوديين سيصلون إلى قناعة الكاتب اللبناني، ولكن بعد فوات الأوان، وسيكتشفون أن السماح للمرأة بقيادة السيارة لا يعني بالضرورة التخلص من السائق الذي سترى الأسرة أن وجوده ضروري لتوصيل الأطفال إلى المدارس وقضاء مشاوير المنزل في حال انشغال المرأة بمواعيدها الخاصة، كما هو حاصل في بعض دول الخليج. وهذا يعني أن عدد السيارات سيتضاعف، ومشاكل المرور ستصل الى حد لا يطاق، وأن مساواة المرأة بالرجل في هذا الحق مهمة لكنها لا تستحق هذا العناء. وينطبق عليها المثل الشعبي المصري "لو كانت تعرف اللي فيها، ماكانتش اتشبثت بيها".