سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عرفات يعود "منتصراً" الى غزة ... وباراك يبحث عن ائتلاف حكومي جديد ... والمفاوضات قد تستأنف الشهر المقبل . واشنطن تحض الفلسطينيين على تغيير مواقفهم الاساسية
استقبل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في غزة استقبالاً الابطال، شارك فيه مختلف الفئات وسادته الاشادة بعدم تنازله عن الحقوق الوطنية الفلسطينية. وكان عرفات توقف في الاسكندرية طريق عودته الى غزة، وتوقع اثر محادثات مع الرئيس المصري حسني مبارك في الاسكندرية، ان تستأنف المفاوضات في الشهر المقبل في واشنطن او في اي مكان آخر يختاره الرئيس الاميركي بيل كلينتون. وأكد ان لا تعارض بين توقيعه على البيان الختامي لقمة كامب ديفيد وعزمه على اعلان الدولة الفلسطينية تحت اي ظرف في 13 ايلول سبتمبر المقبل، قائلاً "أن الدولة الفلسطينية متفق عليها من قبل وكان يفترض اعلانها في الرابع من ايار مايو العام 1999 إلا ان اعلانها تأجل بناء على بعض النصائح والآراء "التي سمعناها على المستوى الدولي والعربي". وبعدما اسهب في عرض موقفه من قضية القدس، قال: "اننا سنصلي ان شاء الله في القدس الشريف، شاء من شاء وأبى من أبى". راجع ص 4 اما في اسرائيل فشرع رئيس الوزراء ايهود باراك، قبل ان تحط طائرته في مطار اللد، بسلسلة من الاتصالات شملت رؤساء كل الاحزاب السياسية في محاولة لتلمس خطواته بعد أن خسر رهانه على "حصان القمة". وأبقى باراك كل الابواب مفتوحة لتشكيل ائتلاف حكومي جديد بعدما حدد في خطاب "تأبين" قمة كامب ديفيد اسسا جديدة لسياسته المستقبلية هي "أمن اسرائيل والحفاظ على مقدسات اسرائيل ووحدة الشعب". وفي واشنطن، لم يستبعد الناطق باسم البيت الأبيض جو لوكهارت قمة جديدة، "ولكن لا توجد في اللحظة الحالية خطط لإعادة الزعماء مرة أخرى إلى جلسة مع الرئيس كلينتون". أما ساندي بيرغر، مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي، فقال في مقابلة مع شبكة "سي ان ان" انه يعتقد ان من الممكن التوصل إلى "حل وسط مشرف" لقضية القدس. وامتنع عن اعطاء تفاصيل مثل هذا الحل. وقال: "ثمة طرق كثيرة لتلبية حاجات الطرفين إذا كانا مستعدين لرؤية الصورة الأكبر، وهي حماية مصالحهما الحيوية والإقدام على حلول وسط لمصلحة السلام". وأضاف بيرغر انه "ما لم يكن الفلسطينيون مستعدين لتغيير موقفهم الأساسي، فلن يستطيعوا تحقيق مستقبل مختلف لأطفالهم". وتكهن باحتمال اندلاع قدر من العنف الآن، وفي 13 أيلول سبتمبر، قائلاً ان الجانبين سيكونان عند مفترق طريقين احداهما تؤدي إلى المجابهة والعنف والصراع، والأخرى طريق الاتفاق والسلام الذي يعني الحلول الوسط. وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات "ان المفاوضات لن تكون على حالها بعد كامب ديفيد، واعتقد اننا اقمنا أساساً قوياً للتوصل إلى اتفاق نأمل بأن يكون في موعد لا يتجاوز 13 أيلول". وزاد ان ما حدث في كامب ديفيد "كان بكل المعايير معلماً على الطريق، ونحن في موقف أقوى وأوضح، من شأنه ان يمكننا من التوصل إلى اتفاق في أقرب وقت". رسم كل وفد صورة مختلفة لحصيلة قمة كامب ديفيد دلت إلى حقيقة ما أراده كل طرف من مجيئه الى القمة. فالوفد الفلسطيني تردد في المجيء ليتجنب الضغوط الاميركية لقبول مقترحات باراك، وحين قبل دعوة الرئيس كلينتون تبين ان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات شاء ان يسجل نقاطاً تمحو سجلاً من التنازلات في اللحظة الأخيرة ويضع حداً لشريط من التنازلات بدأ في اتفاق اوسلو وتوالى مع الحكومات الاسرائيلية المختلفة. بدا أعضاء الوفد الفلسطيني في نهاية القمة متعبين ولكن متباهون بأنهم رفضوا قبول مقترحات لا تنسجم مع الثوابت الفلسطينية، خصوصاً في مسألة القدس. وعلى رغم فشل القمة واتهامات باراك المباشرة وملاحظات كلينتون المبطنة لعرفات لعدم إبداء مرونة في المواقف، تجنب الفلسطينيون إلقاء اللوم على أحد وأيضاً الابتعاد عن الدخول في أي سجال مع واشنطن. فكان هناك اصرار فلسطيني على ان القمة كانت مفيدة وأن تقدماً حصل فيها. أما باراك، الذي جاء تحت شعار اعطاء بعض التنازلات من أجل انهاء الصراع العربي - الاسرائيلي، فسارع فور انهيار المحادثات الى اتهام عرفات بالمسؤولية في فشل القمة. وحرص أعضاء الوفد الاسرائيلي على تكرار أن الفلسطينيين "ضيعوا فرصة جديدة". ويقر بعض اعضاء الوفد الاسرائيلي بأن باراك تراجع عن بعض "لاءاته الخمس"، خصوصاً في موضوعي القدس واللاجئين. عنوان المرحلة اميركياً هو "حماية باراك"، وعلى هذا الأساس حرص كلينتون وأولبرايت على الإشادة بباراك و"ما أبداه من مرونة" من أجل التوصل الى اتفاق بالاضافة إلى "شجاعته ونظرته البعيدة". وعاد باراك إلى إسرائيل لإنقاذ حكومته ولاقناع الرأي العام الاسرائيلي بأنه لم يقدم تنازلات للاشيء. أما عرفات فعرّج على الاسكندرية للقاء الرئيس حسني مبارك، في طريق عودته إلى غزة، قبل أن يبدأ جولة لعدد من الدول العربية والإسلامية منها سورية ولبنان، كما ذكر مصدر فلسطيني شارك في الوفد المفاوض. وعلم في واشنطن أمس أن منسق عملية السلام دنيس روس سيقوم بزيارة المنطقة خلال الأسابيع القليلة المقبلة لتحديد الخطوات المستقبلية، وسيتحدد لاحقاً موعد زيارة أولبرايت. كما تردد أيضاً الحديث عن موعد لقمة جديدة في 8-10 آب اغسطس المقبل. الساعات الأخيرة قال مصدر فلسطيني شارك في المفاوضات إن الوفد الفلسطيني تأكد من انتهاء القمة فجر الثلثاء بعد اجتماع صائب عريقات وشلومو بن عامي مع كلينتون للبحث في موضوع القدس. خرج عريقات واطلع عرفات على مواقف باراك الأخيرة بالنسبة إلى القدس. فقام عرفات على اثر ذلك بكتابة رسالة الى كلينتون يبلغه فيها عدم جدوى الاستمرار في المفاوضات. عندئذ بوشرت صياغة البيان الثلاثي الذي تضمن ضوابط مرحلة ما بعد كامب ديفيد. وأوضح مصدر فلسطيني التقى عرفات قبل مغادرته ان عرفات قال له "لا استطيع التنازل عن القدس على رغم المغريات الكثيرة التي قدمت إليّ في كامب ديفيد". وأضاف المصدر ان عرفات قال لكلينتون "لا استطيع ان اخون شعبي"، فرد كلينتون بالقول: "أنا أثمن ذلك". واتصل عرفات بوزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل من مطار قاعدة اندروز ووضعه في جو المفاوضات، خصوصاً التنازلات التى أرادها الاسرائيليون منه في موضوع القدس، ولا سيما التنازل عن الحي الأرمني والأماكن المسيحية المقدسة. وأكدت مصادر فلسطينية ان عرفات كان على اتصال مع عدد كبير من الدول العربية اثناء انعقاد القمة، بما فيها لبنان وسورية، وعلى اتصال شبه يومي مع الرئيس مبارك. وأكد مصدر فلسطيني شارك في القمة انه تم التوصل إلى تفاهم على قضايا الأمن والحدود واللاجئين، ولكن فشل التوصل الى حل للقدس حال دون التوصل الى اتفاق. وأكد المصدر أن أجواء المفاوضات اتسمت بالصراحة خصوصاً لأن المتفاوضين اصبحت تربطهم معرفة وثيقة. وقال إن أعضاء الوفدين كانوا يتبادلون النكات خصوصاً وقت العشاء وأثناء وجود كلينتون. وحين قال أحد أعضاء الوفد الفلسطيني إن مكان اجتماع "واي ريفر" كان ارحب من كامب ديفيد، رد أحد أعضاء الوفد الاسرائيلي مازحاً بأن "الرفقة الآن أفضل"، مشيراً إلى وجود فريق نتانياهو في "واي ريفر".