أنهى وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين زيارته الى الأردن مساء أمس بلقاء مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، ويعود اليوم الاثنين الى باريس ليستعد للقاء نظيره السوري فاروق الشرع الذي يزور فرنسا غداً الثلثاء ويلتقي أيضاً الرئيس جاك شيراك. ويزور الشرع بيروت، اليوم، لاجراء محادثات مع الرئيس اللبناني اميل لحود ورئيس الوزراء الدكتور سليم الحص. ولفتت مصادر فرنسية مطلعة الى ان زيارة الشرع لباريس "لها أهمية كبرى في هذه المرحلة من التفكير الفرنسي في المشاركة، أو عدم المشاركة، في قوة الطوارئ الدولية في جنوبلبنان بعد الانسحاب الاسرائيلي". وقالت المصادر ل"الحياة" ان الجانب الفرنسي يرغب في معرفة الموقف السوري من وجود "قوات الطوارئ" هذه. وعلى رغم ان عدداً من الدول، خصوصاً الولاياتالمتحدة واسرائيل، يرغب في أن تساهم فرنسا في "قوات الطوارئ" بعد الانسحاب، بل ان دولاً تمنت أن تكون قيادة هذه القوات لفرنسا، إلا أن المسؤولين الفرنسيين لم يتخذوا قراراً بعد. وتريد باريس ان تبني موقفها على تنسيق وتشاور مع الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن لأنها "لا تريد الاغلاق على نفسها بقرار لا يمكنها لاحقاً من احتمال معارضة انتشار قوات الطوارئ في جنوبلبنان، كما أنها لا تريد اتخاذ قرار بالمشاركة إلا بعد معرفة الموقف السوري وبعد تنسيق تام مع اعضاء مجلس الأمن". ثلاثة استفهامات فرنسية وعلمت "الحياة" من مصادر فرنسية مطلعة ان باريس نصحت الأمين العام للأمم المتحدة بأن يتأكد من ثلاثة أمور بالنسبة الى الانسحاب الاسرائيلي، وهي ما لم يؤكده الجانب الاسرائيلي بعد: - أولاً، ان يتم الانسحاب الى الحدود الدولية التي حددت عام 1923 وأكدها اتفاق الهدنة عام 1949. إذ أن بعض المسؤولين الاسرائيليين تحدث عن احتمال الانسحاب الى حدود 1978 وهو ما لا ينسجم مع تنفيذ القرار 425 لأن اسرائيل كانت احتلت آنذاك مواقع حدودية هي من ضمن الأراضي اللبنانية حسب ترسيم 1923. لذا يجب أن يتأكد كوفي انان ولجنة دولية من أن الانسحاب سيتم الى حدود 1923. - ثانياً، ان يكون الانسحاب كاملاً فلا يترك الاسرائيليون أي موقع ل"جيش لبنانالجنوبي" على الأرض، وإلا فإن ذلك يعني إبقاء مبرر لاستمرار العمل العسكري بين حزب الله واسرائيل من خلال "جيش لحد". وتعتبر فرنسا ان اسرائيل لم توضح لأنان ما ستفعله ب"جيش لحد". - ثالثاً، ينبغي ان تؤكد اسرائيل لأنان احترامها نص القرار 425 الذي يمنعها من خرق سيادة الأراضي اللبنانية جواً وبراً وبحراً. أما بالنسبة الى مهمة "قوات الطوارئ الدولية"، فترى المصادر الفرنسية ان وجودها في الجنوب بعد الانسحاب الاسرائيلي وانتشارها وتعزيزها لا تتطلب قراراً جديداً من مجلس الأمن. وتعتبر ان مهمتها هي "مراقبة الانسحاب وضمان السلام والأمن ومساعدة الحكومة اللبنانية في بسط سلطتها في الجنوب". لكن باريس تتخوف من توقعات بأن تعارض سورية ولبنان انتشار "قوات الطوارئ" بعد الانسحاب بغية ايجاد "فراغ أمني" يتيح مواصلة العمليات العسكرية ضد اسرائيل. لذا تسعى باريس الى جلاء هذه النقطة في المحادثات مع الشرع. على صعيد آخر أكد وزير الخارجية الأردني عبدالاله الخطيب، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع فيدرين، في عمان أمس، ان الملك عبدالله تطرق خلال محادثاته مع رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك في ايلات أمس الى الانسحاب من لبنان. وقال الخطيب ان العاهل الأردني "شدد على أهمية ان يكون الانسحاب كاملاً وألا تكون هناك خروقات لسيادة لبنان وحرمة أراضيه أو أجوائه أو مياهه"، وقال: "ان هذا مطلب أساسي لعدم حدوث وضع تنتج عنه سلبية على مجمل أوضاع المنطقة". وأضاف ان الموقف الأردني الذي يعكس الموقف العربي "يطالب اسرائيل بتنفيذ القرارين 425 و426 من دون قيد أو شرط، فالأردن يدعم الموقف اللبناني المطالب بالانسحاب الاسرائيلي من الأراضي اللبنانية من دون قيد أو شرط". رسالة من الأسد الى لحود وينقل الشرع اليوم رسالة من الرئيس السوري حافظ الأسد الى نظيره اللبناني إميل لحود تتعلق بآخر التطورات المستجدة في المنطقة. ويتوقع ان يشارك في اللقاء رئيس الحكومة اللبنانية وزير الخارجية سليم الحص. وتأتي زيارة الشرع اثر اتصال اجراه الاسد بلحود امس لتهنئته بعيد الفصح. وعلمت"الحياة" ان وزير الصحة اللبناني الدكتور كرم كرم سيكون في استقبال الشرع عند نقطة الحدود اللبنانية السورية ليصطحبه الى القصر الجمهوري في بعبدا. واستناداً الى المعلومات فإن الزيارة تعكس مدى الرغبة السورية اللبنانية في التواصل الدائم لتبادل الرأي في تطورات عملية السلام اضافة الى الانسحاب الاسرائيلي من لبنان في تموز يوليو المقبل. كما تأتي الزيارة عشية توجه الشرع الى باريس وفي ضوء معلومات مفادها ان دمشق لم تستبعد حتى اللحظة امكان معاودة المفاوضات السورية الاسرائيلية. وفي هذا الصدد أكد مسؤول لبناني رفيع ل"الحياة" ان بيروتودمشق لا تزالان تعتبران ان الأبواب لم توصد في شكل نهائي في وجه احتمال استئناف المفاوضات على المسار السوري، لافتاً الى استمرار الاتصالات المباشرة بين واشنطنودمشق، اضافة الى ما يدور بينهما من مشاورات بواسطة قنوات عربية. ورأى المسؤول اللبناني ان دمشق تتحدث بإيجابية عن علاقتها بواشنطن بهدف قطع الطريق على المحاولات التي يقوم بها رئيس وزراء اسرائيل ايهود باراك الذي يراهن باستمرار على ان سورية "يمكن ان تعطيه أزمة مع واشنطن يستطيع من خلالها اقناع الادارة الاميركية بالتفلت من متطلبات" التسوية السلمية الشاملة.