كثرت التفسيرات والأقاويل حول اسباب احداث بداية العام 2000 في الضنية وبيروت وصيدا والبقاع. منهم من قال: "اسرائيل وراء هذه الاحداث لتُفهم المسيحيين ان اعتراضهم على توطين الفلسطينيين في لبنان سيؤدي الى تهجيرهم منه". ومنهم من قال: "سورية وراء الاحداث لتُفهم المشرفين على محادثات السلام والراغبين في انسحاب سورية من لبنان ان وجودها امر ضروري حفاظاً على المسيحيين فيه". ومنهم من قال: "ان الاصوليين وبن لادن حصراً وراء هذه الاحداث انتقاماً لما يجري في الشيشان". في الواقع ان المحللين لهذه الأسباب استندوا في تفسيراتهم الى عوامل يمكن ان تكون سبباً لما حدث: توطين الفلسطينيين في لبنان مشكلة تهم المسيحيين وتؤثر على لبنان ككل. وانسحاب السوريين من لبنان يهم المسيحيين ويؤثر على لبنان ككل. وتحرك الاصوليين في لبنان بسلاحهم يهم المسيحيين ويؤثر على لبنان ككل. لكن لماذا اصبح المسيحيون بهذا الوضع الذي يذكرهم أول ما يذكرهم بأحداث 1860 وما نتج عنها، وبأحداث 1969 وما تبعها من تهويل بتهجيرهم؟ بعد حوادث عام 1969 التي افتعلها الفلسطينيون. وحتى لا تتكرر احداث 1860 عمل المسيحيون للدفاع عن انفسهم والمحافظة على وجودهم بالتسلح والتدريب ونجحوا بإفشال مخطط تهجيرهم وأثبتوا وجودهم كقوة من الصعب تهجيرها. واستغلت سورية الحاجة الاميركية لموقفها من حرب الخليج لتسمح لها عام 1990 ان تدخل كل لبنان وتسيطر على سلطته، على ان يتم ضبط الوضع وجمع السلاح والانسحاب منه تدريجياً وتكون المرحلة الأولى عام 1992. لكنها خلال هذه المرحلة وحتى اليوم لم تنسحب شبراً واحداً، وبدل ان تجمع السلاح من كل اللبنانيين وغير اللبنانيين من دون تفرقة، جمعت السلاح من المسيحيين فقط .... نحن لا نطالب بإعادة تسليح المسيحيين للدفاع عن انفسهم أسوة بالآخرين، خصوصاً وان الجيش اللبناني قام بواجبه مشكوراً على اكمل وجه. ولكننا والسلام على قاب قوسين خصوصاً بين سورية واسرائيل، وحفاظاً على سلامة هذا الجيش من تفاعل الاحداث في داخله فيما لو تكررت، وحتى لا يتحمل الأهالي مرة اخرى نتائج الثورات وويلاتها، وحتى لا نقول تكراراً ما قاله بعض الاجانب ان اجهزة الأمن اللبنانية والسورية لم تقم بواجبها في ضبط هذا التحرك المسلح الكبير قبل تحرشه بالجيش وخطف احد ضباطه وقتله ...، نؤكد ان على سورية جمع السلاح من كل اللبنانيين وغير اللبنانيين الذين سمحت لهم ان يحتفظوا بسلاحهم او ان يتسلحوا مجدداً وبحضورها. نؤكد ان على سورية ان تعلن انها ستنسحب من لبنان في الوقت الذي ستنسحب منه اسرائيل لأن جيش لبنان قادر بعدها على مسك زمام أمور الأمن فيه. نؤكد ان فتيل الفتنة في الشرق الأوسط هو في لبنان، والسلام في الشرق الأوسط لا يتحقق الا بتحقيق السلام في لبنان. باريس - اللواء عصام أبو جمرة