حققت الفرنسيتان المنقبتان هند احمس ونجاة نايت علي مقصدهما عبر القرار الصادر امس عن المحكمة البدائية في مدينة مو (ضاحية باريس)، ويقضي بتغريمهما بموجب قانون حظر النقاب في الأماكن العامة، والذي دخل حيز التنفيذ في فرنسا منذ 11 نيسان (ابريل) الماضي. وبعدما كان هذا القانون شبه مغيب كون تطبيقه لم يتسبب بالاشكالات والتعقيدات التي توقعها معارضوه، فإن تغريم احمس بمبلغ 120 يورو ونايت علي بمبلغ 80 يورو يفترض ان يسلط الأضواء مجدداً على هذا القانون. ويشكل قرار المحكمة سابقة في فرنسا. اذ انها المرة الأولى التي تحال فيها قضية تتعلق بحظر النقاب على القضاء، في حين انه لم يسجل في الشهور السابقة سوى غرامة واحدة فرضتها الشرطة على منقبة في منطقة روبيه (شمال فرنسا) وتم تسديدها بمنأى عن اي لغط. لكن قضية احمس ونايت علي تندرج في سياق مختلف ومتعمد كونهما اختارتا اثارة السلطات العامة، وتحديداً رئيس بلدية مو جان فرانسوا كوبيه الذي يعد مهندس قانون حظر النقاب، عندما توجهتا في الخامس من ايار (مايو) الماضي الى مقر بلدية المدينة حاملتين قالباً من الحلوى لتسليمه الى كوبيه. ورافق المنقبتين الى مقر البلدية وفد من اعضاء جمعية تطلق على نفسها اسم «لا تمس بدستوري» التي يرأسها الناشط والمرشح السابق لانتخابات الرئاسة الفرنسية رشيد نكاز الذي يقدم نفسه بأنه علماني، لكنه يعتبر ان قانون حظر النقاب مخالف للدستور الفرنسي. ومن المبرر القول ان خطوة احمس ونايت علي تندرج ربما في اطار عملية دعائية قد يكون هدفها التمهيد لإعلان نكاز مجدداً ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية في الربيع المقبل. علماً أنه يعتزم تسديد الغرامتين المفروضتين عليهما، وانه سبق ان اعلن انه رصد مبلغ مليون يورو لتسديد الغرامات التي قد تتعرض لها المنقبات في فرنسا. وكانت المنقبتان مثلتا في 16 حزيران (يوينو) الماضي امام المحكمة البدائية حيث طالب المدعي العام بتغريم كل منهما بمبلغ 150 يورو، والخضوع لدورة «تأهيل مواطنية» في حين حمل المحامي جيل دوفير الذي مثلهما امام القضاء على قانون حظر النقاب بوصفه قانوناً سياسياً غير قابل للتطبيق داعياً الى عدم اتخاذ اي اجراء بحقهن. وجاء قرار محكمة مو امس اقل قسوة مما طالب به الأدعاء العام، ما كان من شأنه ان يطوي القضية. لكن احمس صرحت عقب صدور القرار انها كلفت محاميها بأستئنافه، وصولاً الى الغائه وان تعذر ذلك فانها ستتوجه الى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان للمطالبة بإلغاء قانون حظر النقاب. وصرحت انها منذ صدور القانون تحولت حياتها الى جحيم وانها تشتم كل يوم نتيجة تصاعد «الأسلاموفوبيا» في فرنسا في شكل لا يطاق. وتراوح عدد النساء المنقبات في فرنسا بين الفين وثلاثة آلاف، وفقاً للتقديرات. ما جعل كثيرين يشككون بضرورة اصدار قانون للتعامل مع ظاهرة هامشية في المجتمع الفرنسي، وبالتالي ليس حظر النقاب من الهموم والمشاكل الرئيسية التي يواجهها مسلمو فرنسا الذين يقدر عددهم بنحو 5 ملايين. والى منظمة «لا تمس بدستوري»، تحظى احمس ونايت علي بدعم منقبات في فرنسا، بينهن كنزة دريدر التي اعلنت رغبتها في الترشح للانتخابات الرئاسية السنة المقبلة.