} حمل رئيس الحكومة سليم الحص على نظيره الفرنسي ليونيل جوسبان لوصفه من إسرائيل عمليات "حزب الله" ب"الإرهابية"، قائلاً ان كلامه "خطير يصعب تصديقه"، ومبلغاً السفير الفرنسي فيليب لوكورتييه استياء لبنان من هذا الموقف الذي اثار ايضاً انتقادات عدة، ابرزها للنائب وليد جنبلاط و"حزب الله". قال الرئيس الحص، في تصريح امس "يصعب علينا ان نصدق الكلام الخطير المنسوب الى جوسبان أو أن نتفهم المنطق الذي يستند اليه عندما يقول ان حركة المقاومة في لبنان هي حركة ارهابية وأن احتلال اسرائيل جزءاً عزيزاً من أرضنا هو لحماية حدودها". وسأل "هل كان احتلال ألمانيا النازية الأرض الفرنسية حزاماً أمنياً لحماية حدودها؟ وهل كانت حركة المقاومة الفرنسية الباسلة التي تعتز بها فرنسا، حركة إرهابية يجب إدانتها؟ وما الفارق بينها وبين حركة المقاومة في لبنان التي تقاتل على ارضها من اجل تحرير وطنها؟ فالمواثيق والقوانين الدولية كرّست حق الشعوب في مقاومة الاحتلال، فكيف يمكن ان يندرج مثل هذا العمل البطولي في خانة الإرهاب؟ وإذا كان المقصود الحفاظ على حياة الجنود الاسرائيليين فما عليهم إلا الخروج من لبنان". وتابع "ان الارهاب يتمثل باحتلال اسرائيل ارضنا وبقصفها اليومي القرى الآهلة بالسكان المدنيين، وبتدمير البنى التحتية، وباحتجاز عدد كبير من المعتقلين والرهائن، وبالتهديدات المستمرة التي يطلقها مسؤولوها بحرق تراب لبنان". وختم "نحن نتطلع الى فرنسا الدولة الصديقة التي تشدّنا إليها أواصر عريقة وروابط تاريخية لتجدد الدعم لقضيتنا، وأن تؤازر حقنا المشروع في المقاومة والتحرير"، مستغرباً صدور مثل هذا الكلام "في وقت تتواصل الجهود للعودة الى اجتماعات لجنة تفاهم نيسان ابريل التي تعمل المقاومة ضمن اطارها". واستدعى الحص لوكورتييه وأثار معه الكلام المنسوب الى جوسبان وأبلغ إليه استياء لبنان منه. وتلقى برقية من نائب رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي جيرار لارشيه يعرب فيها عن "صداقته وتعاطفه مع الشعب اللبناني"، ويعتبر "ان اسرائيل استهدفت لبنان مجدداً بالقصف، من دون وجه حق ما سبب وقوع ضحايا وخسائر مادية مؤسفة". وندد الرئيس حسين الحسيني بموقف جوسبان، معتبراً انه يتنافى والسياسة الفرنسية حيال لبنان، ورافضاً الانجرار وراء اعتباره هو موقف فرنسا، ومطالباً الرئيس جاك شيراك بتصويبه. وأبرق رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط الى قيادة الاشتراكية الدولية مندداً بتصريحات جوسبان ورئيس الحكومة الإيطالية ماسيمو داليما، معتبراً "انها تتسم بطابع عدائي واستفزازي وعنصري ضد الشعب اللبناني بأسره ومقاومته المشروعة". وأضاف ان جوسبان وداليما "يعرفان جيداً ان الاحتلال الاسرائيلي في لبنان وفي كل الأراضي العربية أبشع انواع الإرهاب، وإن قتل المدنيين الأبرياء وضرب البنى التحتية جريمة دولية تعاقب عليها الشرائع"، معتبراً "ان تصريحاتهما المتميزة لأسباب انتخابية محلية، لا تسهم اطلاقاً في خدمة السياسة الخارجية لباريس وروما، على المستوى الدولي وعلى مستوى المساعي الهادفة الى تعزيز التعاون الأوروبي - العربي". وطالب باستيضاحهما الأمر، وبموقف من الاشتراكية الدولية عن الوضع في لبنان. وعلّق "حزب الله"، في بيان، على تصريح جوسبان بالقول "ان اللبنانيين والعرب شعوباً وحكومات فوجئوا بموقفه العنصري، حين اسبغ الشرعية على النازية الجديدة المتمثلة بالإرهاب الصهيوني في قتله الأطفال وتدميره المنشآت المدنية، ضارباً بعرض الحائط كل القيم الأخلاقية والأعراف الدولية وشرعة حقوق الإنسان التي تتغنى بها فرنسا". واعتبر ان جوسبان "تجاوز اللغة العنصرية التي عبّر عنها وزير الخارجية الاسرائيلية ديفيد ليفي ورئيس الحكومة الاسرائيلية إيهود باراك". ورأى "ان هذا الموقف يمثل انسلاخاً عن تاريخ فرنسا وتجربتها في مقاومة الاحتلال النازي". وسأل "اذا كانت المقاومة المشروعة عملاً ارهابياً كما ادعى، فماذا يقول عن مقاومة الشعب الفرنسي للإحتلال النازي؟ فهل هي مقاومة أم عمل إرهابي أيضاً؟". وتابع "ان فرنسا الشريك في تفاهم نيسان بفعل الإصرار اللبناني والسوري يجرّها هذا الموقف الى تغطية خرق التفاهم، بما يناقض تعهداتها والتزاماتها". وختم "ان هذا التصريح غير الأخلاقي ينسف السياسة الفرنسية ويبرهن ان جوسبان يقترف جريمة كبرى لإثبات أصوله اليهودية ولو أدى ذلك الى اصابة العلاقة الفرنسية - اللبنانية بأضرار كبيرة لا يمكن تعويضها، ما لم تسارع فرنسا الى مسح هذا العار الذي ألحقه رئيس حكومتها بالقيم الأخلاقية والإنسانية". واستغرب النائب علي الخليل موقف جوسبان لأنه "لا يعبّر عن السياسة الفرنسية حيال لبنان والمنطقة"، منذ تسلم الرئيس شيراك زمام الحكم و"يتناقض بالتالي مع الموقف الفرنسي الداعم للبنان في استعادة حقه المسلوب وتحرير ارضه من العدو"، داعياً الى تصحيحه. ورفض رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الإمام محمد مهدي شمس الدين تصريحات جوسبان ودانها، معتبراً انها "عدائية، وتصرف ضد دولة لبنان وشعبه وأطفاله". وقال "لا يجوز للحكومة اللبنانية ان تتعامل معه، ولا يمكنني ان أميّزه عن أي وزير اسرائيلي". ودعا القيادة الفرنسية الى "تصحيح الأمر فوراً بعيداً من عبارات المجاملة، لأن كلام جوسبان تحريض للإسرائيليين على قتلنا". وسأل نائبه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ عبدالأمير قبلان "كيف يسمح جوسبان لنفسه بألاّ يعترف بوجود مقاومة لبنانية، ويبرر ما أقدمت عليه إسرائيل من عدوان وارتكاب جرائم؟"، لافتاً الى "ان المقاومة انطلقت في فرنسا عندما غزاها النازيون". ورأى السيد محمد حسين فضل الله "ان اميركا وأوروبا لا تحسبان اي حساب للعرب وتعملان للضغط عليهم باسم حماية التسوية"، لافتاً الى "ان وحدة الموقف وصلابة القرار هما اساس القوة وهذا ما يجب على مؤتمر وزراء الخارجية العرب درسه". وأكد الرؤساء والأمناء العامون للأحزاب والقوى اللبنانية "ان الدعم العربي المعنوي والمادي للبنان لا يزال دون المستوى المطلوب، اذا اخذنا في الاعتبار الطاقات والقدرات العربية، خصوصاً ان لبنان يدافع عن كرامة العرب أجمعين". وأشاروا الى "ان التضامن العربي يقتضي إلغاء المعاهدات الموقّعة مع إسرائيل وقطع كل علاقات التطبيع معها". ودعوا، خلال اجتماع استثنائي، الى "عقد لقاء وطني تشارك فيه كل هيئات المجتمع وفاعلياته". وسأل حزب الوطنيين الأحرار المسؤولين الإسرائيليين "كيف يوفّقون بين سعيهم الى تحقيق سلام مع الدول العربية ومضيهم في اطلاق عنان غرائزهم ونياتهم العدوانية؟"، واصفاً لغتهم بأنها "استكبارية وتوتاليتارية المعالم". ورحّب بزيارات المسؤولين العرب للبنان وبانعقاد مجلس وزراء الخارجية العرب فيه، داعياً إياه الى "وضع خطة متابعة لتنفيذ القرارات المتخذة لئلا تظل حبراً على ورق أسوة بقرارات سبقتها".