تنتهي اليوم مسرحية "التعتيم الاعلامي" المفروض على سير المحادثات حين يحلّ موعد سفر الرئيس بيل كلينتون الى اليابان للمشاركة في اعمال قمة اوكيناوا للدول الصناعية الثماني. فإذا غادر كامب ديفيد من دون الاعلان عن "اتفاق" أو عن "تقدم مهم" فإن ذلك سيعتبر فشلاً للقمة الثلاثية قد يؤدي الى تدهور الوضع، وهو ما حذر كلينتون نفسه يوم وجه الدعوة الى هذه القمة. ولعل الاشارة الوحيدة، وغير الجوهرية، الى ما سيحصل اليوم، تمثلت بإبلاغ الصحافيين الذين يرافقون كلينتون الى اليابان ان سفرهم أمس تأجل الى اليوم، ما يعني ان سفر الرئيس نفسه يمكن ان يؤخر بعض الشيء. في غضون ذلك، أجمعت مصادرالوفدين الاسرائيلي والفلسطيني، بالاضافة الى الفريق الاميركي المشارك، على ان الفشل "غير مسموح" ولكن التوصل الى حل نهائي لا يزال يتطلب عملاً طويلاً. وقال مصدر اميركي ان الرئيس كلينتون لم يطلع شريكيه في القمة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك، حتى مساء أمس، عما اذا كان يعتزم تأخير سفره للضغط على الطرفين لتقديم "مقترحاتهم الاخيرة". وأمس تعددت السيناريوات للنهاية المتوقعة للقمة اليوم: مصادر الوفد الاسرائيلي شددت على ان باراك لا ينوي البقاء في كامب ديفيد بعد رحيل كلينتون الا اذا تحقق اختراق مهم في محادثات الساعات الاخيرة، اما الوفد الفلسطيني فأكدت مصادره ان عرفات لا يزال صامداً امام الضغوط الاميركية والاسرائيلية لكنه مستعد لمجاراة كلينتون واولبرايت في مسائل المواعيد والاستمرار بالتفاوض إلا ان بقاءه في واشنطن للاستمرار بالتفاوض يصبح صعباً في حال مغادرة باراك، فضلاً عن كلينتون. اما المسؤولون الاميركيون فيشيرون الى التزامات الرئيس واهمية مشاركته في قمة الثمانية مع عدم استبعاد احتمال تأجيل موعد السفر اذا كان ذلك فقط لوضع اللمسات الاخيرة على اتفاق. وبالنسبة الى "الاتفاق" المرتقب قلل الاسرائيليون من امكان التوصل الى "اتفاق نهائي" لكنهم مصرّون على الخروج ب "اتفاق اطار" واضح بالنسبة الى القضايا النهائية. اما الجانب الفلسطيني فيخشى، حسب مصادر فلسطينية تحدثت الى عرفات مساء الاثنين، ان يصر الاميركيون على الخروج باتفاق اطار "مفرغ من المضمون" يحفظ لكلينتون ماء الوجه ولا يعطي الفلسطينيين اجوبة واضحة عن القضايا الاساسية. وبدأ المسؤولون الاميركيون تحضير الاجواء بشأن سقف التوقعات من اجل اضفاء واقعية على النتائج. فغاب الحديث عن الاتفاق النهائي لمصلحة اي اتفاق "يمكن اعتباره تقدماً". وقال مسؤول في الادارة "ان المفاوضات اكدت مرة اخرى صعوبة المسائل العالقة، فعلى رغم المفاوضات المكثفة وعلى أعلى المستويات لم يستطع الطرفان حتى الآن ظهر الثلثاء التوصل الى حلول وسط لأهم الامور العالقة". وقال احد المسؤولين الاسرائيليين "ان من اهم النتائج التي سيخرج بها باراك من هذه القمة هو انه لا يعرف عرفات كما كان يعتقد". واكدت مصادر رفضت الكشف عن هويتها ان باراك يصر على "الغاء" قرار عرفات اعلان الدولة الفلسطينية من جانب واحد قبل اعطاء اي مقترح جديد بالنسبة الى موضوع اللاجئين الذي استمر وموضوع القدس يشكلان عقبتين اساسيتين امام تحقيق تقدم. ومع اقتراب موعد مغادرة كلينتون تكثفت المفاوضات في كل الاتجاهات وتميزت بمشاركة كلينتون وتدخله الشخصي في اعمال مختلف الفرق بالاضافة الى محادثات ثنائية مع كل من باراك وعرفات. وبدأ كلينتون امس نشاطه باجتماع مع الفريق الاميركي لتقويم نتائج المحادثات. وكان واضحاً ان الاميركيين ركزوا جهودهم في الثماني والاربعين الساعة الاخيرة على الرئيس الفلسطيني، إذ التقاه كلينتون أكثر من مرة، كذلك عقد مستشار الامن القومي ساندي بيرغر ووزيرة الخارجية اولبرايت اجتماعاً طويلاً معه. واشار مصدر مطلع الى ان كلينتون واصل تكتيكه الذي بدأه منذ اليوم وهو عدم افساح المجال لاجتماع ثنائي بين عرفات وباراك تجنباً لأي خلاف جديد يمكن ان ينعكس على اعمال القمة. وقال مصدر آخر ان الرجلين اجتمعا مرتين فقط منذ وصلا الى كامب ديفيد، وكانت الاولى اجتماعاً غير رسمي والثانية عندما بدأ عرض الاقتراحات. وفي غزة اف ب اعلن مصدر فلسطيني مطلع مساء امس ان مفاوضات كامب ديفيد "وصلت الى طريق مسدود". وقال المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه ان "المفاوضات اصطدمت عندما تراجعت اسرائيل عن بعض المواقف خصوصاً في ما يتعلق بموضوع القدس". واوضح ان القدس كانت احدى القضايا الجوهرية التي اصطدمت بها المفاوضات، إذ طرحت اسرائيل ان تكون للسلطة الفلسطينية ادارة مدنية على الاحياء العربية فرفضها الرئيس الفلسطيني والوفد المرافق له. واضاف ان الوفد الفلسطيني يستعد لحزم حقائبه.