} بدأت أوساط في التيار المحافظ في ايران التسويق لفكرة تولي شخصيات من غير رجال الدين أو ما يعرف ب"الأفندية" منصب الرئاسة الايرانية، وسربت هذه الأوساط أنباء تزعم ابلاغ الرئيس محمد خاتمي مقربين منه قراره عدم ترشيح نفسه للانتخابات. وفي المقابل ركز الاصلاحيون على التصعيد في ملف محاكمة المتهمين في عمليات الاغتيال السياسي اذ أعلنوا ان الملف سيبقى مفتوحاً إذا لم تكن المحاكمة علنية. واصل المحافظون في ايران ضغوطهم لاجبار الرئيس محمد خاتمي على عدم ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية المقررة في حزيران يونيو المقبل وبدأوا استخدام أسلوب جديد يركز على ان "رجال الدين ينبغي أن يبقوا بعيدين عن تولي مناصب اجرائية لأن الضرورة لذلك لم تعد موجودة". وتعمدت الصحافة المحافظة تسويق أفكار الدكتور علي مطهري نجل المفكر الكبير مرتضى مطهري الذي اغتيل في بداية الثورة على أيدي مجموعات معادية. ويدعو علي مطهري الرئيس محمد خاتمي الى عدم ترشيح نفسه "لأنه من أهل العلم والفضل ويكمن دوره في اعطاء النظريات من دون ان يتولى الأمور الاجرائية التي هي من وظائف رئيس الجمهورية". وليس هناك أي الزام في الدستور الايراني بأن يكون الرئيس أحد رجال الدين وتعاقب على هذا المنصب من غير رجال الدين الرئيس المعزول أبو الحسن بني صدر في العام 1981 والرئيس محمد علي رجائي الذي اغتيل في العام ذاته على أيدي منظمة "مجاهدي خلق". وبعد ذلك انتخب علي خامنئي رئيساً للجمهورية ليصبح أول رجل دين يتولى هذا المنصب. واللافت ان المحافظين كانوا حتى وقت قريب من المتمسكين بتولي رجال الدين زمام السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، إلا أن الانتخابات الرئاسية شهدت أكثر من مرة ترشح عدد من "الأفندية" مثل أحمد توكلي الذي نافس هاشمي رفسنجاني في انتخاب الأخير لولاية ثانية ورضا زوارئي الذي شارك في الانتخابات السابقة كمرشح لمنصب الرئاسة في العام 1997. وتزامن التوجه الجديد للمحافظين مع تسريبات من صحافتهم بأن خاتمي لن يخوض الانتخابات. وقالت اسبوعية "السياسة": "ان خاتمي أبلغ مقربيه في جبهة الاصلاحيين يوم الاثنين الماضي بأنه لن يقدم ترشيحه للرئاسة". وأضافت ان "الاتصالات بدأت من جانب الاصلاحيين لتحديد مرشحين آخرين بينهم رئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي" الذي كان تولى منصبه في عهد رئاسة خامنئي. وأوضحت مصادر مطلعة في التيار المحافظ ل"الحياة" ان بعض القوى الاصلاحية مثل منظمة مجاهدي الثورة الاسلامية دعت خاتمي الى عدم خوض الانتخابات الحالية وتسلم قيادة جبهة الاصلاحيين حتى موعد الانتخابات التالية في العام 2004 ليعود الى الرئاسة بقوة أكبر. ونفت منظمة مجاهدي الثورة هذه المعلومات وأكدت ان خاتمي هو المرشح الوحيد للاصلاحيين. الا ان محمد رضا خاتمي نائب رئيس البرلمان شقيق الرئيس أعلن قبل أقل من اسبوعين ان "جبهة الاصلاح ستختار مرشحاً جديداً إذا رفض الرئيس خاتمي خوض الانتخابات". وكان هذا الموقف أبرز اشارة الى تحضير الاصلاحيين أنفسهم لخيارات أخرى. وتبقى كل هذه المعطيات غير نهائيات لأن التطورات المقبلة حتى موعد الانتخابات هي التي ستحدد خيارات كافة الأطراف. لكن المؤكد ان سخونة المعركة تزداد ارتفاعاً يوماً بعد يوم مع اتخاذها شكل المواجهة في شأن ملفات أساسية عدة من أبرزها ملف عمليات الاغتيال التي طالت معارضين قوميين وليبراليين في العام 1998. وشدد الاصلاحيون على أن هذا الملف "سيبقى مفتوحاً ولن تستطيع المحاكمة الجارية حالياً للمتهمين الثمانية عشر اقفاله، لأنها محاكمة غير علنية". وجاء في بيان أصدرته هيئة التنسيق بين الأحزاب الاصلاحية "ان هذه المحاكمة غير العلنية توجه ضربة للمصالح القومية والوطنية، وتبقي على التساؤلات والابهام في أذهان الرأي العام في شأن وجود متورطين كبار". وكان القضاء أعلن ان سبب سرية المحاكمة يعود لقضايا أمنية. وامتنع اهالي الضحايا مع موكليهم عن حضور الجلسات اعتراضاً على اغفال بعض القضايا ومنها احتمال حصر المحاكمة في المتهمين الثمانية عشر وعدم ملاحقة أشخاص آخرين من وزارة الاستخبارات قد يكونون على علاقة بالاغتيالات واعطاء الأوامر في شأنها.