رغم كل الصعاب والتداعيات التي مر بها إقرار قيادة المرأة للسيارة طوال السنوات الماضية إلا أن الأمر السامي الذي أُعلن مساء الثلاثاء الموافق للسادس من محرم من العام الهجري 1439 بإصدار رخص القيادة -على الذكور والإناث على حد سواء- كان انتصارا للمرأة السعودية بدعم من خادم الحرمين وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي قال في لقاء سابق متلفز «لا شك المرأة عملها مهم جدا، وهي نصف المجتمع، ولا بد أن تكون فعالة ومنتجة، في السعودية.. قيادة المرأة ليست قضية دينية، بقدر ما لها علاقة بالمجتمع نفسه، يقبلها أو يرفضها». في تصوري أن القرار السامي هو جزء من خطة ورؤية السعودية 2030 التي وعد بها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وأن القرار «كان متوقعا» وتأخيره بسبب اختيار الوقت المناسب وقد كنت من المطالبين في وقت مضى بالسماح للمرأة بقيادة السيارة، لأن السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة يُوفر على الاقتصاد السعودي أكثر من 25 مليار ريال (حوالي 6.6 مليار دولار) سنويا حيث تنفق الأسر السعودية أكثر من 25 مليار ريال كرواتب سنوية للسائقين الأجانب، إذ يعمل في المملكة أكثر من 1.3 مليون سائق أجنبي، وفقا لإحصائية صادرة عن هيئة الإحصاءات العامة أواخر مارس/آذار الماضي ويبلغ متوسط أجر السائق الأجنبي في المملكة العربية السعودية حوالي 1500 ريال (حوالي 400 دولار) شهريا. وتبلغ قيمة استخراج إقامة السائق لأول مرة، حوالي 840 مليون ريال (حوالي 225 مليون دولار)، وتزيد مصاريف التكفل بالسكن والعلاج والغذاء عن ملياري ريال (حوالي 533 مليون دولار)، وتصل قيمة تذاكر استقدام السائقين إلى أكثر من 2.5 مليار ريال (حوالي 667 مليون دولار)، ويبلغ متوسط تكلفة الاستقدام حوالي 11 مليار ريال (حوالي 3 مليارات دولار). مثل تلك القرارات لا يجب أن ينظر لها بالعاطفة قبل المصلحة، ولا بالانفعال قبل الحكمة، ولا بالسائد قبل أولوية ما كان يفترض، فأي قرار نجد له مؤيدين وهناك مُعارضون لأي تجديد أو إصلاح ويرغبون أن يبقى كل شيء على طمام المرحوم!. قيادة المرأة للسيارة من حيث الأصل مُباحة ولا يوجد مانع شرعي من إجازتها وهذا ما أيده غالبية أعضاء هيئة كبار العلماء وعدد كبير من العلماء في المملكة فالتحفظات كانت اجتماعية أكثر منها قانونية ليتغير الوضع مع إصدار الأمر الملكي. المجتمع السعودي مجتمع محافظ، ويستمد جميع مواقفه من الشريعة الإسلامية، والأخيرة لا تُحرم قيادة المرأة للسيارة، «إنما كانت هناك في وقت من الأوقات بعض الاحتياطات بحجة سد الذرائع» والقرار ليس مجرد تغيير اجتماعي كبير، وإنما هو جزء من الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي في البلاد الذي يقوده سمو ولي العهد والقرار سيساعد النساء العاملات في التخلص من جشع وطمع واستغلال السائقين الأجانب.